:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/15062

عودة إلى «الأصول» إحياء حق العودة- عبد العال الباقوري

2018-04-16

هل يمكن أن تعيد "مسيرة العودة" قضية الصراع العربي- الصهيوني إلي أصولها وجذورها الأساسية التي كانت عليها إلي ما قبل أكثر من خمسين عاماً؟.. هل تعيد هذه المسيرة- التي بدأت في 30 مارس الماضي ذكري يوم الأرض وتستمر وتتصاعد إلي 15 مايو المقبل ذكري يوم النكبة- قضية فلسطين لتقف علي قدميها. بعد أن وقفت علي رأسها منذ الهزيمة العربية المرة في يونيو 1967؟ جواب ذلك لايزال مبكراً. إذ لاتزال المسيرة في بداياتها التي شهدت ارتقاء حوالي 30 شهيداً وأكثر من 2000 جريح والتي خلقت ردود فعل "مؤثرة" في داخل الكيان الصهيوني. في حين لم تمتد آثارها بعد إلي الدول العربية "الشقيقة".
"الأصول" أو الحقائق الأساسية بتعبير الزعيم جمال عبدالناصر في رسالته إلي الرئيس الأمريكي ليندون جونسون في 2 يونيو 1967 في فلسطين هي:
- حقوق شعب فلسطين وهي في نظرنا أهم حقيقة ينبغي الاعتراف بها. لقد استطاعت القوة المسلحة المعتدية أن تطرد الشعب من وطنه وتحوله إلي لاجئين علي حدود هذا الوطن. وتقف قوي السيطرة والعدوان اليوم حائلاً دون حقهم الثابت في العودة إليه والعيش فيه رغم قرارات الأمم المتحدة.
- موقف إسرائيل إزاء اتفاقات الهدنة. وهو موقف لا يتمثل في مجرد انتهاك مستمر لأحكام هذه الاتفاقات بل وصل إلي حد إنكار وجودها أو الالتزام بها بل وإلي احتلال المناطق المجردة من السلاح.
باختصار. كانت أصول القضية- حتي الخامس من يونيو 1967- هي: حقوق اللاجئين والالتزام باتفاقات الهدنة.. فلما وقع العدوان وحدثت الهزيمة المرة توارت هذه الأصول ودخلت المفاوضات والمباحثات في قضايا ثانوية أخري مثل المفاوضات المباشرة. وإنهاء حالة الحرب والاتفاقات المنفردة.. وعلي الرغم من استمرار الأمم المتحدة في الاعتراف بالحقوق الثابتة والأصيلة لشعب فلسطين والتي لا يجوز التنازل عنها. بل والإشارة أحيانا إلي "حق العودة" إلا أن هذا ظل حبراً علي ورق وتحولت "الأصول" نفسها إلي قضايا فرعية أو هامشية.. وندر أن تحولت إلي بند أساسي في أي اتصالات أو مفاوضات عربية- إسرائيلية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي بشكل خاص.. وإن بقيت هذه الأصول "بنداً فنياً" في الوثائق الفلسطينية.. بما في ذلك وثائق منظمة التحرير الفلسطينية.. منذ انشائها أو وثائق أو مواثيق الفصائل المختلفة.. ولم يخف الصهاينة والإسرائيليون رهانهم علي عنصر الزمن كي تموت القضية وتدفن الحقوق فقالوا إن الكبار من الفلسطينيين سيرحلون وأما الشباب فسينسون.. وتجاهلوا أن ذاكرة الشعوب خاصة المضطهدة والمسلوبة حقوقها أقوي من أي رهانات فما ضاع حق وراءه مطالب.. والبنود الميتة في الأوراق والوثائق والمباحثات يمكن أن تدب فيها الحياة مرة أخري.. فهل هذا مما تشير إليه "مسيرة العودة" أو ستكون مجرد "وصية" مؤقتة؟.. إنها لاتزال في بداياتها. ويكفي إلقاء نظرة عابرة- وليست مدققة- علي صداها في داخل الكيان الصهيوني.. فمثلاً دعت "منظمة بتسليم" أي "مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان في الأراضي المحتلة" الجنود الإسرائيليين علي الحدود مع قطاع غزة إلي رفض إطلاق النار علي "متظاهرين غير مسلحين" ووصفت هذا بأنه "غير قانوني وأن الأوامر لتنفيذه غير قانونية علي نحو واضح".. وقادت هذه المنظمة حملة تحت عنوان "آسف أيها القائد أنا لا أطلق النيران".. وصف جلعاد أردان وزير الداخلية الإسرائيلي "بتسليم" بأنهم "كذابون ومؤيدون للإرهاب" ووصف دعوتها بأنها "سكين في ظهر" سكان الحدود مع غزة.. أما صحيفة "هاآرتس" فوصفت في افتتاحية الخامس من أبريل الحالي موقف وزير الجيش الإسرائيلي ليبرمان بأن كل من يقترب من الجدار- بين غزة وإسرائيل- يعرض حياته للخطر. بأنه "سلوك غير أخلاقي وغير انساني وغير قانوني".
ورداً علي المسيرة السلمية راحت إسرائيل تهدد بعمل عسكري فهي لا تتحمل استمرار المظاهرات الواسعة النطاق والتي يسقط فيها شهداء ومصابون والتي بدأت تثير اهتمام بل وإدانة من جانب دول ومنظمات مختلفة وأصبحت إسرائيل تسعي إلي وقف هذه المسيرة قبل أن تتصاعد وقد اعترف أحد قادة الجيش الإسرائيلي في تصريح صحفي بأن إسرائيل لا يمكنها أن تنتصر في مثل هذه المواجهة "يمكنها فقط أن لا تخسر".. ولم يكن مثل هذا النوع من المواجهة غائبا عن التقديرات الإسرائيلية. فتقرير "مراقب الدولة" في العام الماضي تضمن تحذيرات لقيادات في الشرطة بأن الجيش غير قادر علي التعامل مع المتظاهرين وأنه سيلجأ بالضرورة إلي القتل. وهذا ما حدث وأثار معارضة في داخل إسرائيل نفسها التي أصبحت قيادتها حريصة علي وقف "مسيرة العودة" اليوم قبل الغد. وهي تسلك إلي ذلك وسائل متعددة. وهي تسعي جاهدة لضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية. وهذا ما يجب أن تتنبه له القيادة الفلسطينية وقيادة المسيرة التي يجب ان تستعيد دروس النضال الوطني الفلسطيني خاصة من ثورة 1936 إلي الانتفاضة الأولي..