احتاج الموفد الشخصي للرئيس الامريكي إلى شرق الاوسط "جيسون غرنبلت" الذي يوصف بعذوبة الكلام والتركيز على الهدف إلى اجتماعين مع نتنياهو، حتى نجح بوضع "اللغم" في قلب الائتلاف الحكومي، ووضع إسرائيل على حافة الانتخابات المبكرة، حسب تعبير المحلل السياسي لصحيفة "هأرتس" ومحررها الرئيسي "الوف بن"، في مقالته التحليلية المنشورة الاثنين، تحت عنوان "لا سلطة البث العام ولا التحقيقات، إنها المستوطنات يا تمبل".
وكشفت الاعلانات التي نشرت في اعقاب الاجتماعات، عمق الخلافات بين ادارة الرئيس ترامب ونتنياهو حول البناء الاستيطاني، ولو كان هناك أي اتفاق أو توافق لأعلنوها بانفعال شديد، لكن بدلا من زف البشرى اكتفى نتنياهو بالقول: "إنها محادثات ثنائية حقيقية وودية" وهو تعبير دبلوماسي للتغطية على عدم الاتفاق. قال "الوف بن".وأضاف: "بترجمة ما جرى الى اللغة العبرية الواضحة، فقد طلب ترامب تجميد الاستيطان بحجم ونطاق اكبر مما يمكن لنتنياهو تقديمه من خلال مثل هذا الائتلاف الذي يقف على رأسه، فاذا قرر الاستجابة للطلب الامريكي سيقوم ضده نفتالي بينت ويسقط حكومته وسيقنع ناخبي اليمين بعدم منح نتنياهو فرصة اخرى، وستقوم حملة حزب البيت اليهودي الانتخابية على شعار "اردت حكومة يمينية وحصلت على يسارية".ولا يملك نتنياهو خيار استبدال نفتالي بينت برئيس "المعسكر الصهيوني" يتسحاق هيرتصوغ وإقامة حكومة وسط بالائتلاف مع "المعسكر الصهيوني" ترضي الرئيس ترامب، فقد بات الوقت متأخرا جدا على مثل هذه المناورة، ومن المشكوك فيه أن يقدم هيرتصوغ الذي شبع من وعود وتعهدات نتنياهو الخادعة على جر حزبه للانضمام للحكومة الحالية التي تقف على ابواب الانهيار والتفكك.
بحث نتنياهو عن حجة لتفكيك الائتلاف الحاكم لا تظهره يساريا مقابل خصمه نفتالي بينت، وتوفر عليه مواجهة مع صديقه العزيز الرئيس ترامب قدر الامكان فوجد ضالته في النضال ضد "سلطة البث العمومي" اليسارية.الامريكيون لا تعنيهم هذه الاساليب ولا تهمهم في شيء، فلا مشكلة لديهم بأن يطرح نتنياهو نفسه على الاقل امام مؤيديه كصاحب موقف يميني لكن اذا سقطت الحكومة فانه سيضمن هدوءا لعدة اشهر على جبهة المستوطنات.تسير المنظومة السياسية الاسرائيلية منذ عدة اشهر نحو الانتخابات المبكرة، حتى قبل الكشف عن التحقيقات الجارية ضد نتنياهو، فبكل بساطة لم يؤدي الارتباط بين نتنياهو ونفتالي بينت المهمة المتوقعة منه، وظهر أن الخلفية الايديولوجية لا تكفي لستر عورة الاحتقار المتبادل وعدم الثقة.تغيرت موازين القوى بين الاثنين بعد الانتخابات الاخيرة فأصبح وزير التعليم يقود حزبا صغيرا لكن مسيطرا على جدول الاعمال اليومي لوسائل الاعلام العبرية باستثناء صحيفة "اسرائيل اليوم"، فباتت موازين القوى في المواقع الالكترونية والصحف وعناوين نشرات الاخبار المركزية تتحدث لغة "بينت" وتجر خلفها غالبية وزراء وأعضاء الكنيست من حزب الليكود، وحتى نتنياهو ذاته وجد نفسه في مرات عديدة مجرورا في اعقاب خصمه، وهذا الامر ادخل نتنياهو في حالة جنون، فهو يرصد "وسائل الاعلام اليسارية" تعمل لصالح زعيم البيت اليهودي بتوافق يقوم على فكرة ازاحته عن السلطة أو اضعافه على اقل تقدير.ودخل الرئيس ترامب هذه الدوامة عبر طلبه تجميد الاستيطان واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين للتوصل إلى "صفقة"، ونتنياهو لا يستطيع هذه المرة صد الرئيس الامريكي عبر الكونغرس كما فعل مع سلفه باراك اوباما، كونه "نتنياهو" مرتبط بالمطلق بالرئيس ترامب، فمن الافضل له المخاطرة بالتوجه نحو انتخابات مبكرة يمكن أن يتمكن بعدها من تشكيل ائتلاف حكومة اقل صداميه، بدلا من الدخول في مواجهة مع البيت الابيض.ويواجه نتنياهو في الانتخابات القادمة منافسا وحيدا هو "يائير لبيد" اذ لا يوجد باستثنائه أي مرشح اخر يملك الدافع والتنظيم والشعبية وهي عوامل مطلوبة وضرورية للوقوف امام نتنياهو.يعتقد "لبيد" أن سياسات نتنياهو تملك شعبية لدى الجمهور المتمتع بالأمن والرخاء الاقتصادي، لذلك سيركز حملته على الجوانب الشخصية لخصمه على امل أن يشعر الناخبون الواقعيون بالملل والتعب من قصص نتنياهو وسارة، وأن يكونوا على استعداد لمنح شخص اخر، معروف لديهم ويختلف قليلا عن "القائد الحالي"، الفرصة لتولي زمام الامر.واختتم الوف بن مقالته بالقول: "حين تنتهي الانتخابات وعد الاصوات سيواجه الفائز سواء كان لبيد أو نتنياهو ذات المعضلة والدوامة التي وضعها الاسبوع الماضي امام نتنياهو، مبعوثُ الرئيس الامريكي، والمتمثلة بالإجابة على سؤال: "كيف نجمد الاستيطان ونتقدم نحو عقد صفقة مع الفلسطينيين؟" دون المخاطرة بأحداث صدع داخلي يفتت الجيش الاسرائيلي ويقسم المجتمع الاسرائيلي لأجيال قادمة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف