:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/11618

تحف خشبية تنطق بتاريخ فلسطين

2017-01-26

ينفض المواطن هشام كحيل (56 عاماً) بيديه، ما تبقى من نشارة الخشب، عن تحفة فنية جديدة صنعها من خشب "السرو الحلبي"، المميز بوجود بقع بنية اللون على مسافات متساوية حول الغصن عقب إزالة قشرته الخارجية. تلك التحفة الخشبية، المصنوعة بطريقة يدوية بالكامل، تأخذ شكل آنية فخارية كانت تستخدم قديماً لشرب الماء. وفي ورشة كحيل المتواضعة، الواقعة شرق مدينة غزة، توجد عشرات المجسمات الخشبية الصغيرة، بعضها متناه في الصغر، والتي تلفت أنظار الفلسطينيين، لندرتها في الأسواق المحلية. والورش التي تصنع المجسمات الخشبية من الخشب الطبيعي، محدودة جداً، في قطاع غزة. وبعد خبرة في مجال النجارة، عمرها نحو 40 عاماً، تمكن النجار كحيل من صناعة آلة يدوية، تدعى "المخرطة"، لصناعة هذه التحف والأشكال التي يريد. ويستخدم كحيل أداة "الإزميل"، لتشكيل القطع، أثناء صناعتها. ويقول للأناضول: "صناعة التحف الخشبية، في الغالب أصبحت آلية. استخدام الإزميل والمخرطة أمر ليس سهلاً". ومن خلال منتجاته، يحاول كحيل أن يُحيي التراث الفلسطيني، حسب قوله، عن طريق صناعة قطع زينة مختلفة الأحجام، على شكل أدوات كان يستخدمها أجداده الفلسطينيون قديماً في حياتهم اليومية. ومن بين قطع الزينة "المهباج" أو "الهون"، وهو عبارة عن وعاء خشبي مجوف، يوضع بداخله الحبوب، وبواسطة قطعة خشبية أخرى عمودية الشكل تتم عملية الطحن. ولدى بعض القبائل البدوية يستخدم المهباج، كأداة موسيقية (لقرع إيقاعات) أثناء أداء الأغاني. ويطلي كحيل منتجاته بألوان مختلفة، حسب طلب زبائنه، منها اللون البني أو الأسود، أو الطلاء الشفاف الذي يمنح المنتج لمعة واضحة. وأوضح كحيل أنه بدأ عمله كنجار وصانعٍ للأثاث بعد تخرجه من معهد مهني في العام 1976. وأضاف: "سوق صناعة الأثاث بغزة، أصبحت راكدة بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية للقطاع المحاصر، فاخترت مجال صناعة التحف والذي أحبه جداً". ويبدو واضحاً شغف ناحت الخشب وحبه لمشغولاته اليدوية، وهو يصنعها، وينجز أعماله بمتعة ملاحظة لمن يراه. ويقول: إنها تمنحه إحساساً بالسعادة أثناء إمساكه بالأخشاب الطبيعية وتشكيلها ونحتها يدوياً. واستدرك كحيل: "لا تحقق الصناعة الأوتوماتيكية إحساسي بالعشق للخشب، لكن مع آلتي اليدوية أشعر براحة كبيرة جداً". وتابع: "أنا أقدّر كل قطعة أملكها، لكل واحدة منها قصة بالنسبة لي، وربما استوحي أفكار صناعتها حسب مواقف أو مشاعر أعيشها بحياتي اليومية، وبعض القطع أطلق عليها أسماء أشخاص". ويستخدم ناحت الخشب، أخشاب الزيتون والحمضيات، والسرو الحلبي، واللوزيات، بعد حصوله عليها من جامعي الحطب. وتنال منتجات كحيل إعجاب العديد من المارة والزبائن. إلا أن حركة البيع والشراء ليست نشطة، "فليس كل من يقصد الدكان يرغب بشراء التحف"، حسب قوله. ويضيف: "الأوضاع الاقتصادية تحتم على أرباب الأسر بغزة توفير متطلبات الحياة أولاً، ثم الكماليات والزينة ثانياً". ويعرض كحيل منتجاته داخل منجرته بطريقة فنية جذابة، فعلى إحدى الجدران صنع أرفف صغيرة مستطيلة الشكل، مرتبة أسفل بعضها البعض، وتكفي مساحة كل واحدة منها لمنتج واحد فقط، أو ثلاثة منتجات من التحف الصغيرة للغاية. وتفرض إسرائيل حصاراً على قطاع غزة، منذ منتصف العام 2006، عقب فوز حركة "حماس" بالانتخابات البرلمانية، ثم شددته بعد سيطرة الحركة على القطاع منتصف العام 2007. وفي إحصائية أصدرها البنك الدولي، في أيلول 2016، قال: إن نسبة البطالة بلغت في غزة 43%، فيما وصل معدل الفقر إلى 60%.