:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/16511

«سييرت متكال» الإسرائيلية: جمع المعلومات وتنفيذ الاغتيالات

2018-07-17

عكس اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية بالإعلان، أمس الإثنين، عن تعيين قائد جديد لوحدة "سييرت متكال" أو "سرية الأركان"، إحدى أهم الوحدات العسكرية الخاصة على الإطلاق، طابع الأدوار بالغة الخطورة والتأثير التي تقوم بها هذه الوحدة ضمن الجهد الحربي والاستخباري الإسرائيلي. وتعد "سييرت متكال" إحدى الوحدات التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، وتخضع مباشرة لتعليمات قائد الشعبة.
وعلى الرغم من أن الوحدة اشتهرت بشكل خاص بتنفيذ عدد من عمليات الاغتيال التي أثرت في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أن انتسابها لشعبة الاستخبارات العسكرية مؤشر على أن طابع مهامها الرئيس متمثل في تنفيذ عمليات خارج الحدود بهدف جمع معلومات استخبارية عن الدول والأطراف المتحاربة مع إسرائيل، إلى جانب تنفيذ عمليات ميدانية تحسن من قدرة جيش الاحتلال على جمع هذه المعلومات.
ففي الكتاب الذي نُشر أخيراً ووثّق فيه لسيرته الذاتية، كشف رئيس الوزراء، وزير الأمن، رئيس هيئة أركان الجيش الأسبق إيهود باراك، النقاب عن أنه عندما كان ضابطاً وقائداً للوحدة نفذ عدداً من العمليات الاستخبارية التي تركت تأثيراً استراتيجياً على مسار المواجهة مع مصر تحديداً. وروى باراك أنه "في أعقاب حرب 1973 تمكنت الوحدة من اختراق شبكة الاتصالات التي يستخدمها الجيش المصري بشكل مكّن إسرائيل من التعرف على طابع التعليمات التي تصدر عن المستويات القيادية المصرية، إلى جانب اختراق شبكة الهواتف المدنية المصرية".وفي كتابه "سيد الاستخبارات"، والذي تناول السيرة الذاتية لأهارون ياريف، الذي تولى قيادة شعبة استخبارات الجيش "أمان" عشية حرب 1967، أشار قائد لواء الأبحاث الأسبق في "أمان" الجنرال عاموس جلبوع، إلى أنه "بناء على تعليمات ياريف، قامت سييرت متكال بالتسلل إلى مؤسسات حساسة في مصر وزرع أجهزة تنصت ورصد، مكنت إسرائيل من الاطلاع على النوايا المصرية، وهو ما ساهم، ضمن أمور أخرى، في تحسين قدرة إسرائيل على الحصول على تغطية استخبارية عن الواقع السياسي والأمني في مصر".
إلى جانب ذلك، فإن الكثير من العمليات ذات الطابع الاستراتيجي التي نفذتها إسرائيل استندت إلى معلومات جمعتها "سييرت متكال". فعلى سبيل المثال، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية وغربية أن "عناصر من سييرت متكال نُقلوا جواً إلى منطقة دير الزور السورية، في صيف 2007، وتمكنوا من جمع قرائن في محيط المنشأة البحثية العسكرية السورية في تلك المنطقة دلت على أن "نشاطها ذو طابع نووي"، وعلى أساس هذه المعلومات، أمر رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت بقصف المنشأة في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه.
إلى جانب ذلك، فإن الوحدة تولّت مهام التسلل إلى لبنان لزرع أجهزة التنصت والرصد على قمم الجبال في محيط القرى التي تشهد أنشطة لحزب الله، والتي تمكن الحزب والقوى الأمنية اللبنانية من كشف وتفكيك بعضها.وعلى الرغم من أن غطاء من السرية يحيط أنشطة هذه الوحدة، إلا أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي السابق بني غانز، قال قبل 4 أعوام في حفل منح فيه الوحدة "وساماً" بسبب طابع العمليات التي تنفذها، إن "هذه الوحدة تنفذ مئات العمليات سنوياً خارج الحدود".
وإلى جانب جمع المعلومات الاستخبارية، فإن الوحدة التي يخضع المنتسبون إليها لتدريبات وأنشطة تأهيل بالغة القسوة، مسؤولة عن تنفيذ عمليات اغتيال خارج الحدود. فعلى سبيل المثال، نفّذت الوحدة جميع عمليات الاغتيال التي طاولت قادة وكوادر منظمة التحرير في بيروت في مطلع سبعينيات القرن الماضي، وقاد هذه العمليات باراك بنفسه. كما قاد وزير الحرب السابق موشيه يعلون عندما كان على رأس الوحدة عملية اغتيال خليل الوزير، الرجل الثاني في حركة "فتح"، في منزله في تونس عام 1988.إلى جانب ذلك، أدت الوحدة الدور الرئيسي في العمليات الهادفة إلى إفشال عمليات الاختطاف التي تعرضت لها الطائرات الإسرائيلية، وعلى رأسها عملية عنتيبي في أوغندا عام 1976، والتي استهدفت تحرير ركاب طائرة إسرائيلية اختطفها عناصر من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وقد قتل في هذه العملية يوني نتنياهو، شقيق رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، والذي كان الرجل الثاني في الوحدة.
ونفذت الوحدة عدداً من عمليات الاختطاف، وعلى رأسها اختطاف القيادي في حزب الله عبد الكريم عبيد، عام 1989، والقيادي السابق في حركة أمل مصطفى ديراني، عام 1994، واللذين أطلق سراحهما في عملية تبادل أسرى عام 2004.
وفي كثير من الأحيان يتم استقطاب ضباط هذه الوحدة للعمل في أجهزة استخبارية مهمة. فوزير الأمن الداخلي الأسبق ورئيس لجنة الخارجية والأمن الحالي الليكودي آفي ديختر، خدم في الوحدة قبل انتقاله لجهاز الاستخبارات الداخلية "الشاباك"، الذي أصبح في ما بعد رئيساً له.العمليات التي تقوم بها الوحدة لا تعني أنها لم تتعرض للفشل والإخفاق بتاريخها، وعلى رأسها مخطط اغتيال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الذي أمر بإعداده رئيس الحكومة الأسبق إسحاق شامير، رداً على قيام العراق بإطلاق صواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي خلال حرب 1991.ففي التدريبات التي أجرتها الوحدة في قاعدة "تسئيليم" في صحراء النقب عام 1991، قتل خمسة من ضباط الوحدة أثناء انطلاق قذيفة بطريق الخطأ، ما أفضى إلى صدور قرار بإلغاء المخطط. وقد فشلت الوحدة عام 1995 في تحرير الجندي نحشون فاكسمان، الذي اختطفته وحدة تابعة لـ"كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، واحتجز في بلدة بيت نبالا بالقرب من القدس المحتلة، حيث قتل فاكسمان وقائد سرية من الوحدة في العملية الفاشلة.
وعلى الرغم من أن الوحدة لا تزال تضطلع بأدوار رئيسة في الجهد الحربي والعملياتي والاستخباري الإسرائيلي، إلا أن توظيف السايبر في جمع المعلومات الاستخبارية وتدشين وحدات متخصصة تتبع وحدة التنصت الإلكتروني المعروفة بـ"وحدة 8200" أفضى إلى حدوث تراجع في دور "سييرت متكال" في مجال جمع المعلومات الاستخبارية. إلى جانب أن بعض الوحدات الخاصة باتت تنافس "سييرت متكال" في تنفيذ عملياتها خارج الحدود، ولا سيما الوحدة الخاصة لسلاح البحرية، المعروفة بـ"الوحدة 13".
وعلى الرغم من التراجع في دورها، إلا أن الخدمة في صفوف هذه الوحدة تحسن من قدرة خريجيها على التنافس على مواطن التأثير السياسي. فعدد من قادتها وعناصرها تبوأوا مواقع سياسية مهمة. فإلى جانب باراك ويعلون وديختر، فإن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو خدم كضابط في هذه الوحدة، علاوة على أن وزير التعليم نفتالي بينيت عادة ما يتباهى بخدمته في صفوفها، كما تولى وزير المواصلات الأسبق أمنون لبكين شاحاك قيادة الوحدة.