يرمش ترامب اليوم بعينيه في الأضواء والأجواء المغبرة للشرق الأوسط. فغداً (اليوم) سيهبط هنا. الاسرائيليون متوترون بعض الشيء، ففي كل لحظة قد ينطلق السلام نحونا. يقال إن ترامب غير متوقع. غير متوقع؟ إذا كان ينوي المساعدة في السلام بين العرب وبيننا فسيكتشف ما معنى الأمور غير المتوقعة. مثلا، السلاح السري العربي الذي يسمى «المعاناة الفلسطينية». مثلا، مسألة إذا كان هذا نزاعا دينيا أم قوميا. وعندما اقول دينيا، فلا أقصد الإسلام. في الميثاق الفلسطيني توجد مادة تدعي بان اليهود ليسوا قومية، بل أبناء دين سماوي، وهم مجرد مواطنين في الدول التي يعيشون فيها. هل يحتمل ألا يكون الفلسطينيون أنفسهم شعباً بل دين؟ دين يسمى الفلسطيني؟ أيحتمل أن يكون لـ»بلاد إسرائيل» ميزة كهذه، متلازمة، في أن من يعيش فيها لا يمكنه أن يختار أي حل حياتي آخر غير هوس العودة اليها؟ سيدعون بان اليهود أيضا انتظروا 2000 سنة. ليس مشابها. ليتنا كنا منفيين في دول يهودية 2000 سنة. لماذا يواصلون البقاء في مخيمات لاجئين وهم يحملون المفاتيح على مدى سبعين سنة؟ هذا ليس سلوكا قومياً، بل سلوك ديني. من الواضح أنه يوجد أيضا بعد ديني للاراضي التي كانت اسلامية، كما انه توجد ايضا أوامر هي بين الدين والاستراتيجية العسكرية بالنسبة لواجبات المسلمين الذين يعيشون في الحدود بين الاسلام وبين البلدان التي يسيطر عليها الكفار، وينبغي التوسع فيها. كل هذا لا يشرح الفريضة الفلسطينية التي تسمى «حق العودة»، خطة الفلسطينيين للعودة الى كل «بلاد اسرائيل». الآن يريد القارئ أن يعلمني شيئا ما لا أعرفه: ولكن الدول العربية لا تريدهم؟ صحيح، ولكن هذا اكثر من ذلك بكثير، ما يقودني الى التفكير بان اللجوء الفلسطيني هو سلاح خاص طورته الدول العربية. واسم هذا السلاح هو: «المعاناة». فقر في كل مكان في الشرق الاوسط، ولكن معاناة الفلسطينيين هي الموضوع الذي يتحدثون عليه. في المعهد العربي لتطوير السلاح عقدت على ما يبدو جلسة في العام 1948، ومن شبه المؤكد بمشاركة (...) أمين الحسيني، زعيم الفلسطينيين. وطرح السؤال: لن ننجح في هزيمة اليهود بالسلاح الذي في ايدينا، فاي سلاح حديث تقترحون؟ نهض أحد ما وقال: «عندي سلاح عظيم. نحبس اللاجئين في مخيمات. لا نسمح لهم بان يستوعبوا وان يعيدوا تأهيل حياتهم. وسيعانون. وهذه المعاناة ستكون هي السلاح». لقد كان مخترعو هذا السلاح اكثر ذكاء مما تخيلوه. فالقرار اسندوه بخلق جهاز خاص في الامم المتحدة، وكالة غوث وتسجيل اللاجئين الفلسطينيين. كما نجحوا في خلق تعريف في الامم المتحدة بان اللاجئين الفلسطينيين يعتبرون لاجئين حتى بعد أجيال، لأنهم يستحقون دعماً مالياً ثابتاً على مدى الأجيال. لقد كان هذا اعدادا دقيقا مع نظرة الى البعيد. لو كان في تلك الجلسة اناس ذوو عقل غربي فان من كان سيقترح مثل هذا الاقتراح سيرسل لفحص سلامة عقله. والسؤال الذي كنت سأطرحه في تلك الجلسة هو من في العالم سيهتم لأنهم يعانون؟ وبالفعل في السنوات الاولى كان هذا مؤثراً. فقد كان اللاجئون محتجزين في مخيماتهم في الاردن، في قطاع غزة، بما في ذلك في «يهودا» و»السامرة»، التي كانت جزءاً من الأردن، في سورية، وفي لبنان. كلها دول كان يمكن استيعاب اللاجئين فيها دون مشكلة. مرت سنوات، وأثبتت الفكرة التي بدت مجنونة ذاتها. وأصبحت المعاناة سلاحاً. كما أن المعاناة تجعل المعاني كارها دوما، ولكن الهدف الاساس كان تبديد فكرة أنه يمكن صنع السلام. لا سلام، فقط طرد اليهود. ظاهرا هذا تفكير غبي جدا، ولكن يتبين ان هذا تكتيك حربي ونظرية سلاح لها نجاحات. لقد تم تطوير أداة حربية لا يوجد صاروخ اعتراض ضدها. هذا سلاح قادر على أن يبيد كل اتفاق أو صفقة يفكر ترامب او اي كان ان يعقدها.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف