على مساحة 32 ألف دونم تقع بلدة عناتا شمال شرق القدس المحتلة، صادر الاحتلال الإسرائيلي ما مساحته 30 ألف دونم من أراضيها لإقامة مستوطنة "معاليه أدوميم"،
وأحاطها من كافة جوانبها بجدار الضم والتوسع العنصري، مما حرم سكانها من استغلال هذه الأراضي لغرض الزراعة.
وتعتبر عناتا من أكثر المناطق المأهولة بالسكان، وقد استغلت سلطات الاحتلال أراضيها لبناء المستوطنات وتوسيعها وبناء الجدار، وعزلها عن محيطها الفلسطيني، بالإضافة لتخصيص أراضي
عازلة تابعة للجدار على حساب تلك الأراضي.
وبحسب تقرير أصدرته مؤخرًا جمعيتا "بمكوم وبتسيلم" الإسرائيليتين، فإن عملية المصادرة التي تمت لأجل إقامة المستوطنة غير مسبوقة، ويبدو أن الأراضي صودرت لأن حكومة الاحتلال اعتبرت
المنطقة جزءً متكاملًا من مدينة القدس، وتخطط للاحتفاظ بها تحت السيطرة الإسرائيلية، ولهذا فقد قررت مصادرتها إلى الأبد.
ويقول رئيس مجلس محلي عناتا طه النعمان إن الأراضي التي صادرها الاحتلال في عام 1975، مسجلة ضمن "الطابو" منذ عام 1952، وهي ملك خاص للفلسطينيين، ولابد من إرجاعها لأصحابها
الأصليين،
وأقامت سلطات الاحتلال على قسم من هذه الأراضي مستوطنة "معاليه ادوميم"، فيما بقي قسم آخر فارغًا بدون بناء، وتم ضم قسم من الأراضي إلى مستوطنة "كفار ادوميم"، وتحويل قسم أخر
إلى ما تسمى "دائرة الاستيطان"، والتي خصصتها للزراعة لليهود، ويقوم الجيش بإدارة هذه الأراضي.
فيما استخدم مستوطنو مستوطنة "عناتوت" جزءً منها في زراعة أشجار الزيتون، وإنشاء ملعب كرة قدم عليها من خلال إحاطتها بسياج ووضع مرامي أهداف ومقاعد فيها.
معركة قانونية
ويخوض أهالي عناتا معارك قانونية في المحكمة الإسرائيلية العليا من أجل استرجاع الأراضي المصادرة لأصحابها الأصليين، من أجل استغلالها في الزراعة.
وهنا يقول النعمان "قدمنا مع عدد من أصحاب الأراضي بواسطة منظّمة (ييش دين) التماسًا للمحكمة العليا لاسترجاع الأراضي المصادرة، إلا أن المحكمة لم تصدر بعد قراراها النهائي، بل ادعت أن
هذه الأراضي مصادرة لأغراض المنفعة العامة".
ولكن المحكمة أصدرت خلال جلسة عقدتها مؤخرًا تعليماتها "للدولة العبرية" بأن تفصّل الاستعمالات المستقبلية للأراضي، وأن تعرض أمام المحكمة الصلة بين هذه الاستعمالات وهدف المصادرة".
وبحسب النعمان، فإن المحكمة أمهلت الدولة حتى تاريخ 15 يوليو المقبل لتفسير أهداف مصادرة الأراضي، وعدم استخدامهم لها، و"نحن من جهتنا ننتظر هذا الموعد للرد على قرار الدولة الذي ستصدره".
ويتابع إننا مستمرون بالإجراءات القانونية حتى استعادة الأراضي المصادرة، ونأمل أن تصدر المحكمة الإسرائيلية قرارًا لصالح أهالي البلدة.
وكانت الدولة ردت على التماس أهالي عناتا، بأنه تبيّن رغم أن المصادرة تمّت في الظاهر للمصلحة العامة، إلا أن "دائرة الاستيطان" سلّمت جزءًا من الأراضي لمزارعين إسرائيليين لأغراض خاصة-تجارية.
وادّعت أن المصادرة "حقّقت أهدافها"، وأنه الفلسطينيين يستفيدون من مصادرة أراضيهم، من خلال تشغيلهم في المنطقة الصناعية التابعة "لمعاليه ادوميم"، ولكن خلال الجلسة اعترفت النائبة
عن الدولة بأن "الهدف من المصادرة كان خدمة المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة، وليس خدمة الفلسطينيين والإسرائيليين اللذين يعيشان في المكان".
وليس هذا فحسب، بل اعترفت أيضًا أنه على الأغلب ما كانت الدولة لتنفذ اليوم مصادرة كهذه لهذا الغرض، ومع هذا، ادّعت الدولة بأنه لا يمكن إبطال مصادرة الأجزاء التي لم يتمّ استعمالها لصالح
المستوطنات المحاذية.
المحاميان شلومي زخاريا ومحمد شقير من الطاقم القضائي لمنظمة "ييش دين" قالا في أعقاب الجلسة إن" الدولة برفضها إعادة الأراضي لأصحابها، رغم اعترافها بأنها قد صودرت لخدمة
الإسرائيليين فحسب، إنما تسعى لتكريس عدم شرعية المصادرة الواضح".
وأكد المحاميان أنه لا يمكن القبول بالانتهاك السافر للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان المكفولة لأصحاب الأراضي، دون وجود أي مبرّر موضوعي لذلك.
مشاريع استيطانية
ولم تُستخدم الأراضي المصادرة لأغراض المنفعة العامة كما ادعت المحكمة، بل اقتصر استخدامها فقط على المستوطنين من أجل تنفيذ مشاريعهم الاستيطانية عليها. يوضح رئيس مجلس محلي عناتا
وقبل شهر تقريبًا تمكن مجلس عناتا وأصحاب الأراضي من استصدار أمر احترازي من المحكمة العليا لوقف أعمال شق طريق استيطاني بطول 350 مترًا من قبل مستوطنة "عناتوت" على أراضي
خاصة تابعة لأهالي من عناتا، إلى حين صدور قرار نهائي بشأن ذلك.
وسجلت المحكمة في قرارها تعهد ما تسمى بـ "الادارة المدنية" بزيادة الرقابة في الأراضي التي تتم فيها الأعمال، لمنع استمرار شق الطريق.
ويؤكد النعمان أن الحكومة الإسرائيلية هي حكومة استيطان تسعى بشكل حثيث ومتسارع إلى تنفيذ مخططاتها الاستيطانية على حساب أراضي الفلسطينيين، والسيطرة الكاملة على هذه
الأراضي، بالإضافة إلى فصل بلدة عناتا عن محيطها الفلسطيني بالكامل.
ولم تكتف سلطات الاحتلال بمصادرة أراضي عناتا، وحرمان أصحابها من الاستفادة منها بالزراعة، بل حولها الجدار والإغلاق من كافة جهاتها عدا الجهة الشرقية، إلى منطقة معزولة عن محيطها.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف