ما زال مقال الصحافيّ الإسرائيليّ آري شابيط، من صحيفة (هآرتس)، والذي جاء تحت عنوان: إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة، يقُضّ مضاجع صنّاع القرار في تل أبيب، حيث كتب أنّه يُمكن أنْ يكون كلّ شيء ضائعًا، ويمكن أننّا اجتزنا نقطة اللا عودة، ويمكن أنّه لم يعُد من الممكن إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويمكن أنه لم يعُد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم البلاد.
إذا كان الوضع كذلك، تابع، فإنّه لا طعم للعيش في البلاد، يجب مغادرة البلاد. لافتًا إلى أنّه إذا كانت الإسرائيليّة واليهوديّة ليستا عاملين حيويين في الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبي، ليس فقط بالمعنى التقني، بل بالمعنى النفسي أيضًا، فقد انتهى الأمر. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين.
وأردف: من هناك، من بلاد القومية المتطرفة الألمانية الجديدة، أو بلاد القومية المتطرفة الأمريكيّة الجديدة، يجب النظر بهدوء ومشاهدة دولة إسرائيل وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة. يجب أنْ نخطو ثلاث خطوات إلى الوراء، لنشاهد الدولة اليهودية الديمقراطية وهي تغرق. يمكن أن تكون المسألة لم توضع بعد.
وضع الصحافيّ إصبعه على الجرح، بل في عين نتنياهو وليبرمان والنازيين الجدد، ليوقظهم من هذيانهم الصهيوني، بقوله إنّ الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته ليسا هما اللذان سيُنهيان الاحتلال، وليست الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي هما اللذان سيوقفان الاستيطان. وشدّدّ على أنّ القوّة الوحيدة في العالم القادرة على إنقاذ إسرائيل من نفسها، هم الإسرائيليون أنفسهم، وذلك بابتداع لغة سياسية جديدة، تعترف بالواقع، وبأنّ الفلسطينيين متجذّرون في هذه الأرض. ويحثّ على البحث عن الطريق الثالث من أجل البقاء على قيد الحياة هنا، وعدم الموت.
وأوضح أنّ الإسرائيليين منذ أنْ جاءوا إلى فلسطين، يدركون أنّهم حصيلة كذبة اخترعتها الحركة الصهيونية، استخدمت خلالها كلّ المكر في الشخصية اليهودية عبر التاريخ، ومن خلال استغلال المحرقة وتضخيمها، استطاعت الحركة أنْ تقنع العالم بأنّ فلسطين هي أرض الميعاد، وأنّ الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد الأقصى، وهكذا تحوّل الذئب إلى حمَل يرضع من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين والأوروبيين، حتى بات وحشًا نوويًا، على حدّ تعبيره. ولفت إلى أنّ الإسرائيليين يُدركون أنّ لا مستقبل لهم في فلسطين، فهي ليست أرضًا بلا شعب، كما كذبوا.
أمّا جدعون ليفي الصحافيّ الصهيوني اليساري، فيقول: يبدو أنّ الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم، وأطلقنا عليهم الغانيات وبنات الهوى، وقلنا ستمرّ بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجّر انتفاضة الـ 87… أدخلناهم السجون وقلنا سنربّيهم في السجون.
وبعد سنوات، وبعد أنْ ظننا أنهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000، أكلت الأخضر واليابس، فقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم سنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار، فأخذنا نخطط لهم بالجدران والأسلاك الشائكة.
وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق، حتى أثخنوا فينا قتلاً في الحرب الماضية، حاربناهم بالعقول، فإذا بهم يستولون على القمر الصناعي عاموس ويدخلون الرعب إلى كلّ بيتٍ في إسرائيل، عبر بث التهديد والوعيد، كما حدث حينما استطاع شبابهم الاستيلاء على القناة الثانية، خلاصة القول، يبدو أننّا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حلّ معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال، على حدّ تعبيره.
وتابع ليفي قائلاً إنّ الجنرال أيال زامير صرّح أمام مجموعة من الصحافيين بداية هذا الأسبوع بأنّ إسرائيل بدأت ببناء جدار تحت الأرض يحيط بقطاع غزة بهدف إبطال مفعول الأنفاق التي شيدتها المقاومة الفلسطينية.
مؤكّدًا انّ عمق الجدار سيكون 130 قدمًا، أيّ أنّه سيصل إلى عمق 32 متراً داخل الأرض، وأنّ بناءه سيكلف أربعة مليارات شيكل، أيّ أكثر من مليار دولار بقليل، وسيستغرق بناؤه حوالي سنتين، وأنّ الجيش الإسرائيليّ سيبدأ الحرب المقبلة في غزه بتدمير بنايتين: الأولى في بيت لاهيا والثانية في حي العطاطرة في شمال قطاع غزة، وذلك لأنهما تضمّان أنفاقاً قتالية.
واختتم ليفي قائلاً: نعم باستطاعة الجنرال زامير تدمير هاتين البنايتين، ولكنه لن يستطيع وقف عملية التدمير الذاتي الداخليّ الإسرائيليّ، إذ إنّ المرض السرطاني الذي تعاني منه إسرائيل قد بلغ مراحله النهائية ولا سبيل لعلاجه لا بالأسوار ولا بالقبب الحديدية ولا حتى بالقنابل النووية، على حدّ قول الصحافي ليفي.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف