ستشجع وزارة التربية والتعليم المدارس في شرقي القدس من اجل الانتقال الى الخطة الاسرائيلية عن طريق اضافة ميزانيات خاصة، هذا ما جاء في الخطة التي صيغت في الوزارة قبل بضعة اسابيع. ولن يتم منح هذه الاضافة للمدارس التي ستختار الاستمرار في التعليم حسب الخطة الفلسطينية المعتمدة في اغلبية المدارس. ورغم أنه، حسب اقوال المسؤولين في الوزارة، سيصل جزء من التمويل من الميزانية التي من المفروض أن تصل لجميع الطلاب في المنطقة، فان معلمين يهودا وعربا انتقدوا هذه المبادرة. وقال مصدر مطلع على التفاصيل "بعد تمييز استمر سنوات طويلة للتعليم في شرقي القدس فان وزارة التربية والتعليم تطلب الآن من المدارس تبني الخطة الاسرائيلية كشرط للحصول على الدعم. هذا أمر مرفوض من الناحية التعليمية، السياسية والاخلاقية". وقد رفضت الوزارة الرد على هذا الامر. وفي هذا السياق ستناقش لجنة التعليم التابعة للكنيست، الاسبوع القادم، مشكلة النقص في الصفوف التعليمية في شرقي القدس. منذ تم توقيع اتفاق اوسلو ب في العام 1995، فان الاغلبية المطلقة من مدارس شرقي القدس تُدرس بحسب المنهاج الفلسطيني. المناهج الاسرائيلية يتم تعليمها فقط في 8 مدارس من أصل 180 مؤسسة تعليمية في شرقي القدس. في هذه المجموعة الصغيرة يوجد فقط لمدرستين مكانة رسمية، "مساق اسرائيلي" – أي التعليم حسب المنهاج الاسرائيلي – وهذا يوجد في عدد من المدارس الاخرى. من معطيات بلدية القدس يتبين أن عدد الذين يتقدمون لامتحانات البجروت الاسرائيلية ازداد في السنوات الاخيرة ووصل في العام الماضي الى 1900 طالب، ويتوقع أن يصل في العام القادم الى 2200 طالب. ومع ذلك، ما زال الحديث عن نسبة ضئيلة. في الاشهر الاخيرة بلورت وزارة التربية والتعليم خطة "تشجيع وتوسيع استخدام المنهاج الاسرائيلي في شرقي القدس". الخطة التي وصلت لصحيفة "هآرتس" تهدف الى "تعزيز مؤسسات قائمة تُعلم المنهاج الاسرائيلي بالكامل، أو مؤسسات يوجد فيها مساق للمنهاج الاسرائيلي" و"تشجيع المؤسسات الاخرى لادخال الخطة الاسرائيلية أو المواد المختلف عليها". في هذا الاسبوع، بعد بث تقرير موسع في القناة 10 حول مدرسة كهذه، قال وزير التربية والتعليم، نفتالي بينيت، إنه يطلب "اعطاء الدعم القوي لكل مدرسة تختار المنهاج الاسرائيلي. أريد المساعدة في عملية الأسرلة". تقترح الخطة إضافة ساعات تعليمية لكل مدرسة تنتقل الى المنهاج الاسرائيلي بشكل كامل أو جزئي. عدد الساعات التي ستحصل عليه المدارس أكبر من تلك التي تدرس حسب المنهاج الفلسطيني. ولكن ليس بشكل مماثل للمدارس الاسرائيلية. اضافة الى الساعات التعليمية تقترح الخطة اطارا تعليميا على شاكلة زيادة ساعات الاستشارة وساعات تعليم الموسيقى والفنون. وتقديم الاستكمال للمعلمين وغير ذلك. وقد وجهت الوزارة مؤخرا أوامرها للمراقبين بالتوجه الى مديري المدارس في شرقي القدس لـ "تقديم اقتراح اضافة ميزانية حسب الخطة الكاملة أو الجزئية". المرحلة الاولى في الخطة تتعلق بالمدارس الرسمية، لكن يمكن توسيعها في السياق ايضا لتشمل المؤسسات غير الرسمية، والتي يتعلم فيها 42 في المئة من الطلاب العرب في شرقي القدس. وحسب مصادر في وزارة التربية والتعليم فان المدارس التي لن تنتقل الى تعليم المناهج الاسرائيلية لن تحصل على الدعم. "هذه الخطة لا تقلص ميزانية المدارس، حيث إن من يستمر بالتعليم حسب المنهاج الفلسطيني لن يتضرر"، قال شخص ما، "العرب ايضا يفهمون أنه من اجل التعليم العالي والدخول الى سوق العمل، يحتاجون الى مساق الرياضيات واللغة الانجليزية بشكل افضل. ومن ينضم الى هذه الخطة سيحصل على الزيادة. هذه هي الطريقة لتحسين الجهاز التعليمي في شرقي القدس. ولن يتم أي شيء بالالزام، وكل واحد يمكنه اختيار ما يريد". تم عرض هذه الخطة على بينيت والمديرة العامة للوزارة ميخال كوهين. وحسب ما هو معروف تمت المصادقة عليها. اضافة الى ازدياد عدد من يتقدمون لامتحان البغروت الاسرائيلي، زاد ايضا عدد المؤسسات التي تُدرس من اجل امتحانات البسيخومتري. في السنة الاخيرة تم افتتاح، لاول مرة في الجامعة العبرية، صف ما قبل اكاديمي مخصص للطلاب الفلسطينيين من شرقي القدس. "في نهاية المطاف، ما يهم المواطن هو الخبز والمستقبل الذي يخصه". وقال مسؤول في وزارة التربية والتعليم في القدس "إن الطالب يعرف اليوم أنه من الأسهل عليه الوصول الى تل ابيب بدلا من رام الله أو نابلس. لذلك فان توجهه غرباً واضح". لكن هناك آخرين، منهم معلمون ونشطاء اجتماعيون، يقولون إن عملية الأسرلة لا يمكن أن تعتبر اختيارا حرا في حين أن الفجوات بين المدارس في شطري المدينة عميقة جدا. "وزارة التعليم لا يمكنها القول لنا إننا سنحصل على ساعات اضافية اذا انتقلنا الى خطة التعليم الاسرائيلية"، قالت نهى الغول، وهي مديرة سابقة لمدرسة بنات في الحي الاسلامي. "اذا أعطت الحكومة الاموال من اجل التعليم، فيجب عليها منحه بدون شروط. هذا حق اساسي"، حسب اقوالها. "تعتقد وزارة التربية والتعليم أن المديرين سيخشون مناكفتها. لكن هذا تدخل سياسي. من هنا محظور عليهم الموافقة على الحاق الضرر بالهوية الفلسطينية". وحسب لجنة أولياء الامور في شرقي القدس فان وزارة التربية والتعليم والبلدية تمارس الضغوط الشديدة من اجل الانتقال الى المنهاج الاسرائيلي، خلافا لرغبة الجمهور والتفاهمات بين اسرائيل والفلسطينيين. "هذه ليست خطة تعليمية بل هي خطة سياسية لا يرغب فيها معظم السكان"، قال عبد الكريم لافي، رئيس لجنة أولياء الامور الى ما قبل فترة قصيرة في شرقي القدس. حسب اقوال مصدر مطلع على تفاصيل الخطة، "خطة وزارة التربية والتعليم تعترف بعدم وجود المساواة بين شرقي المدينة وغربها، لكنها تضع شروطا من اجل تقويم ذلك. وليست هناك رغبة حقيقية للاستثمار في شرقي القدس، أو اقامة صفوف أو تحسين التعليم. واذا كانت مشكلة الطلاب هي اللغة العبرية فلماذا لا يتم تعزيز حصص اللغة؟ لماذا يجب تغيير البرنامج التعليمي كله؟ يبدو أن هناك محاولة لانتاج "عرب جيدين". لا يمكن المجيء بعد سنوات من الاهمال والتجاهل، واقتراح زيادة الميزانية فقط لمن ينضم الى المنهاج الاسرائيلي". أدى هذا التمييز المتواصل الى وجود نقص كبير في عدد الصفوف في شرقي القدس. وقد قررت محكمة العدل العليا في 2011 بأن وزارة التربية والتعليم وبلدية القدس ملزمتان في خلال خمس سنوات بتوفير "بنية فيزيائية تدريجية" تسمح باستيعاب جميع الطلاب في التعليم الحكومي. وفي الايام القريبة يتوقع أن تنتهي هذه الفترة. واذا لم تقم السلطات بتقديم البنية المطلوبة فسيكون عليها التوصل الى تفاهم مالي مع المدارس نصف الخاصة من اجل تغطية رسوم التعليم للطلاب الذين لم يتم استيعابهم في المدارس الرسمية. وحسب التقرير الاخير لجمعية "عير عاميم" هناك نقص في الصفوف يبلغ 2.247 صف مقارنة مع 1.500 صف حين تقديم الدعوى في العام 2007. وحسب بلدية القدس، هناك نقص بـ 1.600 صف، لكن الجمعية اعتمدت على معطيات "هلماث" حول عدد الاولاد الفلسطينيين في القدس. وقد استكمل في السنوات الخمسة الاخيرة اقامة 35 صف سنويا في شرقي المدينة. وهذه الزيادة بعيدة عن أن تواكب الزيادة الطبيعية للسكان. إن النقص في الصفوف هو أحد اسباب الفجوات الكبيرة في نسبة التسرب من المدارس بين شطري المدينة. وحسب التقرير الذي يعتمد على معطيات البلدية ووزارة التربية والتعليم وصلت نسبة التسرب في شرقي القدس في 2012 الى 13 في المئة من الطلاب، مقارنة مع المتوسط العام في اسرائيل الذي يبلغ 4.6 في المئة في التعليم الثانوي العربي و2.6 في المئة في التعليم الثانوي اليهودي. ويتبين من التقرير أنه في التعليم اليهودي في القدس هناك 21 خطة لمنع التسرب، مقابل 8 خطط في التعليم العربي، وأنه من بين 45 مؤسسة تعليمية فيها خطة شاحر، فقط 4 توجد في هذه الخطة في شرقي القدس. رفضوا في وزارة التربية والتعليم اعطاء تفاصيل حول مصادر التمويل للخطة وميزانيتها. وحسب تقديرات مختلفة فان المبلغ يصل الى عشرات ملايين الشواقل. ومن المحتمل أن هذا المبلغ سيتم توفيره انطلاقا من قرار الحكومة الذي صدر قبل سنة ونصف حول عدد من الخطوات "لتقوية السيادة في شرقي القدس". ومن ضمن ذلك تشجيع الانتقال الى المنهاج الاسرائيلي، بتكلفة تصل الى 300 مليون شيقل. وفي المقابل، قال مسؤولون في وزارة التعليم، هذا الاسبوع، إن جزءا من الميزانية يصل "من حرف جزء من الميزانية العامة لصالح الخطة الاسرائيلية". يعني هذا الامر أن الميزانية التي كان يفترض أن توزع بين جميع طلاب شرقي القدس ستصل فقط الى من سيعتمدون الخطة. واذا حصل هذا الامر فان الميزانية التي ستحصل عليها المدارس التي تعتمد المنهاج الفلسطيني، ستتضرر. إن اعتماد خطة تعليم اردنية وفيما بعد خطة فلسطينية في مدارس شرقي القدس يعتبر أحد الانتصارات الكبيرة للمجتمع الفلسطيني على السلطة الاسرائيلية. بعد ضم شرقي القدس بفترة قصيرة اندلع اضراب عام استمر اشهرا طويلة احتجاجا على نية فرض المنهاج الاسرائيلي في المدارس، الى أن تراجعت الحكومة عن ذلك. وحسب اقوال د. مايا حوشن، الباحثة في معهد القدس لبحوث اسرائيل، فانه عندما نقل اتفاق اوسلو صلاحية الادارة المدنية في مجال التعليم الى السلطة الفلسطينية، اشتملت ايضا على صلاحيات تتعلق بالتعليم في شرقي القدس. "الاهمال القائم ليس خيارا حقيقيا، بل هو محاولة لبقاء المدارس"، قالت المحامية اوشرات ميمون، مديرة قسم التطوير السياسي في "عير عاميم". "إن الاختيار المفروض على الأولياء الذي يمكن تفهمه على المستوى الشخصي، له ثمن كبير في النسيج الجماهيري الفلسطيني في شرقي القدس. لو كان هناك اهتمام حقيقي بالوضع الاقتصادي – الاجتماعي في شرقي القدس لكانت اسرائيل استطاعت العمل بتصميم من اجل تعزيز شبكات التعليم والسماح بالدخول الى الجامعات ايضا على أساس الثانوية العامة، مثل جامعات اخرى في العالم، والعمل بشكل مكثف ضد التمييز في العمل. كانت هناك محاولات في الماضي لفرض الخطة الاسرائيلية، وهي تفسر على أنها عمل أحادي الجانب، الامر الذي يزيد التوتر في المدينة ويضر بحقوق الفلسطينيين". وحسب اقوال ميمون "خلال سنوات طويلة أهملت السلطات الاسرائيلية شبكات التعليم في شرقي القدس. ومن الجدير الآن الاهتمام بالسكان والسماح لهم بالاختيار. يقترحون عليهم ميزانيات مشروطة لقبول منهاج التعليم الذي لا يلائم ارثهم وانتماءهم الثقافي". اختار المتحدث بلسان وزارة التعليم، عاموس شبيط، عدم الرد على اسئلة "هآرتس" حول الفجوات بين شرقي وغربي المدينة، وميزانية الخطة الجديدة لتقوية التعليم في شرقي القدس ومصادرها المالية. في السابق قال إن هناك "خطة من اجل تحسين الواقع التعليمي في شرقي القدس من خلال زيادة الميزانيات".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف