على مدى سنوات عديدة ترددنا بين علمين. قبل سنوات جيل، كان هذان هما العلم الاحمر والعلم الازرق – الابيض. وفي سنوات الحروب، الاضطرارية والزائدة كان هذان هما العلم الاجتماعي والعلم الامني. صنفنا وبوبنا في حينه المنتخبات والمنتخبين وفقا للاعلام، بسذاجة حركة الشبيبة او دحرجة العيون بسطحية التصنيف السهل.
إسرائيل أقل قوة، مهددة، تستوعب موجات الهجرة، منقسمة وتبحث عن شعارات سهلة – خلدت قصة حملة الاعلام وصنفت الزعماء وفقا لطول ونوع العلم.
النائب عمير بيرتس، الذي سأنتخبه في الجولة الثانية من الانتخابات للعمل، هو رجل علم واحد، ولعل هذه هي ميزته الخاصة. هذا لا يعني أن ليس له قوة ذراع ليحمل العلمين، بل إن سنوات من التجربة، الولاء الايديولوجي، الفهم العميق للواقع وكونه مغروس عميقا في الوحل وفي الحلم لدولة اسرائيل على حد سواء دفعه لان يفهم بان ليس هناك سوى علم واحد. فالدولة التي ليست دولة رفاه – ليست آمنة. يعرف بيرتس بان القوة الاجتماعية، الامن الاقتصادي، الاقتصاد النامي، المجتمع التعددي والمتسامح هي جزء من تلك المعادلة، المتداخلة وغير القابلة للفصل. لن يكون سلام بدون أمن ولكن لن يكون أمن بدون حل سياسي وبدون احتواء لكل عناصر المجتمع والمساواة فيما بينها.
لعل سيرتي الذاتية قطبية بالنسبة لسيرة بيرتس الذاتية. فأنا جيل ثالث في الكنيست، دغانيا ونهلال، ابنة لزعامة مبايية – سياسية وعسكرية، لعائلة محددة كنخبة، اجتماعية ايضا خيرا كان أم شرا، علمانية اشتراكية ديمقراطية، احيانا خارقة للطريق. اما بيرتس من جهته فهو من مواليد بوجعد في المغرب، ابن المعابر وفتى بلدة التطوير، ضابط مظليين، مزارع، زعيم في الحكم المحلي، في الكنيست، في الهستدروت وفي الحكومة. لقد كان بيرتس مرشدي لاسرائيل التي عرفتها بقدر أقل وشريك كامل لصراعات قدتها قد لا تكون كلها على جدول اعماله التقليدي، كمكانة المرأة والطائفة المثلية. لم نهرب في أي مرة من كوننا يسار وطني وصهيوني، من الايمان في الدمج المظفر لحقوق الانسان، الامن الاقتصادي، الحوار للسلام والفصل بين الدين والدولة. ايديولوجيا مشتركة، ولكن سيرتين ذاتيتين مختلفتين.
بيرتس يتميز بالمثابرة، بالتصميم وبالالتزام الجماهيري الذي بأملي سيوصله الى قيادة الحزب والدولة في المستقبل القريب. فهو يعرف، يفهم ويشعر بجوهر العلاقة بين الحلم والواقع. وهو لن يخضع الحلم كي يكيفه مع النزوة او الوهم ولن يتجاهل الواقع المتغير كي يتمسك بديماغوجية تافهة.
في المواجهة بين المتنافسين سُئل عمير عن اسم الشخصية الذي يعجب بها: بن غوريون أم ربما رابين؟ اما جوابه فكان الاقل توقعا: أمه.
أريد أن اقول شيئا عن أمي، روت دايان. هي ابنة 100، وقد رأت كل شيء. شهدت النهضة والدمار، آمال كبرى وخيبات أمل، الفقدان والثكل، الراحة والعزة. قبل بضعة اسابيع سألتني إن لم يكن متأخرا جدا الانتساب للعمل كي تنتخب عمير بيرتس. هي يسارية، صهيونية، وطنية، اجتماعية، محطمة صمت ولا تخاف. أنا أختار خيار أمي.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف