الاستعراض العسكري الذي أجري في شوارع بيونغ يانغ بمناسبة «يوم الشمس»، الذي يحيي يوم الميلاد الـ 105 لكيم ايل سونغ، مؤسس الدولة وجد الدكتاتور الحالي كيم يونغ أون، نال تغطية عالية في كل العالم. ويبدو ان هذا لم يكن مصادفة. فبمناسبة التوتر المتزايد في شبه الجزيرة الكورية، وجملة التهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية يخيل أن استعراض القوة يأتي أساسا لان يكون رسالة للأمريكيين.
«اذا نفذت الولايات المتحدة استفزازا، فإن قوات الثورة لدينا سترد فورا بضربة إبادة، وسنرد على الحرب الشاملة بحرب شاملة مع السلاح النووي الذي لدينا»، قال تشو ريونغ ها، المسؤول الكبير في جيش كوريا الشمالية.
ومن أجل اسناد تهديداتهم، عرضوا في المسيرة بضعة أنواع من الصواريخ الباليستية التي بدا واحد منها على الأقل كصاروخ عابر للقارات وقادر على ضرب أهداف خلف البحر.
وتدعي كوريا الشمالية منذ وقت طويل أن بوسعها الوصول إلى الشاطىء الغربي للولايات المتحدة مع رأس متفجر نووي، ولكنها لم تطلق ابدا بنجاح صاروخا قادرا على اجتياز المحيط الهادىء. ومع أنهم في البنتاغون قدروا بأن ليس لدى النظام بعد مثل هذا الصاروخ إلا انهم يقدرون بأنه قريب.
التوتر مع كوريا الشمالية، والذي نشب في أعقاب نية الطاغية كيم يونغ اون تنفيذ تجربة نووية أخرى، تصاعد في الأسبوعين الأخيرين: بعد أن اطلقت الولايات المتحدة ردا على ذلك حاملة طائرات إلى المنطقة، والقت يوم الجمعة في افغانستان بالذات قنبلة تسمى «ام كل القنابل». ومع ان الهدف كان داعش، إلا ان الاستخدام غير المسبوق للقنبلة الأشد في الترسانة الأمريكية قبل السلاح النووي، يعتبر اشارة واضحة إلى بيونغ يانغ. وعلم أمس ان القنبلة قتلت ما لا يقل عن 94 من رجال داعش.
وفي توقيت غير مصادف، انكشفت أمس صور عن تجربة أجراها مؤخرا سلاح الجو الأمريكي في نيفادا، القت فيها طائرة اف 16 قنبلة يفترض أن تكون مشابهة لقنبلة نووية جديدة من نوع B61-12، التي تسمى «قنبلة غريفيشن». وسجل يوم الجمعة ارتفاع جديد في الدرجة، بعد أن افادت شبكة «ان.بي.سي» بأن الرئيس ترامب يفكر «بضربة مانعة» ضد كوريا الشمالية. ومع أنهم في البنتاغون سارعوا بعد بضع ساعات إلى نفي النبأ ووصفوه بانه «خطير وغير مسؤول»، إلا ان الضرر كان قد لحق. وغرد الرئيس يقول: «كوريا الشمالية تبحث عن المشاكل، واذا كان الصينيون يريدون المساعدة فهذا رائع، واذا لم يكونوا يريدونه، سنعالج هذا الأمر بأنفسنا. يو.أس.ايه؟». وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، في محاولة لبث ضبط للنفس والظهور بمظهر الراشد المسؤول: «هناك احساس بان مواجهة قد تنشب في كل لحظة». واضاف: «انهم يتبادلون التهديدات ويشحذون السيوف وسحب العاصفة تتجمع. إذا نشبت حرب، فإنهم سيدفعون الثمن».
وقالت مصادر في الادارة الأمريكية ان مستشاري ترامب فكروا بسلسلة من الخيارات، بما فيها العسكرية، بل ومحاولات إسقاط كيم يونغ اون، ولكنهم في نهاية المطاف قرروا على ما يبدو استمرار سياسة اوباما: ممارسة الضغط على كوريا الشمالية بمساعدة الصين. وانطلق نائب الرئيس بينس إلى سيؤل لتهدئة الخواطر.
وعلى حد تعبير تل عنبر، رئيس معهد بحوث الفضاء في معهد «فيشر» والخبير في شؤون كوريا الشمالية، فإن بعض الصواريخ التي عرضت في المسيرة ـ إذا ما وعندما تتحقق قدرة نووية ـ من شأنها ان تغير ميزان القوى وتوفر لبيونغ يانغ حصانة من هجوم أمريكي»، الأمر الذي من شأنه أن يثير اهتمام الإيرانيين. «هذا الدرس ـ للحصانة من الهجوم بسبب خليط من السلاح النووي والصواريخ المتطورة بعيدة المدى ـ يفهمه جيدا الناطقون بالفارسية أيضا، ممن شاهدوا المسيرة»، قال: «المخططون العسكريون في إيران، يتابعون باهتمام شديد التطورات في بيونغ يانغ. ويجري بين الدولتين اتصال بعيد السنين في مواضيع تطوير الصواريخ. إذا حققت إيران قدرة صاروخية هجومية بعيدة المدى، يمكنها أن تهدد الولايات المتحدة، وربما في المستقبل تزويدها برؤوس متفجرة نووية ـ فسيجتاز الشرق الأوسط تغييرا حقيقيا».

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف