:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/10494

عن العرس الفلسطيني: الأهازيج والزغاريد (1)

2016-08-14

لا يقتصر العرس في بلاد الشام عمومًا، وفي فلسطين خصوصًا، على ليلة واحدة، يتم فيها لقاء العروسين، كما في الشطر الغربي من العالم، إنما يعتبر العرس برمّته سلسلة من الأيام والليالي لكل منها خاصّته وميزته، فمنها من يكون خالصًا للعروس، ومنها من يكون للعريس حصرًا.
ويبرزُ، مع هذا التنوّع في الأيّام والليالي، تنوّع آخر في الأهازيج والزغاريد التي تغنّيها النسوة والرجال في الأعراس على السواء، فتختص النساء، في الغالب الأعم من المرّات في الغناء أثناء "زيانة" العريس، "حمّامه"، واستقبال العروس.
>> الزيانة
وهي الليلة المخصّصة لتجهيز العريس لملاقاة العروس، وتكون، عادةً، عشيّة إحضار العروس إلى منزله، ويتم فيها حلاقه ذقنه ورسم الحنّاء على يديه، ولكل طقس من طقوس هذه الليلة أغنية خاصّة، درجت النساء على ترديدها، تبدأ باستقبال الضيوف بأهازيجَ وزغاريد خاصّة، تحيّي الضيف القادم، أو تدعو الجيران للمشاركة في الحفل، ومنها الأغنية التي تبدأ أم العريس (والتي تضطلع بدور هام في الأعراس الفلسطينيّة) بغنائها من أجل دعوة الأقارب والأحباب للمشاركة:
يا جملتي يا أحبابي تعو عندي هنّوني
غد الأفراح تيجيكو وآجي كما جيتوني
جيتوني على إجريكو باجيكو على عيوني
طلبت من الله يلّا تخلّي العريس يا عيوني
باب المدينة عالية وأشبّكها بإيديّي
خلّوا قليبي يفرح ياما بكت عينيّي
باب المدينة عالية واشبّكها بالخنصر
خلّو قليبي يفرح ياما بكى وتحسّر
باب المدينة عالية وأشبّكها بأصابعي
خلّوا قليبي يفرح ياما بكت مدامعي
وما أن يبدأ الحفل، تنشغل النسوة (في العرس القديم)، بإعداد الطعام للضيوف، ولا يقتصر الإعداد على نساء العائلة وقريبات العريس، إنما يتجاوز ذلك إلى الجارات وغيرهن، وحتى أثناء إعداد الطعام، تغنّي النسوة تارةً للعريس وتارةً أخرى لكرم العريس وأهله وفي أحيان أخرى للجيران، وأثناء الثورة الفلسطينيّة والثورات العربيّة، غنّت النسوة للثوّار والثورة، ومنها القول:
"مسيّكو بالخير يا شباب يا ملاحِ
ما تلعبوا إلا بروس الرماحِ
شو بدكو بعد العصر يا عويناتي؟
صيصان مقليّة بزيت الطفاحِ"
وزيت الطفاح هو الزيت الفلسطيني المعصور من خيرة الزيتون المحليّ، وعادة لا يخصّص للبيع، إنما لاستهلاك البيتي المحليّ لجودته أو للاستعمال الطبي، لأن لا مواد أخرى تدخل في استخراجه، ولا تقتصر مشاركة الزيت، بالطبع، على هذه الأغنية، بل تردّد النساء العديد من الزغاريد حول الزيت، الثمرة المباركة التي يوليها أهل الشاب أهميّة خاصّة، ومن تلك الزغاريد، القول:
"شجر الزيتون حامل،
والزيت بنقّط منّه،
فلان وحداني،
الله يخلّيه لإمُّه"
والقول، أيضًا، في تحيّة كبير العائلة أو البلد، أو لمن ضعف بعد شدّة:
"يا بيّ فلان مين قدّك ومين ندّك،
يا برج عالي ريت (ليت) البين ما هدّك،
ادرس عدوّك دريس الزيت عَ بدّك
رزقك على الله وما هو على عبدك"
وبالعودة إلى العريس، وفور انتهاء الضيوف من تناول الطعام، تحضّر النسوة عدّة "الحلاقة" على وقع الأغاني، وأهم تلك الأغاني، هي شحذ همم الضيفات للغناء:
"حمّوا زقفتكو يا بنات،
حمّوا زقفتكو يا لالا،
العقبال لاخوتكو يا بنات،
العقبال لاخوتكو يا لالا".
وعند بدأ الزيانة، تغنّي النسوة لكل من يتواجد في "الفرح"، وهي الإشارة الفلسطينية إلى أيّام العرس جميعها:
"احلق يا حلاق بالموس الذهبية،
تمهّل يا حلاق تاتيجي الأهليّة،
احلق يا حلاق بموسك الفضّة،
تمهّل يا حلاق زعلان تايرضى".
ومن الزغاريد التي تطلقها النساء للحلاق:
"يا عريس مدّ الكف وتحنّى
وحياة عميرك ما تجرح حدا منّا
وحياة عميري ما بجرح حدا منكو
وسيف أبوي اللي ع رقاب العدى غنّى".
وبعد ذلك، عند بدء "حنّة" (حناء) العريس، تغني النسوة له الأغنية الأشهر في التراث الفلسطيني:
"مد إيدك حنّيها يا عريس،
مدّ إيدك حنّيها يا لا لا،
ليلة وافرح فيها يا عريس،
ليلة وافرح فيها يا لا لا،
مدّ إيدك نتفة نتفة يا عريس،
مدّ إيدك نتفة نتفة يا لا لا،
شمعة ولا تنطفي يا عريس،
شمعة ولا تنطفي يا لا لا،
مدّ إيدك ولا تهتم يا عريس
مدّ إيدك ولا تهتم يا لا لا
حواليك أولاد العم يا عريس
حواليك أولاد العم يا لا لا"
ومن الأغاني الدارجة في أعراس فلسطين، أيضًا، أغنيتا "سبّل عيونه ومد إيده يحنّونه"، و "شيّعوله أولاد عمّه ييجولُه".