من يستمع لخطب الجمعة التي يعتلي فيها محمود الهباش منبر مسجد التشريفات في رام الله، يرى هرطقاته التي يشرّق فيها ويغرّب دون أن يوقفه أحد.
ففي خطبته في يوم الجمعة الأخير تجاوز ما يسمى قاضي القضاة محمود الهباش كافة الخطوط الحمر في تجاوزه للكلام المعقول عندما وصف الوضع في قطاع غزة المحاصر بمسجد ضرار الذي أوحى الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بحرقه وتدميره، دون أن ينظر لنفسه أنه ليس وحيّاً وان الرئيس محمود عباس ليس برسول، في دعوته إلى تأجيج الفتن لإحباط مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية.
إن الهباش لا يعلم أن ليس كل من اعتلى المنبر فهو إماماً أو خطيباً أو عالماً أو فقيهاً، وأن مواصلته بث السموم والفتن تسقط عنه صفة الإمامة، ألم يعِ الهباش أن عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة، قيام ليلها، وصيام نهارها، وان الوطن لا يعمر إلا بالعدل ولم يعلم ان الله يأمر بالعدل والقسط، ولم يفهم قول ابن تيمية، "إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة".
للأسف يسقط ما يسمى قاضي القضاة محمود الهباش مرة أخرى في الوحل من خلال محاولاته الاصطياد في الماء العكر، والدفع باتجاه تعكير العلاقات الوطنية الفلسطينية، من خلال اصطناع الروايات والأفكار الداعشية والمتطرفة والنيل من قطاع غزة وصموده.
إن غزة التي يطالب الهباش بحرقها وتدميرها، ليست بمسجد ضرار، وهي التي تحملت وتتحمل النسبة الأكبر من التضحيات والجوع والفقر والحصار، وهي مفجرة الانتفاضة الأولى والثانية وأعطت الاحتلال الإسرائيلي دروساً في ثلاثة حروب قاسية خلفت آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى، وهي جزء أصيل من فلسطين.
فكان من الأولى بالهباش ان يطالب بحرق المستوطنين واليهود الذين لا يبعدون عن مقر إقامته سوى مئات الأمتار، ويحملون صفة الأعداء أولاً ويواصلون ليلاً نهاراً ارتكاب المجازر وسرقة ونهب الأرض الفلسطينية وتزييف التاريخ وتدمير وتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي القلب منها العاصمة القدس والمسجد الأقصى فيها. فعلى ما يبدو أن الهباش يحمل أفكاراً متطرفة لا تبعد كثيراً عن أفكار حارقي عائلة الدوابشة في نابلس ولا تختلف عن أفكار تنظيم داعش وأفكار اليهود المتطرفين أمثال الحاخام عوفاديا يوسف الذي شبه العرب بالصراصير ودعا إلى سحقهم، وأفكار وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الداعية إلى قصف السد العالي لإغراق مصر بالمياه.
على ما يبدو ان الهباش أراد أن يغطي بخداعه عن الثعلب الذي قال عنه الشاعر المصري أحمد شوقي في قصيدته "برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظين، فمشى في الأرض يهدي ويسبُّ الماكرين، ويقول الحمد لله إلاهِ العالمين، ياعباد الله توبوا فهو كهفُ التائبين، .. الخ".
يا سيادة الرئيس، ان من حولك من بطانتك يؤججون الفتن ويدعون إلى القتل والحرق ويقدمون الفتاوى الغريبة عن تعاليم الدين الإسلامي السمح، فعليك بعزلهم ووضع حد لهرطقاتهم وخزعبلاتهم التي يستندون إليها دون دليل سوى الحقد والكراهية وتأجيج الفتن.
يا سيادة الرئيس، انتبه فمن حولك من أمثال الهباش يحملون أفكاراً داعشية وتدميرية لحلم الدولة الفلسطينية، ويريدون تدمير قطاع غزة ويشعلون نار الفتن كما هو الحال في ليبيا وسوريا والعراق واليمن.
سيادة الرئيس، سكوتك عن بطانتك يعني أنك مشاركاً في الجريمة، فقراءة التاريخ تؤكد أن البطانة الفاسدة هي معول رئيسي في تهديد وتدمير البلاد وتتجاوز التحلي بالمسؤولية الوطنية.
يا سيادة الرئيس، إن بعض من حولك لا يألون خبالاً، ويلبسون العدل بالظلم، ويغيرون الوقائع والحجج، فمن يوق بطانة السوء فقد وقى، فسنبقى نذكرك، حتى لا يعم الهلاك والسوء على أهلنا وأخوتنا بالضفة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف