تحاول السلطة الفلسطينية إخفاء ما يجري بسجونها في الضفة الغربية المحتلة، من حالات تعذيب وشبح واعتقال على خلفية سياسية وتنظيمية، وتفرض تعتيم إعلامي كبير على هذا الجانب "المظلم" من ممارساتها، رغم المناشدات التي تخرج بشكل يومي من أهالي المعتقلين، ومنظمات حقوقية مختلفة.
منظمة حقوقية دولية كشفت المستور، حين ذكرت في تقرير رسمي صدر عنها بوجود 33 حالة "تعذيب وحشي" بسجون السلطة الفلسطينية.
المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أكدت، أنه خلال العام 2016 لم تتوقف أجهزة أمن السلطة الفلسطينية عن ملاحقة النشطاء وقمع الحريات العامة، فسارت عمليات الاعتقال والاستدعاء خلال العام بتصاعد مستمر على خلفية الانتماء السياسي، أو النشاطات النقابية المختلفة، رافق هذه الاعتقالات اختفاء قسري وعمليات تعذيب لعدد من المعتقلين، كما قامت قوات الأمن بقمع مظاهرات ووقفات سلمية والاعتداء على المشاركين والصحفيين بالضرب.
تعذيب واختفاء قسري.. وتكتيم إعلامي
وأشارت المنظمة في تقريرها، إلى أن الجرائم التي ترتكبها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بحق المواطنين، لا تجد أي ملاحقة أو محاسبة من قبل القضاء، فهذا القضاء يقف عاجزا أمام تغول هذه الأجهزة، ولا يملك سوى تنفيذ أوامر الأجهزة الأمنية بتمديد الاعتقال، وفي الحالات التي يصدر فيها القضاء قرارات بالإفراج عن المعتقلين، فإن الأجهزة الأمنية ترفض تنفيذ القرارات، وتحيلهم للاعتقال الإداري فيما يسمى "على ذمة المحافظ".
"أمد للاعلام" تواصل مع أحد أقارب المعتقلين، ويدعي "أبو محمد يامن"، وأكد أن هناك العشرات من المعتقلين في سجون السلطة يتعرضون للتعذيب الوحشي بشكل يومي دون رحمة أو رأفة بحالهم.
وأضاف في تصريح خاص لـ "أمد" قائلا: "حالات التعذيب للمعتقلين على خلفية سياسية، وخاصة من أبناء الكتلة الإسلامية التابعة لحركة "حماس" التي تنشط بالضفة الغربية المحتلة، تتسارع وترتفع بشكل يومي، في ظل وجود قرار من السلطة بمنع زيارة أهالي المعتقلين ومنع دخول المؤسسات الحقوقية والإنسانية للسجون".
وأوضح، أنهم "توجهوا للعديد من الأطراف الأمنية والسياسية التابعة للسلطة وحركة "فتح" في محاولة لمعرفة مصير ابننا المسجون منذ أكثر من عام ونصف، لكن لم نحصل إلا على "وعود كاذبة" لم نرى منها أي شي على الأرض".
وتابع ابو محمد: "لجأنا بعد ذلك للمؤسسات الحقوقية والإنسانية ووسائل الإعلام، لفضح ممارسات أجهزة السلطة القمعية، وكشف حقيقية السجون السرية التي باتت الان بمثابة مسلخ لكل معتقل على خلفية سياسية وتنظيمية أو كل من يعارض فتح والرئيس عباس".
ووجه "أبو محمد يامن" نداءً عاجلاً لكافة الفصائل الفلسطينية والمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام بالتحرك بهذا الجانب، وتنظيم زيارات دورية لسجون السلطة لكشف ما يجري بداخلها من تعذيب وإذلال للفلسطينيين دون حساب أو عقاب لمرتكبي تلك الجرائم.
يذكر أن 6 فلسطينيين قتلوا خلال العام المنصرم على يد الأجهزة الأمنية، خمسة منهم في حوادث إطلاق نار عشوائية، والسادس تم تعذيبه حتى الموت داخل سجن"جنيد" في مدينة نابلس على أيدي عناصر أجهزة الأمن.
وفي ذات السياق، قالت "لجنة أهالي المعتقلين السياسيين" في الضفة الغربية المحتلة، إن: "سجون الأجهزة الأمنية شهدت في الآونة الأخيرة ولا تزال، عودة ممنهجة للتعذيب بحق المعتقلين في سجونها على خلفية انتمائهم السياسي".
وأشارت اللجنة، إلى أنها "وثقت عددا من الحالات التي تعرض فيها معتقلون سياسيون لتعذيب شديد على أيدي المحققين في سجون الأجهزة الأمنية، وأن بعض تلك السجون أمست مسالخ متخصصة في التعذيب"، على حد تعبير البيان.
وأكدت على أنها "تلقت عددا من الشكاوى والشهادات التي توثق تفاصيل عمليات التعذيب بحق المعتقلين السياسيين، خاصة في سجن جهاز المخابرات العامة بمحافظة بيت لحم، حيث يُمنع أهالي عدد من المعتقلين من زيارتهم، إضافة إلى منع محاميهم من اللقاء بهم، مشيرة إلى أن هذا المنع يعزز ما تردد عن خشية الأجهزة الأمنية اطلاع الأهالي والمحامين على الحالة الصحية لأبنائهم وموكليهم الذي يتعرضون للتعذيب والشبح المتواصلين، حسب البيان.
مخالفة للقانون ودعوات للتحقيق
خليل عساف، عضو لجنة الحريات العامة بالضفة الغربية المحتلة، أكد أن واقع الحريات في قطاع غزة والضفة الغربية، بات خطير للغاية ووصل لمرحلة حرجة وهناك تعدي غير قانوني ملحوظ على الحياة الشخصية والسياسية لدى المواطنين.
وأكد عساف، في تصريح خاص لـ"أمد"، حالات الاعتقال والاعتداء والتعذيب من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية على الخلفية السياسية والتنظيمية ترتفع بشكل ملحوظ وخطير للغاية، دون أي احترام للقانون الفلسطيني الذي يضمن ويدافع عن الحريات ويتكفل بها.
وأشار عضو لجنة الحريات العامة، إلى أن الواقع الفلسطيني بات صعب ويبشر بمرحلة مقبلة سيئة للغاية، خاصة في ملف قمع الحريات وتعذيب المواطنين بعد اعتقالهم، وعدم تقديم آخرين للمحاكمة وإبقاءهم في السجون دون أي حكم قضائي بحقهم.
وذكر عساف، أن هناك العشرات من الشكاوى التي خرجت من السجون التابعة للسلطة الفلسطينية حول التعذيب، وقد وصلت إلى المراكز الحقوقية والإنسانية وهم بدورهم سيتابعون هذا الملف عبر المؤسسات الدولية المختصة لفضح من قام بتلك الجرائم وتقديمهم للمحاكمة ومحاسبتهم.
وحذر من استمرار سياسة "قمع الحريات" من قبل الأجهزة الأمنية، مؤكداً أن ذلك خرق للقانون الفلسطيني ومساس سافر بحياة المواطنين، ويؤثر في نظرة العالم أجمع لنا عندما تخرج تقرير تؤكد أننا "نعذب بعضنا ونتعدى على حريتنا بالاعتقال والملاحقة والقتل والتعذيب ".
وطالب عساف، بإنهاء هذا الأمر بشكل فوري والإفراج عن كافة المعتقلين على الخلفية السياسية، وفرض سيادة القانون الفلسطيني من جديد على الساحة واحترام الحريات والمعتقدات السياسية للمواطنين، وإلا الأمور ستذهب نحو الأخطر الأكبر.
"المنظمة العربية لحقوق الإنسان" الدولية قالت، إن:" ستة أجهزة أمنية ميزانيتها السنوية أكثر من مليار دولار - هي ثلث موازنة السلطة الفلسطينية - تصرف على أنشطة ومنها مصاريف قمع الحريات وملاحقة النشطاء والتعاون الأمني مع قوات الاحتلال".
ووثقت المنظمة عددا من الانتهاكات، حيث ذكرت أنه فيما يتعلق بالاعتقال والاستدعاء خلال عام 2016، بلغ عدد من تم اعتقالهم واستدعاؤهم 2214 مواطنا، منهم 1125 حالة اعتقال، و1089 حالة استدعاء، تركزت ضد أسرى محررين من السجون الإسرائيلية وطلبة جامعيين.
ووثقت الجهة التي قامت بالاعتقال، حيث قام جهاز المخابرات العامة باعتقال 449 مواطنا، فيما اعتقل جهاز الأمن الوقائي 563 مواطنا، وجهاز الشرطة مواطنا واحدا، بينما لم تتأكد جهة الاعتقال لـ112 حالة أخرى، أما عن الاستدعاءات التي قامت بها أجهزة السلطة في الضفة، فقد توزعت بين جهاز المخابرات العامة بـ430 استدعاء، وجهاز الأمن الوقائي بـ512، فيما لم توثق 146 حالة أخرى.
وأشارت المنظمة إلى خطورة عمليات التعذيب داخل المقار الأمنية التي استمرت بحق بعض المعتقلين على خلفية انتماءاتهم السياسية خلال العام المنصرم، فقد تم توثيق تعرض 33 معتقلا فلسطينيا على الأقل للتعذيب الوحشي داخل مقار الاحتجاز التابعة لقوات الأمن الفلسطينية على مدار العام، بعضهم تم نقله إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية من شدة التعذيب.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف