الجيش قلق من فقدان المقاتلين النوعيين. هذا ما يظهره تحقيق لقسم علم السلوك في الجيش الاسرائيلي (عاموس هرئيل، "هآرتس"، 13/1). بعض النتائج عرضت على انها "متلازمة ازاريا". ولكن يمكن ايضا رؤية قضية ازاريا كجزء من العمليات التي تعكسها النتائج. وتم فيها عرض عملية اجتماعية تحدث منذ عشرات السنين وتغير التركيبة الاجتماعية للجيش. الجديد هو أنه للمرة الاولى يعترف الجيش بهذه العملية بعد سنوات من الانكار والجدل مع الاكاديمية.
النتائج تعكس عملية معقدة. ملء المستوى المحارب يتم كنموذج تجنيد انتقائي، حيث هناك وزن لميول المتجندين الى درجة أن الكثير من أدوار القتال تحولت بالفعل الى تطوع. وهكذا تتشكل في الجيش الهرمية الطبقية الطائفية: المجموعات من الطبقات الاجتماعية المتدنية ومنها الشرقيين والمتدينين، الذين يبرزون في المواقع القتالية وفي الشرطة، ويعبرون عن استعداد للمشاركة في استخدام العنف ضد العرب. مجموعات من الطبقات العليا والمتوسطة تبرز في المجالات التكنولوجية والوحدات الخاصة. ومن هنا فان أبناء المجموعات الدينية والطبقة الدنيا يهددون حياتهم أكثر، وتشغيلهم العسكري له قيمة السوق المتدنية بعد التسرح من الجيش.
على هذه الخلفية يمكن فهم عاصفة ازاريا. الدمج بين نموذج التجنيد الانتقائي مع هرمية عسكرية داخلية لها مميزات طبقية طائفية هو أمر منتشر. المجموعات الاجتماعية التي يأتي منها الجنود، لا سيما اولئك الذين يتعرضون لأخطار القتال والشرطة، تتطلب الكثير من التأثير في الجيش قياسا مع المجموعات التي لا تخدم أو تتعرض بشكل أقل للخطر.
هناك تأثير آخر قد ينعكس بدفاع الجيش المطلق عن الجنود ايضا عندما يخطئون مثلما حدث مع ازاريا، وهو يضخم هوية الجنود كأولاد يحتاجون الى الدفاع. وقد ينطوي هذا على طابع المطالبة بالتأثير على قيم الجيش كي تصبح مناسبة لقيم المجموعات الموجودة فيه، كما تطلب المجموعات الدينية. المتوقع هو أن يكون الجيش ملتزم بالانتصار والحفاظ على حياة جنوده وليس احترام حقوق مواطني العدو. الجيش الذي يربي على القومية الدينية وليس على القيم الليبرالية.
هذه المطالب يرافقها عدم شرعنة النخب العلمانية القديمة، التي لا تبدو فقط أنها تترك الجيش أو تستغله، بل ايضا تعمل على اضعافه. وقد بدأ ذلك في حرب لبنان الثانية بأقوال الجنرال اليعيزر شتيرن الذي يضع القبعة، حول غياب اسهام تل ابيب في وجبة الدم القومية، وتعاظم بملاحقة منظمة "نحطم الصمت" التي تمثل بقايا النخب القديمة، وحتى استنكار النيابة العسكرية وسلاح التعليم اللذان يمثلان الجيش العلماني التابع للأمس، واستعراض العملية التي تعطي للنساء مساواة في الجيش كمؤامرة من اجل اضعافه. ليس صدفة أن مقياس السلام قد أظهر أنه في اليمين "الصعب" يعتقد النصف أنه لا توجد ملاءمة بين قيم القيادة الرفيعة وقيم الجمهور الواسع.
الهجوم على رئيس الاركان في قضية ازاريا، وانتقاد الحاخامات الحريديين والمستوطنين للجيش، وملاحقة "نحطم الصمت" وغيرها، هي انعكاس للصراع على السيطرة في الجيش – هويته ورموزه وقيمه وسلوكه. والخط الاساسي للصراع هو "البيت اليهودي" الذي يعطي الدعم للنخبة الدينية في الجيش، التي تظهر وكأنها نخبة جديدة. وهذه نتيجة للبنية الاجتماعية للجيش الذي اعترف بشكل متأخر بوجودها.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف