:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/16889

لا يُحترَم إلا الأقوياء.. - هآرتس

2018-09-13

على خلفية عدم التقدم في الاتصالات للتسهيل من الحصار بغزة، وتحقيق هدوء بعيد المدى، استؤنفت التظاهرات قرب جدار الحدود مع إسرائيل، ومعها استؤنف أيضاً العنف والقتل، ومن المتوقع أن تشتد مع وقف تمويل الولايات المتحدة لوكالة الأونروا. وتتضمن التقارير الأخيرة كل الوجبات في قائمة التصعيد: أطلق سلاح البحرية النار على أسطول احتجاجي؛ حيث كان آلاف الفلسطينيين يتظاهرون في قاطع الشاطئ؛ فلسطينيون حاولوا اجتياز الجدار واعتقلهم الجيش الإسرائيلي؛ هاجمت طائرات للجيش الإسرائيلي خلية أطلقت بالونات حارقة، ونشبت حرائق في غلاف غزة؛ عشرات الجرحى، ثلاثة فتيان قتلى، بينهم فتى ظهر في الشريط يلوّح بيديه قبل أن تطلق النار عليه. دون تسوية سياسية تضمن مصادر الدخل، الكهرباء، الوقود وخطة إعمار، فإن جولة الاحتجاج هذه هي مجرد المقدمة لجولة أخرى من الهجمات، التظاهرات، والصواريخ.
الذريعة للتظاهرات هي الاحتجاج على سلوك ترامب ضد الفلسطينيين. غير أن الأسباب لاستئناف الاحتجاج أكثر تعقيداً. "فعلى مدى 12 سنة نحن في حصار، وأطفالنا لم يتلقوا الأدوية والعلاجات للسرطان، والعالم لم يتدخل"، قال، هذا الأسبوع، زعيم "حماس"، في القطاع، يحيى السنوار. "في أعقاب مسيرات العودة والضغط الناشئ وصل الوسطاء عدة مرات في اليوم". ولكن ما أن هدأ الاحتجاج حتى قلّ الضغط الدولي. وعلى حد قول السنوار فإن مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الاوسط، الذي التقى مع مسؤولي "حماس" مرتين في اليوم أثناء المسيرات، لم يجد من الصواب أن يزور القطاع في الأسابيع الثلاثة الأخيرة.
الموقف الإسرائيلي البارد تجاه محمود عباس المعتدل، واستعدادها للنظر في تسوية طويلة مع قيادة "حماس" في غزة رداً على العنف فقط، يوجه رسالة لا لبس فيها: لا تستجيب إسرائيل إلا للقوة، ودون ضغط عليها لن يكون تحسن في الوضع. عملياً، ليس هذا مجرد استنتاج يستخلص من السلوك الإسرائيلي. فبنيامين نتنياهو، في خطابه باحتفال تسمية المفاعل في ديمونا على اسم شمعون بيريس، وصف هذا دون رتوش: "الضعفاء ينهارون، يذبحون، يشطبون من التاريخ، والأقوياء، إيجاباً كان أم سلباً، هم من يبقون على قيد الحياة. الأقوياء يُحترمون، مع الأقوياء تعقد التحالفات... وفي نهاية المطاف يصنع السلام معهم".
إن الضربات التي توجهها الولايات المتحدة للفلسطينيين، إلى جانب الهدايا المقدّمة لإسرائيل، هي دليل على أن الولايات المتحدة التابعة لترامب أيضاً تثيب الأقوياء وتضرب الضعفاء. فأول من أمس، فقط، أعلنت عن قرارها اغلاق مكاتب م.ت.ف في واشنطن. الدبلوماسية الفلسطينية تعتبر ضعيفة، بينما الصراع العنيف يستقبل باحترام. الخطوات الهجومية الأميركية تبدو منسقة مع إسرائيل، بل ربما تمليها إسرائيل. من الصعب أن نفهم ماذا يتوقعون في إسرائيل أن تنتج هذه الخطوة باستثناء نشوب متجدد لموجة العنف.