:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/17287

مرة اخرى، الحقيقة هي أنه لا يوجد نصف مليون شخص في المستوطنات

2018-11-20

بقلم: شاؤول اريئيلي، هآرتس ١٩-١١-٢٠١٨
منذ تشكيل حكومة نتنياهو الاخيرة وبصورة ادق منذ انتخاب ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، نحن نشهد سيل من الاعلانات حول رفع كل القيود والمعيقات السياسية لتطوير مشروع الاستيطان في الضفة الغربية. وزراء واعضاء كنيست في اليمين واعضاء مجلس “يشع” و”شبيبة التلال” عادوا واحتفلوا بنمو المستوطنات وتثبيت حقائق على الارض لا يمكن تغييرها. لاستكمال النشوة قاموا بوضع عشرات مشاريع القوانين والخطط لضم اجزاء من الضفة الغربية وربما جميعها. كل ذلك كما يبدو هو واقع متخيل نتاج العقيدة الوطنية ومحاولة لتبرير الميزانيات الكبيرة التي تصب هناك.
الايهام وتضليل الجمهور خلال السنوات الاخيرة، تتحطم على صخرة منشورات المكتب المركزي للاحصاء. عدد الاسرائيليين في يهودا والسامرة ارتفع في العام 2017 مثل كل سنة من السنوات الخمسة الاخيرة بـ 14 ألف شخص، من 399.043 في نهاية 2016 الى 413.400 في نهاية العام 2017. ليس نصف مليون، وبيقين ليس 300 ألف اسرائيلي يعيشون في يهودا والسامرة، مثلما يواصل ممثلو اليمين المسيحاني تضليل الجمهور. 13 في المئة فقط من اجمالي السكان في الضفة الغربية (باستثناء شرقي القدس).
هذا المعطى هو “الاكثر وردية” من ناحية مؤيدي مشروع الاستيطان. الزيادة السنوية في منطقة يهودا والسامرة، التي ما زالت أعلى من المتوسط في اسرائيل، تستمر في الانخفاض كل سنة تقريبا. والاهم من ذلك هو أن ميزان الهجرة في 2017 هو الأدنى منذ العام 2005، وبلغ 1300 شخص فقط. نعم، فقط 1300 شخص أكثر اختاروا الانتقال من اسرائيل الى يهودا والسامرة من اولئك الذين اختاروا العودة الى داخل حدود اسرائيل السيادية. هذا المعطى يعود مرة اخرى ليشير الى منحى “التصويت بالارجل” للاسرائيليين في العشرين سنة الاخيرة رغم كل المزايا التي تقدمها الحكومة لسكان هذه المنطقة. ايضا “موجة الهجرة” ذات الـ 800 شخص من خارج البلاد الذين وصلوا مباشرة الى المستوطنات، لم تحسن الصورة البائسة.
اذا كان الامر كذلك، وكما في العقدين الاخيرين، فان مصدر الزيادة هو التكاثر الطبيعي. هذا المعطى يتعلق اساسا بالحريديين، الذين يعيشون في معظمهم في المدينتين الاكثر فقرا في اسرائيل – موديعين عيليت وبيتار عيليت. وهما تقعان على الخط الاخضر وغير متماهيتان مع ايديولوجية اليمين المسيحاني والسكان فيهما اجتازوا الخط الاخضر فقط بسبب ازمة السكن للحريديين في القدس وفي بني براك (مستوطنون رغم أنفهم). السكان فيهما يبلغون اليوم 30 في المئة من اجمالي السكان اليهود الذين يعيشون في 127 مستوطنة، التي في معظمها هي مستوطنات معزولة وصغيرة. ايضا هذه السنة ساهمت المدينتان تقريبا بنصف الزيادة العامة لعدد المستوطنين (6156 نسمة).
كما هي العادة، معظم السكان (80 في المئة تقريبا) يتركزون في كتل وبلدات “الصف الاول” الذي يقع غرب مسار جدار الفصل. من جنوب غوش عصيون ومن شمال الفيه منشه ومن شرق معاليه ادوميم، نسبة الاسرائيليين من اجمالي عدد السكان تتراوح بين 1 في المئة في معظم المنطقة وحتى 4 في المئة في جزء صغير منها. الهيمنة الديمغرافية والمناطقية الفلسطينية الكاملة، التي يتم خرقها من قبل مستوطنات صغيرة ومعزولة وبؤر استيطانية غير قانونية، وبالاساس من قبل نشاطات الجيش الاسرائيلي المطلوبة من اجل الدفاع عنهم.
هذه هي السنة الرابعة على التوالي التي فيها نسبة الزيادة في المستوطنات المعزولة في حالة انخفاض، رغم أن هذه تشكل بيت اتباع ارض اسرائيل الكاملة و”غوش ايمونيم” على مر اجيالها، ومصوتو البيت اليهودي بالاساس. مشروع الاستيطان الذي استثمر فيه خلال العقود الخمسة الاخيرة مئات مليارات الشواقل لم ينجح في تحقيق الهيمنة اليهودية في المكانة والديمغرافيا باستثناء “الكتل” التي تمتد على أقل من 5 في المئة على اراضي الضفة الغربية.
رغم حقيقة أن اقلية يهودية صغيرة في الضفة الغربية تسيطر ديمغرافيا على نسبة صغيرة من الضفة، وأن ثلثها هو الاكثر فقرا في اسرائيل (العنقود 1) و71 في المئة منها توجد تحت متوسط المؤشر الاقتصادي – الاجتماعي في اسرائيل، يواصل من يرفضون الاتفاق الدائم تقديس الوضع الراهن. الوهم الذي لا يتحقق منذ خمسين سنة، بأنه بالتدريج سيحدث الانقلاب، لا يتوقف عن الاضرار باسرائيل: الجمود السياسي الذي يقوض مكانة م.ت.ف والسلطة الفلسطينية ومن يقف على رأسهما، محمود عباس، والذي يمكن أن يؤدي الى حل السلطة الفلسطينية واعادة المسؤولية عن 2.6 مليون فلسطيني الى أيدي اسرائيل؛ وجولات العنف المتكررة مع حماس في القطاع، التي تجبي ثمنا باهظا من سكان بلدات غلاف غزة والجنوب، ومن اقتصاد اسرائيل، ومن صورة الجيش الاسرائيلي ومن مكانة اسرائيل في العالم.
هذا الفشل الذريع لا يضعف عزيمة من يؤمنون بهذا الوهم، الذين يواصلون محاربة حل الدولتين لشعبين، المطلوب لمستقبل اسرائيل والفلسطينيين. في اعماق قلوبهم هم يدركون الفشل في تثبيت وقائع غير قابلة للعودة عنها على الارض، وتهيئة الظروف المطلوبة لضم يهودا والسامرة دون المس بالحلم الصهيوني. بناء على ذلك، نحن نشهد محاولات “تحقيق مكاسب متخيلة” عن طريق ضم اجزاء من المناطق ج أو جميعها، لاسرائيل، والانتقال من “الضم الزاحف” الذي فشل الى “الضم بواسطة قانون سيحول اسرائيل الى دولة واحدة تمارس سلطة الابرتهايد الرسمية أو تفقد طابعها اليهودي لصالح الاغلبية العربية.
الاحتمال الوحيد لانقاذ مشروع الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية والحفاظ على نظام وهوية دولة اسرائيل، هو من خلال اتفاق دائم، حتى لو احتاج وقت لانجازه وتحقيقه بالتدريج. في كل اقتراح للحدود الدائمة اسرائيل ستحظى بالحفاظ على 80 في المئة من الاسرائيليين الذين يعيشون خلف الخط الاخضر تحت سيادتها.
لعدد من الاسرائيليين، الذين معظمهم ينتمي الى التيار القومي المتطرف – المسيحاني، هذا سيكون نهاية سيئة تتمثل في الاخلاء وتصدع صعب بالايمان. من الافضل لاسرائيل نهاية سيئة (التي يجب فعل كل ما يمكن من اجل تقليصها) لـ 1 في المئة من السكان على شر لا نهاية له لجميع السكان.