:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/61981

انعطافة عربية (مدروسة) في موازاة التحرك الإيراني

2022-03-23

كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": في اليومين الماضيين، ومن دون مقدمات، عادت الحركة الدبلوماسية العربية الى لبنان، ليعقبها تحرك إيراني باتجاه بيروت. ففي وقت كانت فيه كل المؤشرات تتحدث عن تضاؤل فرص التدخلات العربية والغربية، في ظل الحرب الروسية ــــ الأوكرانية والأزمة الاقتصادية العالمية، ومراوحة الاتفاق النووي مكانه، بدأ حراك عربي وإيراني يعطي إشارات أولية لم تتضح معالمها بعد، وما إذا كان يصبّ في خانة إيجابية أو يؤدي الى مزيد من التشنج.
إذ يصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت، من دمشق، بعد غد في زيارة كانت مقررة سابقاً، قبل أن تُرجأ، ومن المقرر أن يلتقي فيها الرؤساء الثلاثة، علماً بأن الوزير الإيراني كان قد زار لبنان في تشرين الأول الفائت، وقدم عروضاً اقتصادية لمساعدة لبنان. وإذا كانت زيارته الأولى أتت بعد شهر من تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فإن زيارته اليوم تسبق الانتخابات النيابية، وفي ظرف إقليمي ودولي لافت، ولا سيما بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للإمارات.وهي محلياً تأتي توازياً مع عودة تحريك الاتصالات اللبنانية الرسمية مع الدول العربية. فرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يزور قطر الجمعة لحضور منتدى الدوحة، على أن تكون له لقاءات عدة تتناول الشأن اللبناني، كان قد أطلق موقفاً تجاه المبادرة العربية، في سياق بدا لافتاً بتوقيته بعدما سبق للبنان أن ردّ على المبادرة الكويتية، بتجديد التزام حكومته إعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية.وأشارت مصادر ميقاتي الى أن «هناك تحريكاً متجدداً ومكثفاً للمسعى الكويتي بعد فترة من الجمود، وعلى أساسه جاء الاتصال بين ميقاتي والوزير الكويتي، الذي أعقبه تحريك للاتصالات». وأضافت إن موقف الحكومة «تأكيد للموقف اللبناني الرسمي الذي أبلغه وزير الخارجية الى مؤتمر وزراء الخارجية العرب، ولمواقف سبق أن أعلنها ميقاتي ووردت في البيان الوزاري. ومجرد الاتصال وتجديد الاتصالات التي أعقبته دليل على السعي لإنهاء الأزمة بعدما أثمرت الاتصالات السابقة تخفيفاً للتشنج».وقد شكلت كل هذه الخطوات العربية انعطافة مستجدة، وخصوصاً بعد بيان وزارة الخارجية السعودية اللافت بمضمونه وتوقيته والكلام عن عودة محتملة للسفير السعودي الى بيروت وليد البخاري، الذي كان قد شارك في لقاءات باريس الفرنسية ــــ السعودية. وبحسب مصادر سياسية، فإن ثمة أجواء فرنسية وأميركية لفتت الى احتمالات غير مشجعة في موضوع الاتفاق النووي والعقوبات على إيران، وهناك خشية من أن يتجدد التشدد الإيراني في لبنان، ما جعل من التحرك الفرنسي والعربي ضرورة، رغم الانشغالات الأوروبية بأوكرانيا وتداعيات الحرب فيها. وإذا كانت احتمالات نجاح الاتفاق النووي من عدمه لا تزال متساوية، وأن مراحل الاتفاق أصبحت سلباً أو إيجاباً في دقائقها الأخيرة، فإن إمكانات نجاح إيران في إبرامه قد تكون في المقابل مدعاة لتحفيز الدول العربية على استعادة وضعيتها بطريقة مدروسة في لبنان، في إطار استئناف رعايتها للوضع من دون بناء آمال كبيرة.