أعلن وزير التربية والتعليم، الأسبوع الماضي، أنه يفضل تعليم اليهودية على تعليم العلوم من أجل «العودة إلى القوة العظمى الروحانية وتصدير المعارك الروحية للعالم... هكذا نعود ونكون نورا للأغيار، وتخرج التوراة من صهيون». في ذروة الضحك جاء الإحراج. هل نفتالي بينيت بالتحديد – الممثل الأكثر حماسة لليهودية في شكلها الأكثر تدنيا ويقود حزباً عمل على تحويل اليهودية إلى شيء هامشي، وهامشية اليهودية أصبحت الأساس – هو الذي يريد التأثير على العالم روحيا؟ كم هذا الامر محرج. لكن في ظل الضحك والاحراج لم يكن ثمة مناص من الاعتراف، يمكن لبينيت أن يهدأ. فهو وأمثاله ساهموا اسهاما خاصا في العالم الفكري، قاموا بادخال تجديد في نظرية العلوم السياسية: فاشية دينية، لم يكن لها مثيل. «الفاشية» حسب تعريف البروفيسور زئيف شترنهل هي ايديولوجيا لا نظام حكم، وهي تعتبر «القومية»، وليس الانسان، الكيان الأسمى والأكثر طبيعية تقريبا. «القومية» مثل الشجرة والناس ليسوا سوى الأوراق الأقل أهمية والأقل حقوقا من الأغصان. ومن اجل الحفاظ على تفوق «القومية» تحارب الفاشية التنور والديمقراطية والليبرالية وحقوق الفرد والانسانية العالمية. كل تلك القيم تضع الفرد الانساني في المركز، الامر الذي يضر بتفوق القومية. وحسب الفاشية فان الديمقراطية ليست مجموعة من القيم، بل هي تقنية تشريع فقط، والثقافة كلها لا تسعى إلا إلى تقوية «القومية». لذلك، يجب تجنيدها من اجل فرض الفاشية. إن العنصرية، العنف، الزعرنة وباقي اشكال القمع ما هي إلا أعراض جانبية لتطبيق الايديولوجيا الفاشية. وهذا هو. هذه هي كل النظرية. المتبصرون لاحظوا أن هناك شيئا واحدا غائب وهو الله. الخالق. الصديق الخيالي في الأعالي. ليس هناك إله للفاشية، لا للفاشية الالمانية ولا الايطالية ولا الاسبانية. فقد كانت الفاشية دائما علمانية. لأن «القومية» فقط في رأسها وليس الله. عندها جاء الحريديون المتطرفون وبينيت، نبيهم (أو على الأقل ابنهم)، والفاشية – بمبادئها وأفكارها – والتصقوا بالله وفرائضه. وقد نجح هذا التعارف بشكل جيد، وانضمت الى الفاشية الاعتبارات الالهية. ومعاً حاربت التنور. ماذا عن المساواة؟ لا سمح الله. من في السماء اختارنا نحن فقط. ماذا عن حرية الفرد؟ حرية الدين؟ حرية الاعتقاد؟ حرية الحركة؟ لا. الله لا يسمح بها. حرية التعبير؟ فقط القليل. وفي الوقت الحالي، والى أن يحين موعد جديد، فان حرية التعبير المبالغ فيها قد تضر بايمان القومية بالله. ماذا عن الأخوة؟ فقط بينك وبين من مثلك. إذاً، القومية المختارة. «اخوة الشعوب» - لا سمح الله - إن ذلك هو مبدأ شيوعي كافر. فلا مكان للأخوة بين «من يتدفقون» ومن يُنتخبون. ماذا عن الديمقراطية؟ إنها آخذة في التلاشي. أصابعها الممدودة تُستخدم مرة تلو الاخرى في الخصي الذاتي. ماذا عن الثقافة؟ لقد أصبحت مثار سخرية وخوف وتملق ودونية وكلام فارغ يسيطر عليها. ماذا عن التنور؟ هذه الكلمة تحولت الى كلمة نابية. سلطة القانون؟ مستعبدة من قبل القانون الالهي. والقومية المتطرفة ايضا هي ظلامية كالعادة، عادت ورفعت رأسها (ومنعت من اليهود بشكل واضح بعد كارثة باركوخبا). باختصار، الفاشية بجميع تفاصيلها. وكل شيء باسم الله. وكل شيء برقابة حاخاماته. وكل شيء لسخرية «القومية» المقدسة الوحيدة المصممة على تسميتها «ديمقراطية». بيقين هذا اختراع استثنائي، وهو يستحق اسما خاصا به. يمكن تسميته «دينية فاشية»، ودون شك، هذه هي المساهمة الاستثنائية لليهودية البينيتية للعالم كله. لقد تحققت رغبته.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف