:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/13039

عملية الحرم خطيرة جداً: دور الاستخبارات-معاريف

2017-07-17

العملية التي نفذها ثلاثة شبان من ام الفحم، يوم الجمعة، في الحرم خطيرة جداً من عدة جوانب: فقد نفذها مواطنون عرب اسرائيليون بسلاح ناري، في المكان الاكثر حساسية في الشرق الاوسط، كما نجحا في قتل شرطيين اثنين.
رد أفراد الشرطة، الذين كانوا في الميدان بشكل مصمم، وصفوا التهديد بسرعة، وحان الآن دور الاستخبارات. في هذا المجال يجب أن تتم عدة خطوات فورية. الاولى هي تشخيص شبكة محتملة وقفت خلف العملية، اذا كانت توجد شبكة كهذه. في هذا الموضوع من المعقول الافتراض بانه تكفي المخابرات ساعات قليلة كي تعرف اذا كان هذا تنظيما محليا آنيا عمل بقرار ذاتي أم ان هذه شبكة تنظيمية لها مساعدون وداعمون آخرون. اذا كانت الامكانية الثانية صحيحة، فستجرى اعتقالات فورية، وستؤدي التحقيقات الى فهم خلفية تنفيذ العملية.
أما الخطوة الثانية فهي التحقيق العميق في المعلومات الاستخبارية التي سبقت العملية وفهم الامكانيات التي كانت أم لم تكن لاحباطها قبل الاوان. لدى المخابرات ادوات استخبارية عديدة، من خلالها تجمع المعلومات وتشخص التهديدات الشاذة والنوايا للعمليات قبل تحققها. وهكذا عمليا يتاح احباط معظم العمليات التي تخطط في اسرائيل. اضافة الى ذلك، فالمعلومات الاستخبارية غير كاملة، ولا تنجح في معرفة كل المؤشرات الأولية، واحيانا لا تكون مؤشرات كهذه على الاطلاق. فاذا تبين أن هذه خلية محلية عملت بدون مساعدين او استعدادات مسبقة فانه لم يكن على اي حال قدرة للاستخبارات لتحبط العملية.
خطوة اخرى ستتم هي تحليل الحراسة في الحرم، واعادة النظر في مدى التفتيش وحجمه في الطوق الذي يحيط المنطقة الحساسة. يمكن ظاهرا منع وصول مواطنين مسلحين الى مقربة من مجال الحرم من خلال نصب حواجز وتفتيشات الكترونية. ليس مؤكداً على الاطلاق أن مثل هذه الخطوة ستمنع تنفيذ العمليات. الفرق الوحيد هو ان من يقرر تنفيذ عملية سينفذها ضد افراد الشرطة في نقاط التفتيش البعيدة بدلا من ان ينفذها في الحرم نفسه. من جهة اخرى فان ميزة هذا هو ان العمليات تكون بعيدة عن منطقة الحرم الحساسة جدا.
كما أن الاستخبارات ستفحص خلفية منفذي العملية – العلاقات العائلة، علاقات مع الحركة الاسلامية، علاقات محتملة مع منظمات ارهابية اخرى، أو إلهام تلقوه من مواقع الجهاد العالمي مثل «داعش» او «القاعدة».
ولكن اذا تبين أن هذه خلية محلية وليست منظمة، فان هذه حالة لا تختلف عن مئات العمليات التي سبقتها في القدس بخاصة وفي اسرائيل بعامة، لـ»ارهابيين» أفراد يقررون تنفيذ عملية انطلاقا من إحباط شخصي او تحريض ديني وقومي. في هذا السياق لا يهم ايضا اذا كان المنفذون هم عرب اسرائيليون ام فلسطينيون. فالنتيجة واحدة، الخلفية واحدة والنشاط الاستخباري والعملياتي المطلوب قبلها وبعدها واحد.
يجدر بالذكر ان السلاح الرسمي والمصنع محليا موجود بكميات كبيرة جدا في اوساط «عرب اسرائيل». لا حاجة لاستعداد خاص او بنية تنظيمية للحصول على بندقية كارل غوستاف وتنفيذ عملية بوساطتها. ولكن اهم من ذلك هو أن نفهم مدى تأثير الايديولوجيا «المتطرفة» للحركة الاسلامية على «المخربين» الثلاثة – ايديولوجيا كاذبة تعمل بلا توقف على تحريض الجمهور العربي في اسرائيل في ظل الادعاء بان اسرائيل تحاول السيطرة على الأقصى.
تصرفت الشرطة على نحو سليم حين أغلقت الحرم فورا. من الصحيح ايضا نشر كل التفاصيل المتعلقة بالموضوع، وذلك من اجل البث للعالم الاسلامي كله بان الحديث يدور عن ثلاثة عرب مسلمين اختاروا تنفيذ عملية في الحرم ومنع انتشار الشائعات عن قتل مدنيين مسلمين ابرياء زعما على ايدي افراد الشرطة، ما سيؤدي الى اندلاع اضطرابات في اسرائيل وفي ارجاء الضفة الغربية.
من الجهة الاخرى ينبغي التطلع إلى إعادة الحياة العادية الى الحرم في أقرب وقت ممكن منعاً للادعاءات بنية اسرائيل تغيير الوضع الراهن في ظل استغلال العملية لهذا الغرض. لا مجال لتغيير السياسة الأمنية في الحرم تحت اضطرار عملية من هذا النوع. ينبغي لهذه المداولات ان تجري بين الدول في اطار المفاوضات الشاملة في موضوع القدس والأماكن المقدسة.
بضع كلمات عن «عرب اسرائيل». ينبغي ان نتذكر بان أقلية صغيرة فقط من بينهم تشارك في «الارهاب»، او تؤيد عمليات كهذه. ففي السنوات الاخيرة طرأ انخفاض دراماتيكي على حجم العمليات التي نفذها عرب اسرائيليون. من 19 عملية كهذه نفذت في 2014 الى 7 في العام الماضي و3 عمليات نفذت حتى الآن هذه السنة، بما فيها العملية الأخيرة. كما تجري المخابرات متابعة مكثفة لمؤيدي «داعش» من بين «عرب اسرائيل»، وفي السنة الاخيرة فقط اعتقل وخضع للتحقيق 33 عربيا اسرائيليا، بما في ذلك من شرقي القدس، على اشتباه كهذا. وفي السنة الماضية اعتقل 65 عربيا اسرائيليا، بينهم من هم من شرقي القدس من مؤيدي «داعش»، وفي السنة التي سبقتها اعتقل 44 مشبوها.
تثبت المعطيات من جهة بان تهديد «داعش» والتحريض الديني لا يزالان موجودين كل الوقت. ومن جهة اخرى، تنجح المخابرات في احباط الاغلبية الساحقة من الشبكات والتنظيمات منذ المراحل الاولى وحتى قبل ان تنضج لدرجة تنفيذ عمليات. العملية الأخيرة لا تغير صورة الوضع في اسرائيل، رغم النتيجة القاسية. هي تجسد فقط جيدا الحاجة الى مواصلة «الارهاب» القتل بكل ثمن، بكل سبيل، وفي كل مكان.
*خبير في الاستخبارات والإرهاب وكان نائباً لرئيس قسم في المخابرات.