:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/19738

قانون القومية يسعى الى تقويض الديمقراطية

2019-08-02

في الحالة التي اوشك فيها بلد على الالغاء في المحكمة كان هناك تطرق هام الى التبرير الكامل للقرار في موضوع شطب حزب “راعم – بلد”. هذا التبرير يوجد له حتى تأثيرات على النقاش في شرعية قانون الاساس: القومية. القصد هو النقاش في مشروع القانون الذي قدمه في حينه بلد بعنوان “اسرائيل دولة كل مواطنيها”. وحسب مشروع القرار هذا ستكون هناك مكانة متساوية في اسرائيل للمجموعتين القوميتين اللتين تعيشان في الدولة مع الغاء الخصائص الاساسية (حسب القرار) للدولة اليهودية. أي قانون العودة والمكانة الرئيسية للغة العبرية ورموز الدولة.
أنا لن أناقش هذا الامر بحد ذاته، بل كمرآة لقانون الاساس: القومية. مثلما أن مشروع القرار لبلد استهدف أن يحرم اسرائيل من طابعها القومي، ايضا استهدف مشروع قانون القومية حرمان الدولة من طابعها الديمقراطي. مشروع القانون اراد تحويلها من دولة قومية ديمقراطية ملتزمة بالمساواة بروح وثيقة الاستقلال، الى دولة قومية متطرفة ذات خصائص دينية تقصي مواطنيها غير اليهود وتهينهم وتتنكر لهم.
في المقام الاول يقوم مشروع قانون القومية بذلك عن طريق أنه يبعد من تعريف الدولة غير اليهود الذين تعتبر الدولة بيتهم ولا تبقي لهم أي ذكر، مثلما أنه لا يوجد في صيغته أي ذكر للديمقراطية والمساواة. مشروع القرار يقوم بذلك مرة اخرى بفرض الزام على الدولة بالدفع قدما بالاستيطان اليهودي – ليس استيطان لصالح جميع مواطني الدولة بل لصالح الاستيطان اليهودي فقط. وهي ايضا تقوم بذلك بالتقليل من مكانة اللغة العربية والغاء مكانتها الرسمية، هذا يعتبر مس خطير بحق العرب في الثقافة والاعتراف بثقافتهم.
بهذا يسعى قانون القومية الى تقويض الخصائص الاساسية لاسرائيل كدولة ديمقراطية “اعتراف بسيادة الشعب (حسب رأيي يجب أن يكون كل الشعب وليس فقط الأكثرية العرقية)؛ اعتراف بنواة حقوق الانسان ومنها الاحترام والمساواة”. من يريدون شرعنة قانون الاساس: القومية قالوا إن القانون استهدف معالجة فقط بعد واحد لتعريف الدولة وهو طابعها اليهودي. ولم يأت من اجل انتقاص طابعها الديمقراطي.
ولكن لهذه الاقوال لا يوجد أي اساس، لأنه ليس للدولة تعريفان بل تعريف واحد فقط، وقانون القومية يقدم هذا التعريف. واضح تماما من اقوال وزيرة العدل في حينه اييلت شكيد ورئيس اللجنة الخاصة لقانون القومية، وزير العدل الحالي أمير اوحانا، بأن قصد قانون الاساس هو أن يمنح الدولة هوية سياسية مثل النوع الذي يظهر في كتاب القوانين. لا يوجد أي ذكر في هذه الاقوال لمهمة جزئية، مثلما هو واضح أن المبادرين الى القانون أرادوا المس بقيمة المساواة التي هي ضعيفة أصلا عندنا. لأنها حظيت، حسب قولهم، بحماية مبالغ فيها من قبل المحكمة. ولكن حسب من يؤيدون قانون القومية كل الوسائل مشروعة، حتى تهديد المحكمة واللغة المزدوجة والاكاذيب.
المحكمة نظرت الى مشروع قانون بلد بخطورة شديدة. بلد نجت من الشطب فقط لأن الموقعين على مشروع القرار يعتبرون من المرشحين المضمونين لقائمته في الانتخابات. رئيس بلد الجديد أصدر تصريح فيه رؤية مختلفة لـ “دولة كل مواطنيها”، ومشروع القرار هذا اعتبر نشاط تفاعلي متقطع. وكان هناك من اخذوا في الحسبان أن القائمة التي ستشطب ضمت ايضا حزب آخر هو راعم. لو أن هذه العناصر لم تكن موجودة فعلى الاقل عدد من القضاة كانوا سيشطبون بلد. بالنسبة للآخرين كانت ستبقى بسبب قلة احتمالاتها في تطبيق برنامجها هذا.
في موضوع قانون القومية الحديث لا يدور عن شطب رسمي، لكن هناك تشابه بين الامور. شطب قائمة وانتقاد قانوني لقانون الاساس. في الحالتين الحديث يدور عن دفاع استثنائي عن الأسس الضرورية للنظام (سواء كانت مكتوبة أم لا). ومثلما أن اسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي فهي ايضا الدولة التي السيد فيها هم كل المواطنين وهي تلتزم بالمساواة والاحترام. هذه هي أسسها الحيوية. لذلك، يجب علينا التوقع الى أن تقوم المحكمة بفحص مشروع قانون الاساس: القومية بنفس درجة الحرص التي اتبعها في حينه بالنسبة للصورة المعكوسة لها – مشروع قانون الاساس لحزب بلد. الفرق بين الاثنين هو أنه في حين أنه للاقتراح المذكور لبلد لا يوجد احتمال لتغيير صورة اسرائيل، ولا يمكنه ايضا وضعه على طاولة الكنيست. ففي حالة قانون الاساس: القومية الحديث يدور بالفعل عن محاولة كارثية لتغيير النظام في اسرائيل، التي يبدو أنها نجحت.
ولأنه من السهل جدا على اليمين أن ينبت لمعارضي قانون الاساس قرون ويظهرهم بأنهم لاساميين (رغم أنه لا أساس لذلك)، فانه لا يمكن الاعتماد على الكنيست كي تقوم بما يجب عليها القيام به. لا مناص من أن تقوم المحكمة بوضع الامور في نصابها. وليس من المعقول أن تتضاءل المحكمة كي تدافع عن اسلوب نظام الحكم لدينا فقط امام ظل الجبال، في حين أنها ترتدع عن القيام بذلك أمام الجبال نفسها.