وصفت الزيارات المتزامنة لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للصين، وللرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، لفيتنام، بأنها تندرج ضمن 'الغزو الناعم' الإسرائيلي لدول شرق آسيا، وذلك على غرار غزوها لأفريقيا ومناطق أخرى في العالم كان محظورا عليها دخولها.
وكان نتنياهو قد وصل إلى الصين برفقة أربعة من وزراء حكومته، إضافة إلى 30 رجل أعمال، بينما حط الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ، في هانوي على رأس وفد كبير ضم العديد من رؤساء شركات الصناعات الحربية.
وتأتي زيارة نتنياهو إلى الصين بمناسبة مرور 25 عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين تل أبيب وبكين، ويحظى خلالها باستقبال رسمي من المسؤولين الصينيين، في مقدمتهم الرئيس الصيني، شاي جينفينج ورئيس الوزراء لي كتشيانج، فيما تتناول المباحثات تعزيز التعاون الاقتصادي مع الصين، والتوقيع على عدة اتفاقيات اقتصادية سيكون من شأنها زيادة عدد الشركات الناشطة في الصين، وتسهيل عملية التصدير اليها، إضافة الى اتفاقيات فى مجالات العلوم والتكنولوجيا، كما يشارك رجال الأعمال الإسرائيليون في منتدى تجاري يضم أكثر من 500 مشارك.
وتتزامن زيارة نتنياهو للصين، مع زيارة يقوم بها ريفلين الذي وصل، الأحد، إلى فيتنام برفقة وفد اقتصادي وأمني كبير، في زيارة رسمية يلتقى خلالها نظيره الفيتنامي ومسؤولين آخرين، حيث يتصدر الموضوع الاقتصادي وتطوير العلاقات الأمنية العسكرية جدول أعمال الزيارة، التي يشارك فيها رئيس اتحاد الصناعة الإسرائيلية، شراغا بروش، وعدد من مديري الشركات العسكرية والأمنية.
وإن كانت علاقات إسرائيل مع هذين البلدين الآسيويين غير جديدة، فإن تداعيات تاريخية، إضافة إلى رمزية زعيميهما التاريخيين ماو تسي تونغ وهوشي منه، يجعلنا نستغرب في كل مرة هذا الموقف من سايغون وبكين، وكأن شيئا ما لا يتناسب مع جغرافيا وتاريخ وعراقة نضالهما، بغض النظر عن تحولات الموقف العربي أو الفلسطيني من إسرائيل، وهو ما يجعل البعض يكتب ان ماو تسي تونغ وهوشي منه يتقلبان في قبريهما.
وكما هو معروف فقد كان لاتفاقية 'كامب ديفيد' بين مصر وإسرائيل عام 1979 والتي أيدتها الصين في حينه، أثرها الكبير في تحلل الصين من أي حرج دبلوماسي للاقتراب من إسرائيل. وجاءت اتفاقيات أوسلو ووادي عربة لتعززهذا التوجه الصيني وتعممه على سائر دول شرق آسيا مثل فيتنام، وهي اتفاقيات رفعت الحرج عن هذه الدول، وجعلتها تدرك أن تطوير علاقاتها مع إسرائيل لن يكون له أية نتائج سلبية لعلاقاتها مع الدول العربية، نظرًا لتزايد الاعتراف العربي بشكل مباشر أو غير مباشر بإسرائيل، واضمحلال فكرة المقاطعة العربية تدريجيا.
وتشير المعطيات المتعلقة بحجم التبادل التجاري بين العالم العربي والصين وبينها وبين إسرائيل إلى صوابية هذا الموقف، حيث ارتفع حجم التجارة الصينية العربية من حوالي 51 مليار دولار عام 2005، إلى 109 مليار دولار عام 2009، وحوالي 70 مليارا في النصف الأول من عام 2010، إلى جانب ذلك فقد ارتفع حجم التجارة الإسرائيلية - الصينية إلى 6.7 مليار دولار أي ما يعادل ضعف الفترة السابقة.
ورغم رجحان كفة التبادل التجاري مع العالم العربي على إسرائيل، فإن علاقة الصين الاقتصادية باسرائيل تكتسب أهمية كبيرة وتحقق لها عدة أهداف أهمها، استغلال نفوذ اللوبي اليهودي في أميركا لصالحها ورغبتها في استقطاب رؤوس الأموال اليهودية في العالم، واستغلالها للشركات الإسرائيلية كرأس جسر للوصول للتكنولوجيا الغربية، حيث تشير المعطيات إلى أن إسرائيل باعت أسلحة للصين خلال الفترة من 1984-1994 بمبلغ 7.5 مليار دولار، كما شاركت 164 شركة إسرائيلية في علاقات تقنية في ميادين مختلفة مع الصين، وكانت المزود الثاني للصين بعد روسيا.
وكشفت الاتفاقية الصينية - الإسرائيلية عام 2000 عن تعاون في مجال الدفاع بخاصة في إنتاج طائرات بدون طيار، وهي الاتفاقية التي عطَّلتها واشنطن بعد اكتشافها، كما دفعت إسرائيل غرامة للصين بمقدار 350 مليون دولار كتعويض عن الضرر الذي لحق بها من جرَّاء إلغاء مشروع إنتاج طائرات الفالكون.
وفيما يتعلق بفيتنام فإن التعاون بينها وبين إسرائيل تعزز في الآونة الأخيرة في المجالين الأمني والعسكري، حيث تقوم إسرائيل بتدريب القوى البشرية الفيتنامية على استخدام التقنيات العسكرية المتقدمة، فيما تقوم الشركات الصناعية العسكرية الإسرائيلية بتزويد فيتنام بمنتجات وتقنيات عسكرية متطورة.
ويرجح أن تشارك الصناعات العسكرية في إسرائيل بتطوير أنظمة الدفاع والتكنولوجيا في فيتنام، كما أن الأخيرة استوردت بين عامي 2005 و2015، صواريخ من طراز 'سبايدر' و'ديربي' ورادارات الدفاع الجوي من إسرائيل. وبعد رفع الحظر عن بيع الأسلحة الفتاكة لفيتنام خلال زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أخيرا، من المتوقع المزيد من الحركة في تجارة الأسلحة بين إسرائيل وفيتنام.
إلى جانب تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل، تحتفظ الصين وفيتنام، أيضا، بموقف الحد الأدنى السياسي المؤيد للقضية الفلسطينية، والذي يتمثل بعدم الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية في أراضي 1967، والتأكيد على حق الفلسطينيين في دولة مستقلة على حدود 1967، ورفض التغييرات في القدس الشرقية، وعدم مقاطعة حركة حماس على غرار ما فعلته أغلب الدول الأوربية والولايات المتحدة، وهو ما بقي من موقفها المقاطع بشكل كامل لإسرائيل والمؤيد حتى العظم للحقوق العربية والفلسطينية.
عرب 48

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف