:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/11974

الردّ الصاروخيّ على الصواريخ رفع الرهان على الحرب بالشمال

2017-03-19

ما زالت مفاعيل الردّ السوريّ على الهجوم الإسرائيليّ فجر يوم أوّل من أمس الجمعة، تُشغل الرأي العام في الدولة العبريّة، حيث رأى العديد من المُحللين في الإعلام العبريّ أنّ تل أبيب باعترافها بتنفيذ الهجوم أدخلها في أزمةٍ دبلوماسيّةٍ مع الرئيس الروسيّ، فلاديمير بوتن، مُعتبرين أنّ استدعاء سفير تل أبيب لوزارة الخارجيّة في موسكو هو خطوةً نادرةً، تحمل في طيّاتها التعبير الروسيّ عن الغضب والاستياء من تصرّف الحكومة الإسرائيليّة، خصوصًا أنّ الغارة نُفذّت بالقرب من مدينة تدمر التي قام الجيش العربيّ السوريّ بمساعدةٍ كثيفةٍ من الروس بتحريرها مؤخرًا من تنظيم “داعش” الإرهابيّ.
وفي هذا السياق، قال وصف رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق، إيهود باراك، إنّ نجاح عملية اعتراض الصاروخ الذي أطلق من الأراضي السورية باتجاه طائرات حربيّةٍ إسرائيليّةٍ نفذت سلسلة غارات في سورية، بالإنجاز التقنيّ غير العادي، وأنّه يضع إسرائيل في طليعة الدول من حيث قدرات منظومة الدفاع الصاروخيّ، على حدّ تعبيره. وتابع قائلاً إنّه وعلى الرغم من ذلك، وبعد الإمعان في التفكير، ربمّا كان من الأفضل عدم اعتراض الصاروخ السوري بصاروخ من طراز حيتس.
وبرأيه، كما أفادت صحيفة (هآرتس) فإنّ سقوط حطام الصاروخ في الأردن، اضطر إسرائيل للاعتراف، وللمرّة الأولى، بشنّ هجومٍ في سورية، وأعرب عن أمله في أنْ يتم استخلاص العبر. وشدّدّ باراك في سياق حديثه على أنّ الروس هم أصحاب البيت في سورية، وهم مَنْ يحفظ بقاء الرئيس الأسد في السلطة، لافتًا إلى أنّ الروس هم عامل استقرار في سورية، وأضاف أنّه يتحتّم على إسرائيل توطيد علاقاتها مع موسكو بخصوص الوضع في سوريّة.
في السياق عينه، نقل مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، اليوم الأحد، عن مسؤولين كبار في المنظومة السياسيّة والأمنيّة في تل أبيب قولهم إنّ التصعيد في الشمال وفي الجنوب، على الرغم من عدم وجود رابط بينهما، يؤكّد أنّ المُواجهة العسكريّة على الجبهتين قد أوشكت على الاندلاع، وأضاف أنّ السياسة الإسرائيليّة القاضية بتوجيه ضرباتٍ لسوريّة ولحماس، كانت وما زالت تهدف إلى عدم زجّ الطرفين في الحائط لدفعهما للردّ على قصفها، ولكنّ الهجوم في سوريّة أثبت أنّ صنّاع القرار في دمشق، نفذ صبرهم، كما أنّ حماس، التي تتعرّض للضربات بين الحين والآخر ستردّ عاجلاً أم آجلاً، وتحديدًا في شهر نيسان (أبريل) القادم بعد أنْ يتسلّم يحيى السنوار قيادة الحركة في غزّة.
ولفتت المصادر الإسرائيليّة أيضًا إلى أنّ امتناع حركة حماس عن الردّ على القصف الإسرائيليّ في الفترة الأخيرة ليس نابعًا من أنّ الحركة مرّت في عملية اعتدال سياسيّ، بل أنّ الأمر مردّه التغييرات في القيادة السياسيّة والعسكريّة المُقررة في الشهر القادم، لافتةً إلى أنّ قيادة الحركة، التي تتخّذ من قطر مقرًا لها، تضغط باتجاه عدم الانجرار وراء القصف الإسرائيلي والحفاظ على الانضباط.
وكشفت المصادر عينها النقاب، كما قال المُحلل فيشمان، أنّ إسرائيل لا تضرب في سوريّة فقط لمنع تسّرب الأسلحة المُتطورّة والكاسرة للتوازن والمُتقدّمة من سوريّة إلى حزب الله، إنمّا تهدف من وراء هذه الضربات توجيه رسالةٍ حادّة كالموس إلى صنّاع القرار في موسكو بأنّها لن تُوافق على أيّ حلٍّ سياسيٍّ في سوريّة بدونها، وهذا الهدف بحدّ ذاته، يؤكّد المؤكّد وهو أنّ زيارة نتنياهو الأخيرة إلى موسكو باءت بالفشل، إذْ أنّه لم يتمكّن من إقناع الرئيس الروسيّ بوتن بهذا الموقف الرسميّ الإسرائيليّ.
ولكن، أضافت المصادر، فإنّ الروس يُحافظون على رابطة جأشهم، ولكنّهم وصلوا إلى درجةٍ عاليةٍ من الغضب على إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أنْ يُعيق تحركّات سلاح الجوّ الإسرائيليّ فوق الأراضي السوريّة في الوقت القريب، كما أنّ هذا الغضب الروسيّ، شدّدّت المصادر الإسرائيليّة، من شأنه أنْ يؤثّر سلبًا على مساعيهم الحثيثة لحلّ الأزمة السوريّة بطرقٍ دبلوماسيّةٍ وسياسيّةٍ بعيدةٍ عن أرض المعركة.
وقالت المصادر أيضًا للصحيفة العبريّة إنّ لجوء الجيش الإسرائيليّ إلى استخدام منظومة الدفاع “حيتس3″ للمرّة الأولى هو بمثابة رفع الرهان الإسرائيليّ الموضوع على طاولة البوكر السوريّة، ومن الجهة الأخرى، فإنّ هذه الخطوة الإستراتيجيّة من طرف الجيش تُقرّب خطوة أخرى المُواجهة العسكريّة في الشمال، على حدّ تعبير المصادر عينها.
وبرأي المصادر، أضاف المُحلل فيشمان، فإنّ الاعتراف الإسرائيليّ بتنفيذ الهجوم في سوريّة وضعها عاليًا على الشجرة ومن الصعب جدًا عليها أنْ تجد الطريق للنزول من على الشجرة، وننفس الأمر ينسحب على الجيش السوريّ، الذي اعتلى هو الآخر قمّة الشجرة، ولا توجد دلائل أوْ مؤشّرات على أنّه يُريد النزول عن الشجرة، الأمر الذي يُعقّد الأوضاع على الجبهة الشماليّة، على حدّ قولها.