:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/17016

«مقلاع سليمان»: ذراع إسرائيلية لمواجهة BDS

2018-10-02

أقامت الحكومة الإسرائيلية مشروعا أطلقت عليه اسم "كيلاع شلومو" (مقلاع سليمان)، ليشكل الذراع المدنية لوزارة الشؤون الإستراتيجية التي يتولاها وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان. ويهدف هذا المشروع إلى تنفيذ ما يصفه العاملون فيه بـ"أنشطة وعي الجماهير"، وهي أنشطة ضد حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها (BDS) وأنشطة مناهضة لسياسة إسرائيل ضد الفلسطينيين. ويرفض المسؤولون في وزارة الشؤون الإستراتيجية و"مقلاع سليمان" الإفصاح عن معلومات حول مصادر تمويل المشروع.
وبموجب قرار اتخذته الحكومة، العام الماضي، تم رصد ميزانية بمبلغ 128 مليون شيكل من خزينة الدولة لهذا المشروع، وتقرر جمع مبلغ مشابه من متبرعين، كي يشاركوا في مواجهة ما تصفه إسرائيل بحملة ضد نزع الشرعية عن إسرائيل في العالم. والحلبة المركزية التي تجري فيها هذه الحملة هي حلبة الإنترنت، حيث يفترض بالمشاركين في الحملة إنتاج خطاب "من خارج الحكومة" وإنشاء بنية تحتية لمواجهة منتقدي إسرائيل.
ولا تخفي الحكومة الإسرائيلية حقيقة أن هذا مشروع حكومي، لكنها تتستر على المتبرعين لـ"مقلاع سليمان". وكانت وزارة الشؤون الإستراتيجية قد أعلنت في الماضي أنه تم التعهد للمتبرعين بالحفاظ على سرية هويتهم. وادعت الوزارة، قبل ثلاثة أشهر، أنه ليس بالإمكان كشف مصادر تمويل "مقلاع سليمان"، لأن قائمة "المتبرعين لتمويل المشروع ليست نهائية".
لكن تحقيقا نشرته مجلة "العين السابعة" الإلكترونية، الأسبوع الماضي، كشف عن أن صندوقين أميركيين قدما تبرعات لهذا المشروع، وأن هذين الصندوقين يمولان عادة منظمات إسرائيلية يمينية متطرفة. وسمح تبرع هذين الصندوقين بانطلاق عمل مشروع "مقلاع سليمان". ويتضح من تقرير قدمه هذا المشروع إلى مسجل الجمعيات أن المشروع حصل، العام الماضي، على ثلاثة ملايين شيكل من الصندوقين الأميركيين، اللذين يتبرعان عادة لمنظمات اليمين والمستوطنين.
أهداف سرية
وتبرع "الصندوق المركزي لإسرائيل" (Central Fund of Israel) بمبلغ 2.56 مليون شيكل لـ"مقلاع سليمان". وتدير هذا الصندوق عائلة ماركوس الأميركية، وشارك أحد أبنائها في مقابلة أجرتها قناة "كان" الإسرائيلية إلى جانب رئيس "مقلاع سليمان"، ميخا لايكين – أفني، دون أن تفصح القناة عن العلاقة الاقتصادية بين الاثنين.
ووفقا لـ"العين السابعة"، فإن "الصندوق المركزي لإسرائيل" يتبرع بالمال عادة للمستوطنات، وهو معروف أنه أحد المتبرعين المركزيين لمنظمة اليمين المتطرف "إم ترتسو"، المسؤولة عن عدة حملات إعلامية واسعة، ضد الفلسطينيين والمنظمات الحقوقية الإسرائيلية التي تكشف وتوثق ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين. وقد تلقت "إم ترتسو" من هذا الصندوق مبلغ 5.5 مليون شيكل في السنوات العشر الأخيرة.
إردان ونتنياهو (أرشيف - أ.ف.ب.)
وتبرع "الصندوق المركزي لإسرائيل" لحركتين يمنيتين بارزتين، هما "نساء بالأخضر" و"حنانو"، وهذه الأخيرة هي منظمة تقدم مساعدات قانونية واقتصادية للإرهابيين اليهود المشتبهين بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين وخاصة جرائم "تدفيع الثمن". وكانت صحيفة "هآرتس" كشفت أن هذا الصندوق قدم دعما ماليا لعائلات إرهابيين يهود أدينوا بقتل عرب وتنفيذ عمليات تفيجرية، بينهم السفاح عامي بوبر و"المنظمة السرية بات عاين" وتسفي ستروك، الذي أدين بالاعتداء على فتى فلسطيني بعد أن اختطفه.
كذلك يتبرع "صندق إسرائيل واحدة" لمنطمة "إم ترتسو" بشكل دائم، وتبرع العام الماضي بمبلغ 355 ألف شيكل إلى "مقلاع سليمان". ويتبرع هذا الصندوق لجمعية "ريغافيم" الاستيطانية.
وتلقى "مقلاع سليمان" تبرعات بمبلغ 850 ألف شيكل لتمويل "خدمات بحثية" نفذها موظفوه. لكن رئيس المشروع، ميخا لايكين – أفني، رفض الإفصاح عن طبيعة هذه الأبحاث. كذلك رفضت المديرة العامة لوزارة الشؤون الإستراتيجيةن سيما فاكنين – غيل، الإجابة على سؤال مشابه.
تنفيذ مهام بواسطة جهات خارجية
إن هدف "مقلاع سليمان" هو تنفيذ سياسة الحكومة بتمويل حكومي وتبرعات خاصة. ومن أجل إدارته، تم تشكيل لجنة اعتمادات مؤلفة من مندوبي الحكومة والمتبرعين. لكن لايكين – أفني وفاكنين – غيل رفضا الكشف عما إذا كان مندوبون عن الصندوقين الأميركيين الداعمين لليمين الإسرائيلي والاستيطان أعضاء في اللجنة. وقال لايكين – أفني لـ"العين السابعة" إنه "نحافظ على السرية بكل ما يتعلق بالمتبرعين".
وأشارت المجلة إلى أن المسؤول الأول في "مقلاع سليمان" ليس لايكين – أفني وإنما وزارة الشؤون الإستراتيجية برئاسة إردان. وتركز هذه الوزارة، منذ العام 2015، الحملة الحكومية ضد ما تصفه بـ"نزع الشرعية" عن إسرائيل. ولفتت المجلة إلى أن هذا تعريف واسع يشمل التحريض من جهة والانتقاد الشرعي لأنشطة الحكومة وحلفائها. وإلى جانب الحملات الدعائية العلنية والخفية، تجمع هذه الوزارة معلومات عن هيئات وأفراد تصنفهم كأعداء.
وتنفذ وزارة الشؤون الإستراتيجية قسما كبيرا من نشاطها بواسطة الاستعانة بجهات خارجية، أي غير حكومية، وذلك وفقا لإستراتيجية معلنة تقول إنه من أجل النجاح في المهمة يجب إخفاء ضلوع الحكومة في "أنشطة وعي الجماهير" التي تبادر إليها. وأضافت المجلة أن المصادر الخارجية هم بمثابة عملاء لإسرائيل، وهم جهات من إسرائيل وخارجها ويشكلون ما يصفونها في الوزارة بـ"الشبكة المؤيدة لإسرائيل".
وينفذ قسم من هذه الجهات سياسة الحكومة بموجب اتفاقيات وتحويل ملايين الشواقل من ميزانية الوزارة، وينفذ القسم الآخر ذلك بواسطة استخدام موارد اقتصادية موجودة بحوزتهم. وفي حالات كثيرة، اشترت الوزارة تقارير في وسائل إعلام إسرائيلية ودولية من أجل عرض صورة جميلة للجهات المدنية المتعاونة معها، مثل حملة إعلامية بتكلفة 7 ملايين شيكل، وشمل نشرا في صحف "يديعوت أحرونوت" و"جيروزاليم بوست" و"ماكور ريشون".
وفيما يزعم المسؤولون والمشاركون في حملات "مقلاع سليمان" أن هذا المشروع لا يمثل معسكرا سياسيا معينا، وإنما جميع التوجهات السياسية في إسرائيل، لكن بعد الكشف عن نشاط هذا المشروع، في السنة الأخيرة، وُجهت انتقادات عديدة له ولشكل أدائه المشبوه في الصحافة الإسرائيلية والدولية.
وأفادت مجلة "Forward" اليهودية بأن مندوبي وزارة الشؤون الإستراتيجية توجهوا إلى يهود في الولايات المتحدة، واقترحوا عليهم تنفيذ "مهمات" و"حملة دعائية للتأثير" بتمويل "مقلاع سليمان"، وأن أربع منظمات يهودية مركزية على الأقل تحفظت من هذه الاقتراحات، ورفضت أخذ "أموال من هذا النوع".
وقالت "العين السابعة" إنه يرجح أن التغطية الإعلامية النقدية لـ"مقلاع سليمان" والتحفظ منه، أدت إلى تغيير اسم المشروع من "مقلاع سليمان" إلى اسم لا يحمل شحنة سلبية، وهو "كونتسيرت".
عرب ٤٨