ثمة تراكم مقلق لأحداث متعلقة بالحرم في الآونة الأخيرة، يثير الخوف من جولة عنف أخرى في القدس. في سيناريو كهذا فان عملية أول من أمس صباحا على أبواب الحرم تبشر ببداية موجة عنف. «المخرب» الذي دخل مقر الشرطة في باب الأسباط هو إبراهيم مطر، ومثل كثير من «المخربين» في شرقي القدس، هو أيضا جاء من جبل المكبر. منزله يوجد على بعد 400 متر هوائي من بيت فادي القمبر الذي نفذ عملية الدهس في أرمون هنتسيف في كانون الثاني الماضي، والتي قتل فيها أربعة جنود. في الصور التي تم توزيعها بعد عملية الطعن، أول من أمس، يظهر مطر وفي الخلفية قبة الصخرة، وتشير لحيته إلى تدينه. وحسب أقوال ابن عمه، توفيق مطر، اعتاد إبراهيم الصلاة في الحرم في كل صباح. وقد وصفه الفلسطينيون، أول من أمس، بشهيد الفجر على اسم صلاة الفجر. بالنسبة للكثيرين في شرقي القدس فإن العملية لم تكن مفاجئة، وهي حدثت على خلفية النقاش الآخذ في الاتساع، بأن اسرائيل تحاول مجددا إبعاد المسلمين عن الحرم. الشعور بالتهديد، على خلفية موقف نتنياهو، غير مبرر، وهو يتكون من عوامل كثيرة لا ترتبط ببعضها من وجهة نظر اسرائيل: قانون تقييد الآذان في المساجد، الذي تمت المصادقة عليه بالقراءة الاولى، الحفر تحت سلوان، حيث تزداد الادعاءات بأنه يهدف إلى الاضرار بالمسجد الأقصى، افتتاح مسار سياحي في منطقة يزعم الفلسطينيون والحكومة الأردنية أنه على حساب التراث الإسلامي في المنطقة، وإدانة فلسطينية بالهجوم على عضو الكنيست شولي معلم في الحرم. ولم يكن أحد ليتطرق إلى القرار لولا قول القاضي إن الحرم هو موقع مقدس لليهود. يضاف إلى ذلك افتتاح مسار «المغاطس»، وهو مسار سياحي على مشارف المسجد الاقصى. وافتتاح المسار بمشاركة سياسيين من اليمين في اسرائيل تزامن مع تنديد الفلسطينيين وحكومة الاردن، الذين ادعوا أنه على حساب التراث الاسلامي. واذا لم يكن هذا كافيا، فقد نشرت «يديعوت أحرونوت»، أول من أمس، أن وزيرة الثقافة ميري ريغف (التي لعبت من خلال منصبها السابق كرئيسة للجنة الداخلية التابعة للكنيست دورا حاسما في تأجيج الخلاف حول الحرم) مع وزير شؤون القدس، زئيف الكين، أقامت صندوقا حكوميا لرعاية تراث الحرم. وحسب التقرير ستستثمر الدولة مبلغ مليوني شيكل كل سنة في الصندوق. وعلى خلفية هذه الأمور، زاد عدد اليهود الذين يذهبون إلى الحرم. دخل الحرم، الخميس الماضي، 96 اسرائيليا، أكثر من السنة الماضية بـ 60 في المئة، وهذا ليس لمرة واحدة. يتحدث نشطاء «الهيكل» عن زيادة عدد الزائرين هناك. ومع زيادة العدد يتراجع موضوع القرارات التي تمنع اليهود من الصعود إلى الحرم، التي قررتها الشرطة بعد الاحداث العنيفة في السنوات 2014 – 2015. ويُسمح للزوار بالذهاب إلى الحرم الآن بأعداد أكبر، يصل عددهم إلى 40 شخصا بدل 15 – 20 شخصا، وإجراء جولات أطول في المكان. وكذلك ساعات الزيارة المسموح بها لليهود في الحرم تم تمديدها بشكل غير رسمي نصف ساعة، وبين الفينة والاخرى يتم اعتقال الزائرين الذين يتجاوزون القانون في الموقع من خلال الصلاة، ويقوم الفلسطينيون ببث الأفلام في الشبكات الاجتماعية لليهود في الحرم بعنوان «مقتحمون»، والدعوة للعمل ضدهم. مثلما كان في السابق، الآن ايضا يربط الفلسطينيون بين الاحداث المختلفة التي تعبر حسب رأيهم عن تهديد متزايد للترتيبات في الحرم، حتى لو لم يقصد الإسرائيليون ذلك. وقبل اربعة ايام نشرت الأوقاف اعلانا يطلبون فيه المساعدة: «مدينة القدس والمسجد الاقصى الشريف يتعرضان منذ العام 1967 وحتى الآن لعملية تهويد عنصرية هستيرية، على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي والاذرع الرسمية والكولونيالية، بوساطة برامج تهويد متعددة». وجاء في الاعلان ايضا أن العمل يتم في أكثر من اتجاه. «الاتجاه الاول هو قانون المؤذن الذي يسعى إلى التطهير العرقي. والثاني هو خنق المسجد الأقصى واقامة مراكز للمستوطنين. والثالث هو خلق واقع جديد من خلال تغيير الوضع التاريخي القائم منذ العام 1967». «الساسة الاسرائيليون يستصعبون معرفة الارتداد الذي يخلقه سلوكهم، وقد تراكم التوتر فيما يتعلق بالحرم، لكن زعماء اسرائيل هم أسرى للنقاش الاسرائيلي الداخلي، وهم لا يجدون صلة بين اعمالهم وبين الرد العربي»، قال للصحيفة عوفر زلتسبرغ، المسؤول عن شؤون الشرق الاوسط في جماعة الازمات الدولية – المنظمة التي تفحص الازمات في ارجاء العالم. وبالنسبة لاسرائيل، قال زلتسبرغ: «الرد دائما يرتبط باللاسامية ونفي صلة اليهود بالحرم. توجد لاسامية ويوجد نفي للصلة. إلا أن أعمال اسرائيل تعمل على زيادة هذا النقاش فقط». التعامل مع موضوع الحرم خطير دائما، ولا يمكن الاعتماد على الرزنامة بأن تؤدي إلى التوتر في القدس. وفي هذه المرة أيضا يتغلب التوتر قبل شهر من عيد الفصح (العيد الأكثر أهمية بالنسبة لنشطاء «جبل الهيكل»)، وقبل شهرين ونصف الشهر من الاحتفال بمرور خمسين سنة على توحيد المدينة ونية الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى مدينة القدس. كل ذلك يحدث في الوقت الذي لا توجد فيه لإسرائيل مظلة أمان على شكل وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري. فقد كان يتم استدعاء كيري إلى المنطقة من اجل التوصل إلى تفاهمات غير رسمية بين اسرائيل والاردن لتهدئة الخواطر في موضوع الحرم. في ظل غياب شخص بالغ وعاقل في واشنطن ومع الكثير من السياسيين الذين لا يتحملون المسؤولية في القدس، هناك بالتأكيد سبب يدعو للقلق.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف