:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/15227

ستة رجال شرطة وطفل-هآرتس

2018-05-08

لكل المحتجين («يوجد حكم»، مثلا) بأن شرطة إسرائيل في لواء يهودا والسامرة لا تعمل من أجل إلقاء القبض على المجرمين مثل من يقطعون أشجار الزيتون ومن يهاجمون الرعاة الفلسطينيين ومن يطلقون النار في الهواء ومن يثقبون الاطارات ويشعلون الحرائق في المساجد: نعلمكم بأن شرطتنا الآن مشغولة جداً بـ «نشاطات سرية وعلنية من أجل إلقاء القبض على المتهمين المخربين والمتسببين بالاضرار للمواقع الاثرية في منطقة الخليل»، قالت المتحدثة بلسان الشرطة.
هاكم الاثبات: في 30 نيسان/أبريل شارك ستة رجال من الشرطة في مطاردة متهمين بالقيام بمخالفة شديدة: انزال لافتات أٌلصقت عليها اوراق «إي 4». تم نزع بعض الاوراق واللافتات - يبدو اثنتان - التي برزت بالبياض الاصطناعي على الارض الحمراء الصخرية. «رافقتكم السلامة، سوسيا»، كتب على احدى اللافتات، وعلى الثانية كتب «بئر ماء».
في الشرطة قالوا للصحيفة إنه «على ضوء عدد عمليات التخريب للموقع الاثري في سوسيا في جنوب جبل الخليل، استعدت الشرطة لنشاطات في المنطقة بهدف القاء القبض على متهمين بما حدث». لم يتم اعطاء تفاصيل عن الاضرار.
المطاردة الشجاعة جرت وراء طفل عمره عشر سنوات ونصف. ونواصل بما جاء في موقع الجمعية الاثرية «غور يستحق» عن الموقع الاثري: خلال مئات من السنين وحتى منتصف الثمانينيات من القرن العشرين «عاش فيه بضع مئات من السكان الفلسطينيين. هذا المجتمع اعتمد على الرعي والسكان عاشوا في مغر طبيعية وصناعية، التي حفر جزء منها قبل آلاف ومئات السنين. جزئيا عاش هذا التجمع حياة تنقل، وتم طرده من اماكن سكنه بأمر عسكري ادعى أن سوسيا هي موقع اثري ويجب عدم العيش في اراضيها». في بداية السبعينيات تم العثور اثناء الحفريات على كنيس، وبعد ذلك تم الكشف عن عدد من المباني السكنية والمنشآت الصناعية والزراعية. والتقدير هو أن هذا التجمع الذي انشيء في القرن الثاني قبل الميلاد كان في بدايته آدومياً وسكانه تهودوا وتبنوا تدريجيا التقاليد اليهودية. في نهاية القرن التاسع تم بناء مسجد في ساحة الكنيس. ولكن في حينه أيضاً تم تقليص مساحة القرية إلى أن تم هجرها تماما.
القرية تم تجديدها بين القرن الحادي عشر والثالث عشر واعتمدت على الرعي والقليل من الزراعة، واستمرت في الوجود نحو 500 سنة إلى أن جاء أمر مصادرة عسكري لـ 277 دونماً، وقام جنود ينفذون الاوامر بطرد السكان الفلسطينيين منها في العام 1986. بالمناسبة، الحفريات نفسها هي في منطقة تقل مساحتها عن العشرين دونم.
السكان المطرودون عاشوا في مغر أخرى في أراضيهم الزراعية المفتوحة. وقد تم طردهم مرة تلو أخرى، وآبار المياه القديمة لهم تم تدميرها مع الاسطبلات والاحواش، لكنهم عادوا مرة تلو الاخرى. الآن يطالبون سلطات الاحتلال الإسرائيلية بما هو مفهوم ضمنا: وافقوا على المخطط التفصيلي الذي قمنا بإعداده واسمحوا لنا ببناء قرية منظمة على أراضينا تكون مناسبة لنمط حياتنا. السلطات رفضت، ومستوطنة سوسيا (التي أقيمت في 1983) تريد التوسع.
بدون هذه الخلفية لا يمكن فهم المطاردة التي قام بها ستة رجال من الشرطة الإسرائيلية. في يوم الاثنين الماضي في الساعة الحادية عشرة ظهراً تقريبا شوهد شابان إسرائيليان يرتديان ملابس سوداء وهما يطاردان أ. الذي كان يركض نحو بيت الصفيح الذي هو بيت عائلته. دخل إلى المطبخ وهناك التصق بوالدته، هيام نواجعة، وهو يرتجف ويصرخ: «المستوطنون يطاردونني»، قال الطفل. أحد هؤلاء الشباب دخل إلى المبنى السكني البسيط وانتزع الطفل من بين ذراعي أمه. والشاب الآخر وقف على المدخل ومنع النساء من الدخول والدفاع عن صديقتهم وابنها. رجال الشرطة قاموا باجلاس الطفل المولود في آب/أغسطس 2007 على أريكة خارج المبنى، وأحدهم وقف لحراسته. في الوقت الذي دخل فيه شرطي آخر إلى بيت الصفيح وقام بتفتيش الخزائن. الأخت زهرة اختبأت تحت السرير، وديانا اختبأت في مكان آخر. هما وأولاد آخرون ممن شاهدوا ما يحدث قاموا بالبكاء الشديد الذي فاجأ الآباء، حيث أنهم خبروا هجمات عنيفة لجرافات الادارة المدنية والجنود. شرطي ثالث بالملابس السوداء ظهر فجأة ليزيد الذهول.
الأب نصر كان في قرية مجاورة، وقد تم استدعاؤه للمجيء. في مفترق الطرق وجد ثلاثة من رجال الشرطة: اثنان مسلحان بالبنادق ويرتدون الزي العسكري، وفهم منهما بوجود رجال مخابرات قرب بيته. ركض نحو البيت وشارك في النقاش الذي جرى بين البالغين ورجال الشرطة. «هل يحق لكم اعتقال طفل عمره عشر سنوات؟» سأل. وأجاب أحد رجال الشرطة «لقد تم إلقاء القبض على ابنك بسبب مخالفة التسبب بضرر». وورد من الشرطة لهآرتس: «أثناء نشاط رجال الشرطة شاهدوا عدداً من الشباب الذين يقومون بالتخريب. وبعد مطاردة مشيا على الاقدام تم توقيف متهمين في المنطقة. وعندما تبين عمر المتهمين تم اطلاق سراحهما واستدعي آباؤهم للحديث معهم في الشرطة». بالمناسبة، الوالدان نصر وهيام لم يستدعيا إلى الشرطة.
المحامية غافي لسكي قالت إن الامر يتعلق باعتقال عادي لطفل تحت عمر المسؤولية الجنائية. «على لا شيء، هم ايضا دخلوا البيت وقاموا بالتفتيش بصورة مخالفة للقانون. هم سيقولون إنه في المناطق لا يوجد إلزام باظهار أمر تفتيش، وأنا أرفض هذا الادعاء. على كل حال يجب أن تكون علاقة بين المخالفة الظاهرية وبين التفتيش، لكن لم تكن هناك أي علاقة».
هذا الامر بدا للمحامية «استمراراً لمضايقة العائلات في سوسيا وتخويف القاصرين، سواء بالتنسيق مع المستوطنين أو بتوجيه منهم أو من اجل ارضائهم».
الطفل أ. هو حفيد وإبن لمواليد ومطرودي قرية سوسيا الاصلية.