أبلغت النيابة العامة محكمة العليا الإسرائيليّة بأنها توصلت إلى”صفقة ادعاء مشروطة” مع رئيس مجلس يهودا والسامرة وغزة (“ييشع″) ورئيس المجلس الإقليمي بنيامين، آفيروئيه، ومع الرئيس السابق للمجلس، بنحاس فلرشتاين، لضلوعهما في ترخيص بناء جهاز تطهير مياه الصرف الصحي في مستوطنة “عوفرا” بشكل مخالف للقانون، وذلك على أراضي سكان القريتين الفلسطينيتين عين يبرود وسلواد. وتقضي الصفقة بأن يعترف المسؤولان بارتكاب مخالفة ترخيص بناءٍ بشكل مخالفٍ للقانون، وأن يدفع كل منهما غرامةً مالية بقيمة 2500 شيكل.
كما التزم روئيه بوضع تعليمات جديدة خلال نصف سنة “للحيلولة دون تكرار حالات مشابهة في المستقبل”. وبما أن الصفقة عبارة عن صفقة ادعاء مشروطة، فلن تُقدَّم لوائح اتهام ضد الاثنين ولن تتمّ إدانتهما بارتكاب مخالفات جنائية. وستكون هذه القضية الأولى التي يعترف فيها مسؤول رسمي بارتكاب مخالفة جنائية على خلفية ترخيص بناء غير قانوني.
بدأت عملية إعداد الأرض لبناء جهاز تطهير مياه الصرف الصحي لخدمة مستوطنة عوفرا عام 2007، وذلك كبديل عن بِرَك الأكسدة التي استُخدمت لنفس الغرض، وبُنيت هي الأخرى على أراضي سكان عين يبرود وسلواد. وفي خضمّ البناء غير القانوني في المستوطنة، أُغلقت البرك بعد وصول شكاوى من الروائح الكريهة والأضرار الصحية الناجمة عنها. نتيجة ذلك، تمّ تحويل مياه المجاري إلى وادٍ مجاور وكذلك إلى أراضي سكان عين يبرود.
وقد اتُّخذ قرار ببناء الجهاز على أراض فلسطينية خاصة، رغم علم كافة الأطراف المعنية بمكانة الأرض القانونية، ودون استصدار رخص البناء اللازمة. في عام 2012 تمّ التحقيق مع فلرشتاين وروئيه في مكاتب الوحدة القطرية للتحقيق في جرائم النصب والاحتيال بشبهة ارتكاب مخالفات تجاوز حدود أرض الغير، والبناء دون رخص وإصدار شهادة مزيّفة (روئيه).
روئيه الذي شغل في بداية أعمال البناء منصب نائب رئيس المجلس،اعترف بأن كان على علم بأن البناء سيتمّ على أرض خاصة، كما اعترف بالتوقيع على رخصة بناء مزيفة أتاحت البناء غير القانوني. واعترف فلرشتاين بأنه أمر بالشروع بالبناء رغم أن المجلس لم يمتلك الأرض. في حزيران 2014 أعلن المستشار القضائي للحكومة حينذاك، يهودا فينشتاين، عن قراره عدم تقديم لائحتي اتهام ضدّروئيهوفلرشتاين.
ومن جملة الأسباب التي ذكرها،أنه لم يتم في السابق تقديم لوائح اتهام مماثلة.وعلى أثر هذا القرار التمس أصحاب الأراضي بمساعدة”ييش دين” لمحكمة العدل العليا، بادعاء أن القرار غير معقول وطالبوا بمحاكمة المسؤولَين. في جلسة محكمة العدل العليا التي انعقدت مطلع هذا العام، انتقد القضاة أداء النيابة العامة، وقالت القاضية إستير حيوت خلال الجلسة: “نحن قلقون حيال هذه القضية”. وأضاف القاضي تسفي زلبرطل: “استولوا على أراضي الغير وتصرّفوا بها كما شاؤوا… ماذا عن الصالح العام؟ هل يكون بمقدور أية سلطة تتمتع بالقوة أن تستولي على ممتلكاتي؟… على الدولة حماية من هي مسؤولة عن سلامتهم وأمنهم وممتلكاتهم”.
وطلب القضاة من الدولة النظر في إمكانية اتخاذ خطوات تأديبية ضد روئيه وفلرشتاين، أو تغريمهما. على أثر انتقادات القضاة توصّلت النيابة العامة إلى صفقة مع الاثنين، تقضي بأن يعترفا بمخالفة قوانين التنظيم والبناء ودفع غرامة. غير أن الاثنين لم يوقّعا على صفقة ادعاء عادية، بل يأتي اعترافهما ضمن إجراء جديد نسبيًّا يسمى “صفقة ادعاء مشروطة”، يتيح للنيابة إغلاق ملفات على أساس اعتراف المشبوهين دون تقديم لوائح اتهام ضدهم. وجاء في ردّ الدولة لمحكمة العدل العليا أنه بعد إعادة النظر في القضية، ارتأى المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، أن “اتخاذ إجراءات تأديبية أمر غير ممكنة إطلاقا”، وعليه تعيّن اتخاذ خطوات “تعكس الخلل في أداء” روئيه وفلرشتاين، ولكن تأخذ في عين الاعتبار الظروف الخاصة للقضية.
يذكر أن المحكمة لم تقرّ بعد الصفقة المقترحة. في ردّ فعلها على التطوّرات قالت منظّمة “ييش دين”: “أمامنا قضية جديرة بأن تُقدَّم فيها لائحة اتهام. لا يجب التقليل من حقيقة أنه للمرة الأولى تنسب النيابة العامة معنى جنائيًّا لبناء غير قانوني على أرض فلسطينية، ولكن من المؤسف أن يتمّ هذا فقط بعد أن قام أصحاب الأراضي و”ييش دين” بالالتماس لمحكمة العدل العليا على أثر امتناع النيابة العامة عن تقديم لائحة اتهام في القضية. على ضوء العقوبات المتساهلة التي تتبعها النيابة العامة إزاء خطورة المخالفات، يدرس الملتمسون إمكانية مطالبة المحكمة برفض الصفقة المقترحة”.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف