التلاعبات والشقلبات القانونية التي تتم هذه الايام في الكنيست وفي سلطات الحكم الاخرى، في ظل اخضاع القانون وخلق وحوش دستوية لا تستوي مع القانون الداخلي ومع القانون الدولي، مخيفة وتثير الاشمئزاز. وكل ذلك باعتبارات سياسية في مستوى البيبيين، لاجل عدم اغضاب المستوطنين - لا سمح الله- الذين استوطنوا اراضي فلسطينية خاصة في المستوطنات على طول وعرض "يهودا" و"السامرة". لقد وصف النائب، بيني بيغن، ذلك "بالسلب"، لان لديه استقامة فكرية ونزاهة تجعله يسمي الولد باسمه دون غسل الكلمات.
لم يكن لقانون التسوية ولن يكون أي أمل في أن ينجح في اختبارات محكمة العدل العليا والقانون الدولي. ومن جهة اخرى، لا بد أن له قيمة سياسية، لان المبادرين اليه يغمزون للمستوطنين: انظروا، نحن نفعل كل ما في وسعنا كي نسوغ الفاسد، واذا فشل هذا فهو فقط بسبب المحاكم في البلاد وفي العالم، فأنزلوا باللائمة عليها.
ان المبنى القانوني الجديد الذي يفترض أن يشكل بديلا للمادة المتعلقة بعمونة في قانون التسوية غير الدستوري هو تفسير أصيل، ولكنه ليس بالضرورة قانونيا، فيما يتعلق بدور الجيش في الاراضي التي احتلت وتحتجز بطريقة قتالية. فبعد حرب 1967 نشب خلاف حاد في الجمهور بين من يعتقدون بان هذه اراض محتلة وبين اولئك الذين ادعوا بان هذه اراض محررة. واليوم ايضا، بعد نحو خمسين سنة لم ينتهِ هذا الخلاف. مائير شمغار، المستشار القانوني في حينه، ولاحقا رئيس المحكمة العليا، صنف "يهودا" و"السامرة" كـ "اراض محتجزة" – اسم حيادي، ولغرض النقاش نتمسك نحن ايضا بهذا التعريف.
يوجد في "يهودا" و"السامرة" ضابط يسمى المسؤول عن الاملاك الحكومية والمتروكة في "المناطق". وهو يعمل بقوة الحاكم العسكري وبفعل التشريع الامني للحاكم العسكرية. دوره، ضمن امور اخرى، هو أن يدير بشكل مؤقت الاراضي الخاصة التي لم يعثر على اصحابها، وهو يشكل نوعا من الوصي على أصحاب الاراضي الفلسطينيين الغائبين اولئك. وذلك الى أن يعثر عليهم اذا تم ذلك. وحسب القانون الدولي، فانه يمكن أن تستخدم اراضي الغائبين بشكل مؤقت فقط، وليس بشكل دائم، وبالاساس لاغراض أمنية. وذلك لانه اذا ما وعندما يمتثل المالكون ويثبتون بان الارض بملكيتهم، فانها تعود الى حيازتهم.
بجوار عمونة توجد اراض اخرى لغائبين. أصحابها لم يعثر عليهم، وبالتالي فانها تندرج ضمن تصنيف اراضي الغائبين، ويديرها الوصي بشكل مؤقت، كما أسلفنا. السؤال القانوني الاساس هو: هل سكن المستوطنين يمكن ان يعتبر استخداما مؤقتا للارض حسب تعريف القانون الدولي؟ وهل يستجيب مثل هذا الاستخدام للسكان لمطلب الوصاية المكلف بها الوصي في "المناطق"؟
يعتقد معظم رجال القانون الخبراء في القانون الدولي بأن مثل هذه التسوية لا تستوي مع القانون الدولي وان المحاكم الدولية لن تعترف بهذا العمل الذي يخصص الأرض مؤقتا لاغراض السكن، سواء أكان هذا لثمانية اشهر أم لثلاث سنوات. اذا كان هذا بالفعل هو الوضع القانوني، فهناك احتمال معقول بانه حتى محكمة العدل العليا في البلاد لن تعترف بذلك، و سينهار هذا البناء القانوني الخاص بحل مشكلة مستوطني عمونة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف