في مثل هذه الأيام وبالتحديد يوم 12/ أذار / 2002 ، أي قبل خمسة عشر عاماً ، صدر قرار مجلس الأمن 1397 في جلسته رقم 4489 ، والذي أكد فيه ومن خلاله على “ رؤية تتوخى منطقة تعيش فيها دولتان اسرائيل وفلسطين ، جنباً الى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها “ وفق نص القرار ، بعد أن أشار الى جميع قراراته السابقة ذات الصلة ، ولا سيما القرارين 242 الصادر عام 1967 ، و338 الصادر عام 1973 ، والذي يتضمن الأنسحاب وعدم الضم للأراضي المحتلة عام 1967 .
ما أهمية هذا القرار ، وما هي الأحداث التي أعقبت صدوره ؟؟ :
أولاً : لقد صدر القرار بموافقة 14 دولة بما فيها البلدان الأعضاء الدائمون الصين ، فرنسا ، روسيا ، بريطانيا ، الولايات المتحدة ، وهذا مصدر أهميته ، والبلد الوحيد الذي امتنع عن التصويت هو سوريا من بين الدول ليست دائمة العضوية .
ثانياً : كانت الادارة الأميركية التي بادرت في صياغة القرار ووافقت عليه بعد التعديلات والتصويت لصالحه من الحزب الجمهوري برئاسة جورج بوش الأبن ، أي من حزب الرئيس الحالي دونالد ترامب .
ثالثاً : تحدث القرار عن ترحيبه بمساهمة الأمير عبد الله ولي عهد العربية السعودية أنذاك والتي تحولت مساهمته الى ما يسمى “ المبادرة العربية “ وصدرت عن قمة بيروت أذار 2002 ، أي بعد صدور القرار 1397 ، بستة عشر يوماً فقط ، وبما حملته المبادرة من تنازل مجاني مسبق عن بعض حقوق الشعب الفلسطيني الجوهرية والمتمثلة بمسألتين :
أولاً : حق عودة اللاجئين واستعادة ممتلكاتهم كما ينص قرار الأمم المتحدة 194 ، واستبدال ذلك وفق المبادرة العربية بجعل قضية عودة اللاجئين نصاً بـ “ حل متفق عليه “ أي ربط حل قضية اللاجئين بقبول ورضى المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي .
ثانياً : تبادلية في الأراضي ، أي تنازل فلسطيني عن الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967 ، مقابل الحصول على أراض محتلة عام 1948 ، وهو اخلال مسبق بقرار مجلس الأمن 242 ، الذي ينص على الانسحاب وعدم ضم الأراضي بالقوة .
كما دعا القرار الى التعاون الفلسطيني الاسرائيلي في تنفيذ خطة عمل جورج تينيت مدير المخابرات المركزية الأميركية ، وتنفيذ توصيات تقرير جورج ميتشيل نصاً .
رابعاً : لأول مرة يصدر قرار عن مجلس الأمن تذكر فيه كلمة فلسطين بالاسم وكدولة بالنص “ منطقة تعيش فيها دولتان اسرائيل وفلسطين ، جنباً الى جنب “ .
بعد كل ذلك ماذا كان الرد الاسرائيلي من قبل شارون رداً على قرار مجلس الأمن هذا 1379 ؟؟ وماذا كان رد شارون على مبادرة السلام العربية التي صدرت عن القمة في أخر شهر أذار ذاك عام 2002 ؟؟ كان رد حكومة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلية يوم 30/ أذار / 2002 ، وبعد أقل من 48 ساعة من انعقاد القمة العربية ، واعلان مبادرة السلام العربية ، كان الرد الاسرائيلي باعادة احتلال كافة المدن الفلسطينية التي سبق وانحسر عنها الاحتلال وفق الاتفاق التدريجي المتعدد المراحل الذي وقع في ساحة الورود في البيت الأبيض يوم 13/9/1993 ، برعاية الرئيس الأميركي كلينتون – المسمى اتفاق أوسلو .
شارون أعاد احتلال المدن الفلسطينية من جنين حتى الخليل مروراً بنابلس وطولكرم وأريحا وبيت لحم ، كما أعاد احتلال رام الله والبيرة ومحاصرة مقر الرئيس الراحل ياسر عرفات بعد فرض الحصار عليه ، وحينما التقى شارون في شهر نيسان عام 2004 مع الرئيس بوش وعرض عليه قتل أبو عمار رد عليه بوش أن “ أتركه لله “ فرد عليه شارون “ وسأعمل على مساعدة الله للتعجيل برحيله “ فصمت بوش ، واعتبر شارون أن صمت بوش بمثابة رسالة رضى وقرار بالموافقة ، وهكذا عمل على اغتيال أبو عمار وانهاء حياته في شهر تشرين الثاني عام 2004 .
في ولاية الرئيس أوباما الأولى وتسلمه سلطاته الدستورية يوم 20/1/2009 ، أجرى بعد يومين فقط اتصاله مع الرئيس الفلسطيني وكلف السيناتور جورج ميتشيل بمتابعة ملف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ، وتحمس الرجل وصمد أربع سنوات ذهاباً واياباً ، وفشل واستقال بلا رجعة ، وفي ولايته الثانية التي بدأت منذ عام 2013 ، سلم الرئيس أوباما المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية الى وزير الخارجية جون كيري وواصل مهامه واتصالاته بهمة ونشاط حتى رحل هو ورئيسه مع نهاية العام 2016 ، بلا نتيجة ، مقابل استمرار الاستيطان والتوسع وعزل المناطق الثلاث المحتلة عام 1967 ، عن بعضها البعض ، الضفة عن القدس ، وكلتاهما عن قطاع غزة ، اضافة الى مواصلة تهويد القدس ، وأسرلة الغور وتمزيق الضفة الفلسطينية ، ورفض تنفيذ أي من الاتفاقات السابقة الموقعة بالرعاية الأميركية ، بما فيها اطلاق سراح الأسرى من ذوي الأقدمية الذين تم أسرهم قبل عام 1993 ، حيث من المفترض أنذاك اطلاق كافة الأسرى ، الذين تم أسرهم قبل التوصل الى اتفاق أوسلو ، ويفترض أنهم بالأسر بسبب حالة العداء والحرب والتصادم والاحتلال ، وطالما وقع التفاهم والاتفاق كان من المفترض انهاء تداعيات العداء والاحتلال .
فرح الرئيس الفلسطيني باستقباله مكالمة تلفونية من قبل الرئيس دونالد ترامب مساء الجمعة 10/3/2017 ، تمهيداً للقاء قمة فلسطيني أميركي يجري العمل على ترتيب مواعيده ومضامينه ، وقد سبق ذلك زيارة ماجد فرج مدير المخابرات الفلسطيني الى واشنطن، وأعقبها زيارة مدير المخابرات الأميركي مايك بومبيو الى رام الله ، وشكلتا الزيارتين المتبادلتين الأرضية المناسبة للاتصال التلفوني بين واشنطن ورام الله ، ومن ثم ماذا بعد، هل ثمة أمل يمكن أن يتحقق ؟؟ .

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف