ربما وجد رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو في حادثة النفق الأخيرة منفذاً له للخروج من عنق زجاجة الفساد التي باتت تخنقه، وفق مراقبين، ليعود مجدداً ملوحاً بتوجيه ضربة جديدة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
ورغم قناعة عدد من المحللين أنّه من الصعوبة بمكان أن تتوجه "إسرائيل" لشن حرب جديدة على قطاع غزة لأسبابٍ عدة، إلا أنّ حجم التهديد والنبرة التصعيدية التي شهدتها الساعات الماضية تبدو القيادة الصهيونية من خلالها كمن يحاول أن يحشد العالم والرأي العام من أجل توجيه ضربة للمقاومة في غزة.
فحجم الحراك حول غلاف قطاع غزة، والاستعدادات العسكرية، وعدم مغادرة طائرات الاستطلاع للأجواء تشبه الحالة التي كان القطاع يعيشها قبل الدخول في أي حرب.
فرصة وتهديد
ويتفق المحللون الثلاثة المختصون بالشأن الصهيوني عدنان أبو عامر، صلاح الدين العواودة، أيمن الرفاتي، على أنّ نتنياهو قد يكون وجد فرصته برفع نبرة التهديد بالرد على حادثة "النفق" الأخيرة، بإمكانية الذهاب لتصعيد محدود أو حرب شاملة ضد قطاع غزة، لكنهم فعلياً أجمعوا أنّ جبهة غزة كانت مستبعدة سابقاً من حسابات نتنياهو كمحاولة للهروب من قضايا الفساد.
ويعلل الأكاديمي أبو عامر ذلك، بأنّ الأزمة الداخلية وتهم الفساد التي باتت تحيط بنتنياهو لا تعطي الضوء الأخضر بالذهاب إلى حرب، لافتاً إلى أنّ القرار يحتاج إلى تدخل القيادة السياسية والعسكرية ولا ينفرد به شخص واحد.
فيما يؤكّد الباحث العواودة، أنّ نتنياهو سيكون مسروراً جداً لو حصلت الحرب الآن لينسى الجمهور ولو قليلاً تهم الفساد ويركز مع الإعلام على الحرب.
ويقول: "رغم أجواء التصعيد والتوتر الواضح في الخطاب لدى الطرفين، والإجراءات العسكرية والتهديدات المتبادلة؛ إلا أن الحرب ليست حتمية ولكنها ممكنة ولن تكون مفاجئة بعد كل هذا التصعيد والتهديد فالقبة الحديدية انتشرت، والجيش رفع من جهوزيته، والمقاومة مستنفرة".
أما الرفاتي فيقول إنّ "نتنياهو كان يعدّ نفسه أحد صانعي حالة الهدوء ومعادلة الردع الجديدة مع قطاع غزة؛ حيث كان يسوق نفسه بأنه فرض الأمن في الجنوب، وكبح جماح المقاومة في غزة، وبالتالي هو لا ينتظر خوض الحرب بقدر ما هو يترقب رد المقاومة على حادثة النفق ليقوم بذلك".
الخيارات والتوقعات
ويتوقع أبو عامر بأن تشهد المنطقة تصعيداً متدحرجاً سواء على جبهة غزة أو لبنان، ولكنه استدرك: "هذا التصعيد لا أحد يدرك كيف سينتهي بحربٍ شاملة أو يظل محدوداً ثم ينتهي"، مبيناً أنّ الوقائع على الأرض هي التي تحدد هذا المسار.
ويقول: "ارتفاع وتيرة التحذيرات الإسرائيلية من رد المقاومة على تفجير نفق غزة؛ يشي بأن واقعة فعلية على وشك الحدوث؛ أكثر من كونها تهويشات إعلامية للتخويف؛ تزامنا مع زيادة التدريبات العسكرية قرب الحدود الجنوبية".
وهو ما يسانده فيه الرأي أيمن الرفاتي، الذي أكّد أنّ الواقع الميداني والتعزيزات العسكرية التي تجرى في منطقة غلاف غزة، قد تعطي دلالة بأن نتنياهو يتجه لحرب جديدة أو تصعيد محدود متكرر مع قطاع غزة يؤدي لحرف الأنظار عن قضايا فساده التي بات يضج بها الإعلام العبري.
فيما ذهب العواودة، إلى رأي مختلف يقول: "في ظل الظروف الإقليمية الاستثنائية غير المستقرة، واحتمال اندلاع مواجهات في أكثر من جبهة بالتزامن، وفي ظل الانشغال بمستقبل الحدود الشمالية والجهود المبذولة مع الحلفاء للتأثير على مسار الأحداث في الجنوب السوري، وفي ظل جهود الحليف المصري الرامية لنزع فتيل الانفجار في غزة، سيجد نتنياهو أنه من الصعب جداً المبادرة لحرب مع قطاع غزة من غير ألا يجد الجيش والمنظومة الأمنية الصهيونية بدّا من خوضها".
لذا فإنّ الباحث العواودة، ينصح المقاومة الفلسطينية بضبط النفس، مع استمرار الاستعدادات للمواجهة إذا فرضت، لافتاً إلى أنّ ذلك سيجنب غزة حرباً جديدة، وسيضيع على نتنياهو الفرصة للفت الأنظار عنه وعن فساده وفساد زوجته.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف