في مطلع الثمانينيات كان رفائيل إيتان رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي ومن كبار المعارضين لوزير الدفاع أرئيل شارون. لكن كانت هناك نقطة واحدة على الأقل اتفق عليها الرجلان: وجود حل عسكري لـ «الإرهاب». وقد أوهما رئيس الحكومة آنذاك، مناحيم بيغن، أن بالإمكان القضاء على «الإرهاب» الآتي من الحدود الشمالية. وبيغن الذي كان يعتبر كل رجل عسكري مندوباً عن الخالق صدّق في النهاية وعودهم وأمر بشن الحرب. ونشأت بين رفول وبيني صداقة حميمة نبعت من الحاجة إلى الوقوف في وجه نجاح أرئيل شارون، وانقطعت فقط بسبب إيمان رفول الشديد بوجود حل عسكري لـ «الإرهاب». وانتهت النقاشات بيننا بخلاف كبير عندما أعطى مقابلة إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت» أكد فيها وجود حل عسكري لـ «الإرهاب». وبعد وقت قصير وجدنا أنفسنا داخل لبنان. ومنذ ابتكر شارون وإيتان الحل العسكري خضنا حروباً كبيرة وصغيرة مع آلاف الجرحى، واعتقلنا العديد من الفلسطينيين، وهدمنا مئات المنازل، وجربنا «الحصار» و»العزل»، لكننا لم نجد حلاً عسكرياً لـ «الإرهاب». وما وجود آلاف رجال الشرطة والجنود الذين يملأون اليوم شوارع القدس والخليل سوى دليل على 30 عاماً من «الإرهاب». فلو كان هناك حل عسكري كيف نفسر حوادث الطعن التي حدثت في الأيام الأخيرة، وحوادث كثيرة جرت قبل ذلك، ومع الأسف ستحدث بعدها؟ كيف يمكن للشعب اليهودي المضطهد والحكيم ألا يجد حتى الآن الصيغة الصحيحة للحل العسكري؟ لماذا يتلفت العديد من الإسرائيليين شمالاً ويميناً خوفاً من فلسطيني يكمن لهم؟ الأسباب بسيطة جداً: الفلسطينيون هم الطرف النشط في هذا الشأن؛ نحن ندافع عن أنفسنا وهم يهاجمون. والفلسطينيون أصحاب هدف وإصرار، وهم الذين يبادرون ويختارون إذا ما كانوا سيرفعون أيديهم أم سيخفضونها، يختارون بين الحياة أو الموت. يقولون إن التاريخ شمل حادثة أو حادثتي حل عسكري للإرهاب، ويذكرون دائماً البريطانيين في ماليزيا [قمع قوات الكومنولث التمرد في ماليزيا بين عامي 1948 و1960]. جميع المحاولات الأخرى لتفكيك «الإرهاب» بالوسائل العسكرية لم تنجح. كانت هناك فترات من التهدئة استمرت أحياناً سنوات، لكن البركان كان ينفجر من جديد، ودائماً في الوقت غير الملائم. هذا ما حدث في الانتفاضة الأولى التي نشبت في الوقت الذي قالت فيه جميع الهيئات إن «وضعنا هو الأفضل على الإطلاق». على ما يبدو فإن حل «الإرهاب» لن يكون عسكرياً. إنها مسألة ثقافة، ويتعين علينا أن نستمر على هذه الحال سنوات طويلة، وهناك من سيقول إننا بحاجة إلى 30 وحتى 40 عاماً كي نتوقف عن تقديم أسباب للتنظيمات «الإرهابية» وللشعور بالاختناق الذي يرافق حياة الفلسطينيين، وكي نزيل نظرة القتل من الأعين. إن هذا مزيج من ثقافة ومن حل سياسي لن يعطي ثماره إلا بعد جيل أو جيلين، وهذا وقت طويل. لكن لا ننسى أنه قد مر 30 عاماً على الانتفاضة الأولى

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف