ليس توقيت ولا مكان عملية الأقصى هو الإشكال، والذي يستدعي كل هذا الجدل الذي أثير على وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب العملية والإجراءات الغير مبرره التي اتخذتها حكومة الاحتلال، والتي تضمنت لأول مرة إغلاق الحرم القدسي الشريف، ومنع الصلاة فيه، أو الوصول إليه، بل الزمن والحالة التي تمر بها قضيتنا.
إن الإجابة على كل التساؤلات التي أثيرت البريء منها والمغرض، الصادق والمدسوس، سواء من حيث مكانها واختياره أو توقيتها ومدى خدمته للهدف المرجو منها أو حتى مبدأ استخدام الوسائل العنيفة في المقاومة، وأيضا استغراب رد الفعل الرسمي للقيادة الفلسطينية وقيادة الجماهير العربية في الداخل وأعضاء الكنيست العرب، وهي أسئلة يمكن أن يرد عليها بأسئلة أخرى أكثر إحراجا وتعقيدا، علماً أن جميعها حتى الملح والمحق منها يتم تسطيحه وتحويله إلى مادة للتراشق والمناكفة لا الخروج أو المساهمة في الخروج بموقف يبنى عليه للمستقبل على ضوء المخاطر المحدقة بالأقصى والمشاريع المبيته ضده التي تنتظر اللحظة المناسبة للتنفيذ.
نعود لنقول إن كل ما ذكر سابقاً هو نتائج وليس أسباب، أعراض وليس علة، وأن العلة الحقيقية تكمن في الزمن الرديء والحالة التي نمر وتمر بها قضيتنا، وهي حالة لا تسمح لنا ولا تمكننا من استثمار نضالنا وتضحيات أبنائنا، حالة ضعف ولا فعل وتفكك وغياب مشروع ورؤية وقيادة جادة تجعل إسرائيل وحدها تستفيد من الفعل وعدم الفعل بنفس القدر.
إن حدوث أو عدم حدوث عملية أو نشاط أو أي شكل مقاوم آخر سيصب في مصلحة من هيأ الأرضية وخلق المناخ وامتلك الأدوات للاستفادة منه، وسيخدم من يمتلك المرونة في الانتقال من الهجوم إلى الدفاع والتنقل دون فقدان البوصلة بين التكتيكي والآني وبين الاستراتيجي وبعيد المدى، وهذا للأسف غائب كلياً عن قاموسنا وجدول أعمال قيادة شعبنا الغارقة في صراعاتها الداخلية وأزماتها.
إن المطلوب منا قبل أن نحاكم من يبادر إلى الفعل مهما كان موقفنا منه أن نبادر إلى تصويب حالتنا وامتلاك الأدوات القادرة على خلق مناخ جديد يمكننا من استثمار هذه التضحيات وتحويلها من عمل فردي إلى لبنه في مدماك مشروعنا الوطني التحرري وتوجيه كل هذه الطاقة الغزيرة والمتدفقه التي تتفجر فجأة فينا بعد كل حدث، أو عملية نحو واقعنا وحالتنا الداخلية المتأكلة والمهترئة، عندها سيتضح السياق ويخط المسار الذي يمكن لأي مبادرة فردية أن تغنيه وأن ترفده بما يضمن استرار تدفقه نحو الهدف الواحد.
عصمت منصور: كاتب ومتابع للشأن الإسرائيلي

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف