عادت إسرائيل في السنوات الأخيرة للعب دورها الأصلي وهو «نور للأغيار». بالنسبة لقطاعات واسعة في الغرب هي مصدر للإلهام والتقليد، وهي النموذج الذي يحتذى والطلائعية وعمود النار والبرج العالي. وهي ايضا الجدار الواقي. عندما يسير العالم بشكل سريع نحو اليمين فان اسرائيل تبرز مثل تلك الأيام الجميلة، أيام الكيبوتس و»الأيام الستة». عندما يعلن العالم الحرب على المسلمين، يتذكر أن اسرائيل كانت قبله. الجيش الطلائعي لأبناء النور في حربه ضد أبناء الظلام. عندما يتحدثون عن طرق محاربتهم، فاسرائيل هي ملعب التدريب الأكثر خبرة. وعندما يتحدثون عن تأثير انتخاب دونالد ترامب على اليمين في اسرائيل، يجب الانتباه ايضا الى التأثير في الاتجاه المعاكس، الاكثر أهمية وهو كيف تحولت اسرائيل الى مصدر شرعية لليمين المتطرف في الولايات المتحدة. لقد جاء خيرت فيلدرز الى اسرائيل أربعين مرة. وعاش فيها سنتين ايضا. فما الذي وجده فيها بالضبط؟ مصدر إلهام لنظريته العنصرية وملجأ لتبييض مواقفه. «أنا لا اشعر بهذه الأخوة في أي مكان آخر في العالم مثلما اشعر في مطار بن غوريون»، قال ذات مرة. وماذا نريد أكثر من ذلك؟ اسرائيل هي بالضبط من جنوب افريقيا الذي اعتبره الغرب واجهة متقدمة ضد الشيوعية. هكذا تبدو اسرائيل الآن، واجهة الغرب في حربه ضد الاسلام الظلامي. «بفضل الآباء في اسرائيل الذين يرسلون أبناءهم الى الجيش ولا ينامون في الليل، فان الآباء في اوروبا وفي الولايات المتحدة يمكنهم النوم بهدوء»، قال فيلدرز. صحيح أن اسرائيل بدأت في كل ذلك. فقد كانت الدولة الاولى التي أدركت خطر العرب، وأعلنت الحرب عليهم. وهي التي أعادت الكولونيالية. واليمين لن ينسى ذلك. وهي التي قامت ببناء جدران الفصل وحققت احلام اليمين العالمي. لو كان يمكن احاطة اوروبا بجدار مثل الجدار حول الضفة الغربية، ولو كان يمكن اقامة جدار على حدود المكسيك مثلما هي الحال على الحدود المصرية. لقد أثبتت اسرائيل أن هذا ممكن، وأثبتت أنه يمكن أن تكون ديمقراطية وفي الوقت ذاته ابرتهايد. وهو حلم اليمين المتطرف. وأثبتت اسرائيل أنه يمكن الاخلال بالقانون الدولي والعيش دون محكمة العدل العليا و»بتسيلم». يريد ترامب ذلك، وعيون فيلدرز تلمع عند رؤية الاعدامات الروتينية لفتيات المقصات والأولاد الذين يحملون الحجارة في الضفة الغربية. إنهم يحسدون اسرائيل. يمكن فقط حسدهم، كيف لا يخجلون من السيطرة على ملايين العرب دون حقوق على مدى خمسين سنة، وفي الوقت ذاته يكونون جزءاً من العالم المتنور؟! وفعل كل شيء تحت شعار «مكافحة الارهاب»؟! اليمين في الغرب يريد اغلاق مدنه أمام طالبي اللجوء وعدم الاعتراف بأي شخص كلاجئ، مثلما تفعل اسرائيل. والاخلال بالمواثيق الدولية وقرارات المؤسسات الدولية. اغلاق دوله أمام مواطني الدول الاسلامية والاشتباه بكل من له اسم عربي، مثل اسرائيل، وضع آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون، ومعظمهم أسرى سياسيون وبعضهم دون محاكمة. من مارين لوبين وحتى «الديمقراطيين في السويد»، جميعهم يريدون تطبيق هذا في بلادهم. اسرائيل هي التي بدأت كل ذلك، والآن الغرب يقوم بتقليدها: الحواسيب منعت في الرحلات الجوية من الدول الاسلامية، ويمكن لمس الالهام الاسرائيلي في الاجواء. فهي لم تقدم للعالم رشاشات المياه فقط، بل ايضا البروفايلات، وليس فقط بندورة «شيري» بل ايضا الاعتقال الاداري. لقد أثبتت اسرائيل للعالم كيفية التحريض ضد الاقليات، وأعجب الفيلدرزيون بذلك. وقد أظهرت كيفية مكافحة المنتقدين في الجمعيات ووسائل الاعلام والمحاكم. وباستطاعة لوبين تبني هذا الأمر بسرور. فهي تمثل الثيوقراطية الغربية، والافنغلستيين في الولايات المتحدة معجبون بذلك. قوموا بالتصفيق للشعب النموذجي القديم – الجديد. قوموا باستقبال اسرائيل.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف