العم الأميركي يأتي من جديد. ويتم بث الأمل من جديد: يمكن أنه في هذه المرة سيقدم لنا العم هدية جميلة – السلام. الأمل معروف، لكن لا يوجد ما يستند اليه. من يتوقع أن ترامب سيفرض السلام على اسرائيل وعلى الفلسطينيين، وأنه سيمسك برأس نتنياهو وعباس ويضعهما داخل قارورة تؤدي الى دولتين، من الافضل أن يستيقظ. فهذا لم يحدث مع براك اوباما ولن يحدث مع ترامب، ليس لأنهما لا يريدان (من يعرف أصلا ماذا يريد ترامب)، بل لأنه لا يمكن فرض خطوة كهذه. الضغط من الخارج لا يمكنه استبدال الخطوة السياسية الداخلية. التغيير نحو اليمين أو اليسار يأتي دائما من الداخل. إن من راهن على أن ترامب سيقوم بالعمل الصعب بدلا منا، يعيش في وهم. وهذا بالضبط ما حدث مع براك اوباما. هذا التفكير بأن كل شيء متعلق بالضغط الخارجي يعبر عن اليأس من سياسة اسرائيل ومن الشعب الاسرائيلي. هذا تفكير ضعيف: المسألة ضائعة، اليمين المتطرف سيسيطر الى الأبد، لذلك نحن سننتظر المُخلص من واشنطن كي يصنع السلام. من كل جهة، يدور الحديث عن وهم. يجب علينا الفهم بأن هذا الموقف الأميركي أو الاوروبي أو الدولي، ضغطا كبيرا أو قليلا، لن يؤثر فعليا على اسرائيل اذا لم تكن ترغب في ذلك. والمستوطنات هي المثال على ذلك. جميع الادارات الأميركية بدون استثناء، اضافة الى المجتمع الدولي، يعارضون حتى الآن المستوطنات بشكل حاسم. وهذا لم يمنع جميع حكومات اسرائيل منذ العام 1967 من بناء المستوطنات. أكثر من 200 مستوطنة وبؤرة تمت اقامتها منذ ذلك الحين، رغم أنف العالم، يعيش فيها حوالي 400 ألف شخص، وهذا لا يشمل هضبة الجولان وشرقي القدس. ترامب ومستشاروه ايضا أوضحوا لاسرائيل بأنه يجب كبح البناء في "المناطق". وماذا، اذاً؟ اذا كان الحديث يدور عن ذلك فقط، والحكومة ليست شريكة في هذه الخطوة، فلا يجب أن يقلق المستوطنون. جميع الاجراءات السياسية الكبيرة التي عملت على تغيير خريطة الدولة بشكل كبير لم تكن نتيجة الضغط الأميركي. فقد تراكمت هنا بناء على قرار ومصالح اسرائيل ومصالح جاراتها. بيغن والسادات، رابين، وبيريس وعرفات، وشارون وشمعون بيريس وايهود باراك، لم ينتظروا التهديد من البيت الابيض للمبادرة الى خطوات دراماتيكية. الأميركيون والاوروبيون أيدوا ودعموا ماديا وأمنيا، لكن القرار التاريخي اتخذه القادة هنا. وقد فعلوا ذلك احيانا خلافا للرأي العام، لأنهم توصلوا الى استنتاج أن هذه هي الطريق الصحيحة لاسرائيل. وبعد الحسم سار الشعب في اعقابهم وكذلك العالم. إن تخليد الاحتلال وتراجع الديمقراطية وعدم وجود فرصة لحل الدولتين تضر بشكل كبير بالمصالح الاسرائيلية. السيطرة على ملايين الفلسطينيين على مدى سنوات كثيرة غير اخلاقية بشكل عميق، وتضر بالمحتل ومن يقع تحت الاحتلال. ملايين الاسرائيليين والفلسطينيين هم الذين يجب عليهم أن يقوموا بترتيب العلاقة بينهم في هذه البلاد الصغيرة بين البحر والنهر، التي تسيطر عليها اسرائيل الآن بهذا الشكل أو ذاك. لا يريد بنيامين نتنياهو الحل السياسي. فبعد سنوات من الجمود يمكن القول إن تصريحاته في بار ايلان كانت تصريحات فارغة ومتصنعة. وشركاؤه ايضا لا يريدون الحل السياسي؛ لأنه يمنع بقاءهم السياسي. تستطيع الولايات المتحدة المساعدة والتشجيع والضغط قليلا هنا وهناك، لكنها لا تستطيع وهي لا تريد أن تحل في مكان حكومة اسرائيل. وهذه هي مشكلتنا: من يريد مستقبل إسرائيل يجب عليه تغيير النظام فيها. وهذا بالتأكيد ليس أمراً سهلاً، لكنه في أيدينا.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف