ان تتخذ الحكومة الإسرائيلية موقفا عدائيا من مؤتمر باريس الدولي لدفع العملية السلمية، لا يعني ان هذا المؤتمر في صالح الفلسطينيين، ويحقق مطالبهم العادلة في استرداد حقوقهم، وانما لانه سيطالب بوقف الاستيطان الإسرائيلي، وسيؤكد على حل الدولتين الذي تعارضه هذه الحكومة، وترفض الاعتراف به، وان كانت قد استغلت “الغباء” الرسمي الفلسطيني لاكثر من عشرين عاما، والمضي قدما في مفاوضات عبثية مخادعة ومضللة ومهينة.
الحكومة الإسرائيلية كانت تخشى ان يصادق مجلس الامن الدولي على قرارات هذا المؤتمر بإصدار قرار جديد، على غرار قراره الأخير الذي طالب بوقف فوري للاستيطان في القدس والضفة الغربية المحتلين، لكن جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، طمأنها وبدد مخاوفها بأنه لن تكون هناك أي جلسة لمجلس الامن، بمعنى آخر، ان قرارات المؤتمر ستكون مثل سابقاتها حبرا على ورق.
لم يفاجئنا موقف الوزير كيري، بقدر ما فاجئنا في هذه الصحيفة “راي اليوم”، موقف حكومة حزب المحافظين البريطانية المخجل الذي “تحفظ” على قرارات المؤتمر التي ايدتها سبعين دولة ومنظمة دولية، في تضامن بشع مع الموقف الإسرائيلي، لان المؤتمر المذكور جاء ضد رغبة بنيامين نتنياهو وحكومته العنصرية الاستيطانية المتطرفة.
بريطانيا التي ستحتفل بعد بضعة اشهر بالذكرى السنوية المئة لصدور وعد بلفور، الذي كان النواة الصلبة الأولى لتوطين اليهود على ارض فلسطين، وإقامة دولة لهم على حساب الشعب الفلسطيني، كان من المفترض ان تكون اكثر دعما للمطالب الفلسطينية في إقامة دولتهم المستقلة، وإدانة الاستيطان الإسرائيلي، والإصرار على حق العودة لكل الذين شردهم تواطؤها مع العصابات الصهيونية، وتسليم الأرض الفلسطينية لهم بقوة السلاح.
الحكومة البريطانية يجب ان تعتذر للشعب الفلسطيني أولا عن جريمتها في حقه، وان تقدم تعويضات مالية وسياسية له، ونقصد بالسياسية، ان تدعم كل حقوقه في العودة وتقرير المصير على كل التراب الفلسطيني التاريخي، حتى يفكر، مجرد التفكير، في غفران ذنوبها، مع ايماننا المطلق بأن كل ملياراتها، والعالم بأسره، لا يمكن ان تعوض خسارة وطن، وتشريد شعب، لاكثر من سبعين عاما.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف