بقلم: يوتم بيرغر ونير حسون "السنوات السبع العجاف" للبناء في شرقي القدس وفي "المناطق"، كما يسمونها في اليمين، بدأت في 10 آذار 2009، مع زيارة نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، الى اسرائيل. في ذاك اليوم كان بايدين يستعد لوليمة عشاء احتفالية في منزل رئيس الوزراء، غير أنه نشر في حينه أمر إقرار خطة بناء كبرى في حي رمات شلومو فتأخر بايدن على وليمة العشاء ساعة ونصف الساعة، ونشبت ازمة كبرى بين ادارة اوباما وبين نتنياهو حول مسألة البناء في "المناطق" وفي شرقي القدس. ومنذ ما وصفت بأنها "ازمة بايدن"، اخضعت اعتبارات التخطيط في القدس وفي الضفة للاعتبارات السياسية. فقد تأجلت الخطط، جمدت أو الغيت، وفي الغالب دون الاعتراف بان هذا حدث تحت ضغط أميركي. "في كل مرة كانت ثمة ذرائع عابثة، مرة الرئيس مريض ومرة المخططة مريضة، يقول رئيس الادارة الجماهيرية في حي غيلو في القدس، عوفر ايوب. "كل سياسة رئيس الوزراء نابعة من الضغط الأميركي"، يضيف رئيس مجلس "يشع" للمستوطنين ورئيس المجلس الاقليمي بنيامين، آفي روئيه. وعلى حد قوله "كل ما تحرك اعترض عليه الأميركيون". هذه السنوات السبع، كما يأملون في اليمين، ستنتهي مع دخول دونالد ترامب الى البيت الابيض. والآن يتطلعون الى ان يخرجوا من التجميد العميق سلسلة من مخططات البناء، كان من شأنها في الماضي أن تخلق أزمة خطيرة في علاقات اسرائيل – الولايات المتحدة. ويدور الحديث عن مخططات لإقامة مستوطنات جديدة في الضفة، أحياء يهودية جديدة في شرقي القدس، ومستوطنات خاصة داخل الأحياء الفلسطينية في المدينة. اضافة الى ذلك، يأملون بان يستأنف هدم المنازل الفلسطينية في شرقي القدس وفي الضفة، وأن يتغير الوضع الراهن في الحرم، وان تنقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس. كل هذه بدت خيالية قبل يومين، وفجأة، مع الدخول المرتقب لادارة جديدة وغياب عامل الضغط الأميركي، اصبحت ممكنة. ومع ذلك، فان احدا في اليمين لا يفتح زجاجات الشمبانيا: فنتنياهو، كما يعرف كل من عمل معه، درج الى استخدام الضغط من ناحية الولايات المتحدة كسترة واقية ضد انتقاد اليمين. في إدارة اوباما حرصوا على شجب كل تقدم من مخططات البناء في الضفة وشرقي القدس. ولكن ثلاثة مخططات دفعتهم ليستلقوا على الجدار: مخطط البناء في E1 قرب "معاليه ادوميم"، المخطط في "جفعات عيتام" بين "افرات" وبيت لحم، والمخطط في "جفعات همتوس" في شرقي القدس. هذه المخططات الثلاثة الكبرى، كما تدعي منظمات اليسار منذ سنين، من شأنها أن تخلق تواصلا اقليميا سيجعل كل مفاوضات للسلام صعبة جداً. في البيت الابيض فهموا هذا، وسعوا الى التأكد من ألا يتم أي تقدم فيها. ولهذا السبب فإنها كلها عالقة منذ سنين في القناة البيروقراطية لهيئات التخطيط في "المناطق". "جفعات عيتام" تعتبر هدفا استراتيجيا للمستوطنين كونها تفصل بين مستوطنات "افرات" وبيت لحم. في 2009 افادت "هآرتس" بأن 1.700 دونم في المكان اعلنت اراضي دولة، تمهيدا لاقامة اكثر من 2.000 وحدة سكنية. اما المخطط لاقامة حي كبير في منطقة E1، يضم أكثر من 3.000 وحدة سكنية فقد تم التقدم فيه في آخر مرة في 2012 وتوقف منذئذ. في 2013، حين حاول وزير الاسكان في حينه، اوري ارئيل، التقدم في البناء في المنطقة وبخه نتنياهو. اما في "جفعات همتوس" فقد توقف مخطط اقامة 2.600 وحدة سكنية لليهود قبل نحو ثلاث سنوات. والتقدم في واحد من هذه المخططات في الاشهر القريبة القادمة سيكون مؤشرا طيبا الى تغيير الاجواء بين القدس وواشنطن. يجلب انتصار ترامب المفاجئ محافل في اليمين الى السير بعيدا في خيالهم الى ما هو اكثر من ذلك، كاقامة حي يهودي كبير في المنطقة الصناعية عطروت، التقدم في اقامة حي في باب الساهرة في البلدة القديمة وفي حي راس العمود. ولكن الكثيرين في اليمين يؤخرون الاحتفال. وعلى حد قول روئيه فان الحاجز في وجه البناء لا يوجد بالضرورة في البيت الابيض. "نتنياهو حبيس مفهوم الدولتين للشعبين. ويتعين عليه قبل كل شيء أن يغير هذا الموقف"، يقول روئيه "سينطلق الآن الى بناء مكثف كما نريد نحن؟ برأيي هو ما يزال ليس هناك". "الاختبار سيكون في الاشهر القادمة، قبل أن يتسلم ترامب مهام منصبه. هذه هي نافذة فرصنا لنقرر ما نريده ونحدده للأميركيين والا نواصل الخنوع"، يقول نائب رئيس بلدية القدس، دوف كالمينوفيتش. اما رئيس لجنة التخطيط والبناء في بلدية القدس، مئير ترجمان، فقد قال في مقابلة مع القناة 2: "يوجد 2.600 وحدة سكنية في (جفعات همتوس)، 3.000 وحدة في (غيلو)، 1.500 وحدة سكن في (رمات شلومو). وما تزال مليئة المخططات التي أعتزم استغلال تبادل الحكم في الولايات المتحدة لاقرارها. حتى اليوم وجهت الينا كل الوقت ضغوط من مكتب رئيس الوزراء بعد غضب الولايات المتحدة لنشطب، لننزع، لنؤخر. هذا انتهى. من الآن فصاعدا نعتزم اخراج المخططات المجمدة". تغيير القرص "لا أحد يفتح زجاجات الشمبانيا"، يؤكد نائب من "الليكود"، "لا يوجد اي شيء بعد مع ترامب بشكل عام، وهذا لا يعني أن احدا ما هنا ينسق معه ويعرف ما سيكون. نأمل بان يواصل دعم اسرائيل، على الاقل مثلما في عهود الرؤساء الآخرين". وعلى حد قوله ستكون ثمة حاجة الى ضغط شديد على مكتب رئيس الوزراء من أجل تحطيم سد البناء خلف الخط الاخضر. "الرسالة هي الى القيادة الداخلية، عندنا. علينا أن نغير قرصنا، علينا أن نتوقف عن الحديث عن دولتين والشروع في الحديث عن البناء، تعزيز الاستيطان، وفرض السيادة". في اليمين يؤمنون بان اعتراض الأميركيين كان مريحا جدا لنتنياهو الذي فضل الابقاء على الوضع الراهن على اغضاب الاسرة الدولية. في الاشهر الاخيرة، وبقوة اكبر في الاسابيع الاخيرة، تعمل سلسلة من النواب مع قيادة المستوطنين على حملة من اجل ضم "معاليه ادوميم" الى اسرائيل. هذه خطوة غير مسبوقة، اذا اقرت ستؤدي الى ردود دولية حادة، ولكن في ظل غياب نظام أميركي يعارضها، من المشكوك فيه أن يكفي التعليل السياسي الدولي لانقاذ نتنياهو من المشكلة السياسية الداخلية. "كنا على اتصال مع رجال ترامب على مدى الحملة"، روى مصدر مشارك في الكفاح من أجل ضم (معاليه ادوميم). وعلى حد قوله، "نقلوا لنا رسائل تقول انهم سيحترمون كل قرار للبرلمان وانهم لن يتدخلوا". وكان عضو مجلس بلدية القدس ونشيط اليمين، آريه كينغ، في الاشهر الاخيرة على اتصال مع رجال ترامب: "لا شك عندي بان الضغط سيتبدد. والآن توجد فرصة لبركات ولنتنياهو لتثبيت الحقائق على الارض". ستؤثر سياسة أميركية رقيقة ايضا على مستقبل قرية سوسيا. ونقل مسؤولون كبار في ادارة اوباما في الماضي رسائل لاسرائيل بان هدم القرية سيؤدي الى "رد أميركي حاد للغاية". واذا كانت التقديرات حول سياسة ادارة ترامب صحيحة، فابتداء من كانون الثاني فان "الرد الأميركي الحاد للغاية" سيصبح في اقصى الاحوال ردا متثائبا، هذا اذا كان على الاطلاق. والسكان في القرية يخشون من أن يكون الاخلاء ينتظرهم عند الزاوية. في غياب ضغط أميركي قد تصل الجرافات ليس فقط الى سوسيا. فمصادر في الحكومة معنية ايضا في اخلاء البلدات البدوية التي بنيت بلا ترخيص في منطقة "غوش ادوميم". في عهد ترامب – سواء كان هناك بناء كبير في المستوطنات أم لا – فان اليد الأميركية اللاجمة قد تختفي، ونتنياهو كفيل بان يجد نفسه امام عائق سياسي جديد. "هذا تغيير عميق"، يقول رجل اليسار، المحامي داني زايدمان، الذي على اتصال مع جهات دولية. فليست كل الدول برأيه ستسير على خط ترامب وهي لها سياسة خارجية خاصة بها. هل ستصبح الساحة الفارغة سفارة؟ في زاوية الشارعين طريق الخليل ودانييل يانوفسكي في القدس توجد قطعة أرض فارغة. في نهاية الثمانينيات، في عهد جورج بوش الاب، خصصت مديرية اراضي اسرائيل القطعة لبناء السفارة الأميركية التي كان يفترض بها أن تنتقل الى القدس. ولكن منذئذ حرص كل الرؤساء على توقيع أمر يمنع نقل السفارة. ومع أن ترامب أقل في تصريحاته بالنسبة للشرق الاوسط، ولكن أحد أبرزها كان يتعلق بنقل السفارة الأميركية الى القدس. ويقول المقرب من ترامب، دافيد فريدمان، انه "اذا قال رجال وزارة الخارجية له بانه لا يمكن نقل السفارة الى القدس فانه ببساطة سيقيلهم جميعهم". نقل السفارة، اذا ما تم حقا، سيتعارض مع موقف الاسرة الدولية كلها منذ 1949، وسيثير غضب العالم العربي. إذا ما وصلت الجرافات بالفعل الى قطعة الارض في طريق الخليل، هذا سيكون مؤشرا إلى عصر جديد في الشرق الاوسط.
"هآرتس"

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف