:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/17960

..آفاق الحالة الفلسطينية.. وأزمتها.. (الرابعة والأخيرة)

2019-02-07

(1)
توصيف السلطة للإدارة الأميركية، بعد الكشف عن حقائق صفقة ترامب، بأن الولايات المتحدة لم تعد راعياً نزيهاً للمفاوضات، فيه قدر كبير من المخاتلة، وتزوير الوقائع، والتعمية. إذ يحاول هذا التوصيف أن يوحي وكأن الإدارة الأميركية، قبل إعلان ترامب، كانت راعياً نزيهاً، وإنها مع صفقة ترامب فقدت هذه النزاهة. وفي هذا الإيحاء محاولة أخرى للتعتيم على الأسباب الحقيقية لفشل ربع قرن من المفاوضات في الوصول إلى تسوية «مقبولة» فلسطينياً، كذلك فيه محاولة لتبرئة «الخيار السياسي» للسلطة، بإعتماد المفاوضات السلمية خياراً وحيداً من مسؤولية الفشل، وأيضاً فيه إيحاء، في أنه لو توفر المفاوض الأميركي النزيه (في المرحلة القادمة) لأمكن الوصول إلى «تسوية» في إطار المفاوضات تحت سقف أوسلو، وفي ظل التزاماته وقيوده واستحقاقاته الضاغطة بشدة على صدر الحالة الفلسطينية.
ولو عدنا إلى كتاب صائب عريقات (رئيس دائرة المفاوضات في م.ت.ف) الصادر تحت عنوان «الحياة مفاوضات»، لأدركنا مدى المخاتلة، ومدى التزوير في توصيف السلطة للراعي الأميركي.
يقول عريقات إن الراعي الأميركي كان يجري مشاورات مع الجانب الفلسطيني، وينقل نتائجها إلى الجانب الإسرائيلي، فيكشف الأوراق الفلسطينية وتكتيكات المفاوض الفلسطيني. بالمقابل يشاور الجانب الإسرائيلي ويحجب عن الجانب الفلسطيني نتائج مشاوراته هذه.
وكان أيضاً (والقول لعريقات وبقلمه) كان يقدم اقتراحات إلى المفاوضات، يكون قد تشاور بشأنها مسبقاً مع الجانب الإسرائيلي، وأدخل عليها التعديلات التي يقدمها الجانب الإسرائيلي، ثم يقدمها إلى الجانبين(دون أن يطلع عليها الجانب الفلسطيني مسبقاَ) باعتبارها اقتراحات محايدة مقدمة من الراعي «النزيه».
ويخلص عريقات (كما يؤكد في كتابه) أن المفاوضات لم تكن تدور بين اثنين، بل بين ثلاثة، الجانب الإسرائيلي وإلى جانبه «الراعي» الأميركي من جهة، والجانب الفلسطيني من جهة أخرى. وهذه من الأسباب الكبرى التي عطلت الوصول إلى نتائج للمفاوضات، كما يقول عريقات، لأن الجانب الأميركي لم يكن راعياً محايداً بل كان راعياً منحازاً بشكل فاقع وواضح للجانب الإسرائيلي. ولعل مفاوضات كامب ديفيد 2 (تموز/يوليو/2000) بين الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس حكومة إسرائيل إيهود باراك، تشكل نموذجاً فاقعاً، حين حمل الرئيس الأميركي الأسبق(الراعي للمفاوضات) الجانب الفلسطيني وحده، مسؤولية فشل الوصول إلى حل دائم للصراع بين الطرفين. لولا أن بعض المراسلين الإسرائيليين، والغربيين، الذيم يملكون بعضاً من «الموضوعية» ولأسباب مختلفة، والذين كشفوا الحقائق عن المفاوضات، وكشفوا الإنحياز الأميركي، والتعنت الإسرائيلي، وانقلاب الطرفين على اتفاق أوسلو (رغم ما فيه من تنازلات كبرى) وإصرار الطرفين (أيضاً) على فرض «الحل الأميركي – الإسرائيلي»، والذي أخذ لاحقاً طريقة إلى العلن، في مشروع ترامب، المسمى «صفقة العصر».
(2)
إذن، التوصيف الفلسطيني الرسمي للراعي الأميركي، بعد صفقة ترامب، ليس بريئاً، وليس عفوياً، بل هو توصيف مدروس، يدرك حقيقة ما سبقه من تطورات، ويدرك حقائق ما سوف يتلوه من تطورات أيضاً، وهدفه الرئيس والأكبر، هو إنقاذ المفاوضات من أن تشكل صفقة ترامب رصاصة الرحمة في صدغها، وإغلاق الطريق أمام العودة إلى المفاوضات، مرة أخرى، باعتبارها الخيار الوحيد، الذي مازالت السلطة تتبناه لحل قضايا الصراع مع دولة الاحتلال.
أي، بعبارات أخرى، في هذا التوصيف، تكون السلطة قد أعلنت إصرارها على التمسك بأوسلو، وبإستحقاقاته، وبإلتزاماته، وبآلياته التفاوضية، مع تعديل بسيط، هو أن يشرف مؤتمر «دولي»، يجري تركيبه بشكل ما، يشبه مؤتمر أنابوليس، الذي دعا له الرئيس بوش الإبن، يعود بعدها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إلى المفاوضات الثنائية، بموجب آليات اتفاق أوسلو. وهذا ما تفسره الورقة التي قدمتها لجنة، إلى اللجنة التنفيذية، تشكلت برئاسة أحمد مجدلاني، وعضوية آخرين، حين حولت تطبيقات قرارات المجلسين المركزي والوطني، إلى ملفات تستعيد ملفات «الحل الدائم» كما رسمها اتفاق أوسلو، وابتعدت بشكل كامل عن المضمون الحقيقي لقرارات المؤسسة الوطنية الجامعة، وعن أساسها الداعي إلى إعادة تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال، وطي صفحة أوسلو، وإعلان وقف العمل به، والإنتقال إلى تطبيقات ميدانية، ليأخذ البرنامج الوطني طريقه إلى التنفيذ في ميدان الإشتباك اليومي مع سلطات الإحتلال، ما يعيد التأكيد أن السلطة الفلسطينية، مازالت تعطل قرارات المجلسين المركزي والوطني، ومازال أوسلو هو خيارها الوحيد. الأمر الذي يدعو للتساؤل، لماذا تصر القيادة الرسمية على هذا الخيار، في الوقت الذي نعى فيه كثيرون أوسلو وإلتزاماته، وفي الوقت الذي إعترف فيه كثيرين أن دولة الإحتلال لم تعد تلتزم هذا الإتفاق. وفي الوقت الذي إعترف فيه كثيرون أن «صفقة ترامب» نسفت إتفاق أوسلو، وفي الوقت الذي إعترف فيه صائب عريقات، شخصياً، أن ترامب نفذ 70% من صفقة العصر، خطوة خطوة، بدأها بتشريع الإستيطان، وأنهاها بإغلاق مكتب م.ت.ف في واشنطن، وحجب المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية، والحبل على الجرار؟
(3)
لم يعد بإمكان السلطة الفلسطينية أن تخفي عن الرأي العام أزمتها السياسية الفاقعة. وهي تتمثل بفشل خيارها التفاوضي، خياراً وحيداً، تحت سقف أوسلو. وفشل خيارها السياسي على الوعود الأميركية لحل الصراع مع دولة الإحتلال. وفشل خيارها ومشروعها بناء الدولة تحت الإحتلال. وفشل إستئثارها بالقرار الوطني، وفشل سياسة تعطيل المؤسسات الوطنية الجامعة، وتعطيل قراراتها، والإلتفاف عليها، والبحث عن بدائل، سرعان ما تنهار تحت ضغط الواقع الملموس والحقائق السياسية اليومية. وأن كل تتحدث به السلطة من سياسات وغيرها، إنما تؤشر، بل وتؤكد، أن السلطة باتت لا تملك إستراتيجية سياسية جديدة وبديلة لإستراتيجيتها الفاشلة. بل وأبعد من ذلك، يمكن القول، بل والتأكيد، إن السلطة عاجزة، ولا تملك الإرادة السياسية لمغادرة إستراتيجيتها الفاشلة، نحو الإستراتيجية الوطنية التي توافقت عليها الحالة الوطنية في المؤسسة الوطنية الجامعة، في المجلسين المركزي والوطني ولذلك تعمد إلى تعطيل وتجميد العمل بها. ولهذا بالضرورة، أسبابه الذاتية الخاصة ببنية السلطة، وبالمصالح التي بنتها طوال أكثر من ربع قرن من تربعها على عرش «سلطة بلا سلطة»، وتحت مظلة «إحتلال بلا كلفة».
هذه المصالح بنتها مع تطورات البنية المجتمعة، السياسية والإقتصادية، للمناطق الفلسطينية المحتلة، وبالشراكة مع بعض رجال المال والأعمال ورجال الكومبرادور، الذين باتت مصالحهم الطبقية، تتطلب الحفاظ على الإستقرار السياسي والأمني في المنطقة المحتلة، والتعايش مع الواقع القائم، مادام هذا الواقع يؤمن لكل هذا «التحالف» الطبقي ــــــ إن جاز التعبير، مصالحه الفئوية والطبقية والسياسية، ونفوذه الإجتماعي، والمصالح الفردية لكبار الموظفين في السلطة وأجهزتها، والمستفيدين من رواتبها العالية، وما تدر عليهم، مواقعهم من مكاسب ومغانم، وما بنته لهم من مصالح.
(4)
تدرك السلطة ما هو الثمن الباهظ الواجب عليها دفعه، إن هي أرادت الخروج من معادلة أوسلو، إلى معادلة البرنامج الوطني، أي المقاومة الشعبية في الميدان، والصراع السياسي ضد دولة الإحتلال والإدارة الأميركية في المحافل الدولية. وهو ثمن سيصيب مصالحها الفئوية بالضرر، إذا ما شحت موارد السلطة من الجهات المانحة، الخاضعة للضغوط الأميركية. وإذا ما فرضت سلطات الإحتلال إجراءات حصار على مناطق الضفة الفلسطينية وعلى معابرها. وإذا ما أحدثت هذه التطورات إختلالاً في المعادلات السياسية، كالإختلال الذي أصابها بعيد الإنتفاضة الثانية، واستبعد الرئيس عرفات من دائرة القرار، لصالح مؤسسة الحكومة التي استحدثت بضغط خارجي، لتجريد مؤسسة الرئاسة من صلاحياتها.
فضلاً عن ذلك فإن ضغوط الكومبرادور على السلطة، له مفاعيله، وهو كومبرادور معروف بجبنه السياسي، وحرصه على الإستقرار، الذي يضمن له دوام مصالحه.
بالمقابل تدرك السلطة أنها لا تستطيع أن تستمر طويلاً خارج «الحياة السياسية»، التي كانت توفرها لها العملية التفاوضية، وتوفر غطاء لإستراتيجيتها التفاوضية، بإعتبارها مازالت تتمتع بالحيوية، وتملك فرص النجاح. أي أن دوام «حياة الإستراتيجية التفاوضية» للسلطة رهن بدوام العملية السياسية. والعملية السياسية المطروحة عليها هي «صفقة العصر»، وهي لا تستطيع الإقتراب منها لخطورة ما تحمله وتفرضه من تنازلات، لا يستطيع أي مسؤول فلسطيني أن يغامر بنفسه ليوافق عليها.
لذلك عمدت السلطة إلى إطلاق «رؤية الرئيس»، كإستراتيجية بديلة، سرعان ما ماتت وتوقف الحديث عنها، لأنها لم تجد من يرحب بها، لإدراك الدوائر السياسية، إقليميا ودولياً، أن هذه «الرؤية» تفتقر إلى رؤية سياسية واقعية في ظل المعادلة الأمريكية الجديدة. وبالتالي يمكن القول إن الغطاء السياسي الذي كانت تتغطى به السلطة، لتبرير وجودها، هو أنها المشروع الوطني لقيام الدولة المستقلة. الآن تقول الوقائع أن هذا الطريق بات مغلقاً بحاجزين كبيرين، لابد من إزالتهما بالقوة. وهما «صفقة ترامب»، ومشروع نتنياهو لقيام دولة إسرائيل الكبرى. وإزالة هذين الحاجزين، المدججين بكل أشكال الألغام والمتفجرات، لا تزيلهما، لا «رؤية الرئيس» ولا رهانات على مؤتمرات دولية شكلية. وحدها المقاومة بكل أشكالها، ووحدها وحدة الصف الفلسطيني، ووحدها استراتيجية تتبنى البرنامج الوطني، بكل عناوينه وتفاصيله، وآليات تطبيقه الكفاحية، هي التي بإمكانها أن تزيل هذين الحاجزين. ولأن السلطة وتحالفاتها الطبقية لا ترى مصالحها الآن في هذا الخيار، وهو مايفسر تعطيلها لقرارات المؤسسة الوطنية الجامعة، وجدت نفسها، في الجانب السياسي ضعيفة جداً، وهزيلة جداً، و بات سقفها السياسي في إطار المعادلات الإقليمية هشاً، لهذا لجأت إلى السقف الذي تقبض على أركانه، أي سلطة الإدارة الذاتية [للحكم] تحاول أن تتمسك به، وأن تدافع عن مصالحها فيه، بإعتباره الهيكل الذي يوفر لها هذه المصالح، وبإعتباره الإطار الذي تتمتع فيه بالقوة: قوة المال، وقوة الأمن، وقوة الاستفراد بالقرار
(5)
في مواجهة سياسة السلطة الفلسطينية، ثمة معارضتان. الأولى، هي القوى اليسارية الديمقراطية التقدمية (الجبهة الديمقراطية نموذجاً). الثانية حركة حماس الإسلامية.
وهما معارضتان، تنطلقان من زاويتين مختلفتين، برؤيتين مختلفتين، وببرنامجين مختلفين.
• معارضة الجبهة الديمقراطية (على سبيل المثال) تدور حول خلافات سياسية، تتمحور حول البرنامج السياسي، وتأخذ قضية قرارات المجلسين المركزي والوطني عنواناً بارزاً لها. كما تتمحور حول الإصلاح الديمقراطي لأوضاع م.ت.ف، ومؤسساتها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية، تعبر عنها بالدعوة لإنتخابات شاملة، رئاسية وتشريعية، بنظام التمثيل النسبي، ما يؤسس لعلاقات إئتلافية وشراكة وطنية متوازنة، يكون فيها صندوق الإقتراع حكماً رئيسياً.
• معارضة حماس، بل، لنقل أبعد من ذلك: الصراع مع حماس هو صراع على السلطة، وكثيراً ما يكون الصراع خارج البرنامج السياسي وتداعياته. وهو صراع سابق على حركة الإنقلاب الذي قامت به حماس في 14/6/2007. ويمكن العودة بهذا الصراع حتى إلى ما قبل الإنتخابات التشريعية الثانية في العام 2006. ولكن، وإذا أخذنا هذه المحطة نقطة إنطلاق لقراءة هذا الصراع لأمكن لنا أن نلاحظ ما يلي. في السياق العام. انتهت الإنتخابات التشريعية بفوز حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي، وتولت، بناء على تكليف من الرئيس عباس تشكيل حكومة السلطة.
وهكذا باتت الحالة الفلسطينية برأسين. فتح من جهة وحماس من جهة أخرى، وبرزت التباينات والخلافات والصراعات على مغانم السلطة ومكاسبها، ومواقعها، واضحة، في ظل إدعاءات متناقضة. إلى أن وضع اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس معادلة أراد بها أن يعيد صياغة نظام العمل وتقسيم المعسكرات، ورسم حدودها بين فتح وحماس. فاقترح أن تتولى حماس (أي الحكومة) مسؤولية إدارة الشأن العام، وأن يتولى رئيس السلطة إدارة العملية التفاوضية. غير أن هذه المعادلة لم تأخذ مداها لأسباب عدة، منها أن مغانم السلطة سوف تعود كلها إلى حماس، وأن حماس أخذت تحاول إعادة صياغة الإدارات والمؤسسات وتحشد فيها أنصارها والموالين لها على حساب فتح وأنصارها. وبالتالي بدأ الصراع منذ اللحظة الأولى على من هو صاحب الحصة الأكبر في السلطة. ومن هذه الأسباب أيضاً أن حماس لم تقف عند حدود المعادلة. إذ أخذت وزارة الخارجية، في حكومتها، وتولاها آنذاك محمود الزهار، تغالط سياسة رئيس السلطة ومواقفه المعلنة. فضلاً عن أن حماس تجاوزت حدود السلطة نحو الإستيلاء على بعض حقائب م.ت.ف، ومنافستها، حين شكلت وزارة باسم وزارة اللاجئين، في تحدي سافر لدائرة شؤون اللاجئين في اللجنة التنفيذية. وبالتالي لم تنجح معادلة التقاسم التي إقتراحها اسماعيل هنية.
ومع أن الطرفين أعادا النقاش في أسس التقاسم، وتوصلاً إلى حكومة ثانية، أصبحت فتح فيها شريكاً، وتولى فيها عزام الأحمد منصب نائب رئيس الوزراء، إلا أن التقاسم بقي وضعاً رجراجاً. فتح تنظر إلى حماس على أنها استولت لها على موقعها التاريخي. وحماس تنظر إلى فتح على أنها تحاول أن تعطل لها وصولها إلى موقعها الأول في الحالة الفلسطينية، وأن تفشل لها تجربتها. وعلى قاعدة هذا التفاعل السلبي، انفجرت الأوضاع في انقلاب 14/6/2007.
(6)
مع جمود العملية السياسية، وتراجع موقع القيادة الرسمية في المعادلة الإقليمية، باتت السلطة، هي الحصن الأخير، كما تراه الطبقة العليا في النظام السياسي الفلسطيني. لكنها سلطة متنازع عليها، مازالت بعض بقاياها تربط بين فتح وحماس، في «شراكة» يرى الطرفان أنه فات أوانها.
في هذا السياق ألتقى الطرفان، في احتدام الصراع على السلطة، كل بوسائله. السلطة في رام الله تلجأ إلى كل الخطوات التي ترى أن من شأنها أن ترفع الغطاء السياسي عن حماس، فتعمد إلى حل المجلس التشريعي، لتنزع عن نواب حماس صفتهم الرسمية. وتعمد كذلك إلى حل «حكومة التوافق» الممثلة فيها حماس بوزيرين. وهكذا تكون فتح قد استأثرت بالسلطة وحدها، وأخرجت حماس،(كما تعتقد) من ساحة الصراع على شرعية السلطة، أو ما تبقى منها.
بالمقابل حماس نزعت إلى سياسات وخطوات للتحرر من الضغوط المالية للسلطة، في خطوات أثارت إرتباكاً، في الصف الوطني في غزة، إلى أن رست الأمور إلى حد كبير على قاعدة أخرى.
وبالتالي، وصل الطرفان، في صراعهما، إلى أبعد نقطة.. وكل منها يعتقد أن إمساكه بالسلطة، إن في الضفة الفلسطينية، أو في قطاع غزة، هو الضمان لتعزيز مكانته السياسية، كل في المعادلة السياسية التي يطمح لأن يحتل موقعه فيها.
غير أن الواقع، يثبت عكس ذلك. فلا السلطة في غزة هي سلطة طبيعية، بل هي «سلطة أمر واقع». ولا السلطة في الضفة هي سلطة «طبيعية» . لأنها باعتراف أصحابها : «سلطة بلا سلطة»، تحرص إسرائيل على بقائها وادامة قدرتها على العيش، لتحل محلها في إدارة الشأن العام، ولتوفر لها الاشتراطات الأمنية، بموجب تفاهمات واتفاقات التنسيق الأمني.
وبالعودة إلى «السياسة» نؤكد مرة أخرى، أن المدخل لحل الأزمة الفلسطينية هو في العودة إلى الحوار الوطني، ووضع كل الملفات على الطاولة، واللجوء إلى الشارع والرأي العام وصندوق الاقتراع، ليقول كلمته الفصل.