يشتد الخناق يوما بعد آخر على رقبة رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو، ما يهدد بإنهاء مستقبله السياسي بسبب ملفات الفساد التي تلاحقه، ما دفع الأخير للمراوغة باتجاهين، إذ يدفع باتجاه إجراء انتخابات مبكرة، والأمر الآخر، ما تسرب صبيحة اليوم، عن عرضه الذي وصل للقاضية المسؤولة عن ملف زوجته سارة، ويقضي بإغلاق الملف، مقابل تعيينها مستشاراً قضائياً للحكومة.
فمنذ ما يقارب العامين يُدار ضد نتنياهو، تحقيق في ملفي (1000) و(2000)، بتهم تلقي رشوة، إذ انتهت التحقيقات بتوصيات من الشرطة، أن يتم تقديم لائحة اتهام له، وما أن خرجت التوصيات، في هذه الملفات تحديداً، حتى خرج نتنياهو وداعموه في هجوم منظم على الشرطة، وتأكيدات أنّ "الائتلاف الحاكم" لن يتأثر، وأنّ رئيس الوزراء باقٍ في منصبه حتى قرار المستشار القضائي.
إلّا أنّ الأسبوع الأخير، شهد تضييقاً آخر للخناق على رئيس الوزراء، فما لبث أن يدفع التركيز الإعلامي على ضرورة استقالته، ظهر الملف 4000، الذي تدور التحقيقات فيه حول أنّ نتنياهو، وزوجته سارة، نالا تغطية داعمة وملمّعة، من موقع "واللا" الإلكتروني، مقابل صفقات وتسهيلات لمالك الموقع، شاؤول أولوفيتش، ربح من خلالها عن طريق شركة "بيزك" ملايين الشواقل.
وقد أفادت صحيفة "يسرائيل هيوم"، اليوم الأربعاء، أن نتنياهو، من شأنه القيام بخطوات لتبكير موعد الانتخابات للكنيست، "وذلك في الوقت الذي يخضع فيه للتحقيق في شبهات فساد، بعدة ملفات، ببعضها أوصت الشرطة تقديمه للمحاكمة".
وحسب الصحيفة، تتأهب الأحزاب السياسية "الإسرائيلية"، لإمكانية أن يسعى نتنياهو وعلى وقع التحقيقات بالشرطة التي يخضع لها، إلى تجديد الولاية من خلال التوجه للجمهور وإجراء انتخابات مبكرة، خاصة وإن استطلاع للرأي أجري من حزب الليكود، يشير إلى تعزيز وزيادة شعبية الحزب، وعدد المقاعد التي سيحصل عليها بحال أجريت الانتخابات بهذه المرحلة، حيث يعزز هذا الاستطلاع من فرص إجراء انتخابات جديدة ومبكرة.
وفي أعقاب التطورات الأخيرة، يتعزز الاعتقاد بالساحة السياسية والحزبية من أن أحد الخيارات المتاحة حاليا لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على الصعيد السياسي، ولتخطي أزمة ملفات التحقيق، هو المضي قدما إلى الانتخابات المبكرة.
ويعتقد الكثيرون في الكنيست، أن نتنياهو لن يتنحى ولن يستقيل من منصبه نتيجة التحقيقات الجنائية التي يخضع لها، ولكنه سيسعى إلى دفع الانتخابات قدما من أجل الحصول على تفويض جديد من الجمهور.
إلى جانب ذلك، فمع صبيحة هذا اليوم تم الكشف أنّ عرضاً وصل للقاضية المسؤولة عن ملف زوجة نتنياهو سارة، يقضي العرض بإغلاق الملف، مقابل أن يعينها نتنياهو مستشاراً قضائياً للحكومة، "هذا العرض جاء من أحد مقربي نتنياهو، لمسامع أحد مقربي القاضية، وتبقى الخلية الناقصة في الموضوع، هل نتنياهو كان على علم"؟.
تسارع الأحداث هذا بات من الواضح أنّه يزيد من تشويه الصورة العامة ليس لنتنياهو فحسب، بل أيضاً للمتمسكين به في رئاسة الوزراء، أمام شريحة ليست بالقليلة من الجمهور، وكذلك أمام المجتمع الدولي، ليكون السؤال، هل ستسرع الأحداث الأخيرة بما فيها محاولة نتنياهو شراء الذمم؛ من تقريب نتنياهو لنهاية عهده السياسي؟.
وفق قراءته لتسلسل الأحداث، يرى مركز القدس، في تحليل له، أنّ هناك مجموعة من العوامل لا زالت تدفع باتجاه استمرارية نتنياهو في رئاسة الوزراء، واستمرار عمل الحكومة الحالية حتى نهاية ولايتها، في انتظار مستقبل نتنياهو خلال الدورة الانتخابية القادمة، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: سير التحقيقات في الملف 4000 طويل جداً، وربما يستمر لأكثر من عام أو عام ونصف، أي ما بعد الانتخابات القادمة، قبل أن تخرج توصية الشرطة في الملف.
ثانياً: الملف 4000 شبيه بالملف 2000، وهو سعي نتنياهو لتغطية إعلامية إيجابية، وذات الأسباب التي تدفع الائتلاف للتماسك أمام الملف الثاني، هي ذاتها التي ستدفعه للتماسك أمام الملف الأول.
ثالثاً: فيما يتعلق بموضوع محاولة رشي القاضية وإغرائها بالمنصب، لم يثبت تورط نتنياهو للحظة، ويرجح أنه لن يطاله التحقيق في هذه القضية، إن تم فتحها قضائياً.
رابعاً: الائتلاف اليميني الحاكم، يرى في برنامجه وتحقيقه على الأرض، أهم من الحفاظ على طهارة المؤسسات، والقيم الديمقراطية، فالعقيدة الأيديولوجية الاستيطانية تسير بأفضل حالاتها منذ تولي نتنياهو المنصب، خاصة خلال عمل الحكومة الأخيرة.
خامساً: من الناحية الإعلامية، استطاع نتنياهو ومقربوه تشريب المجتمع العبري، فكرة بقائه في منصبه في ظل فساده، إلى جانب أنّ الصعود الكبير لليمين مرتبط بالليكود، المرتبط أصلاً بقوّة بنيامين نتنياهو.
سادساً: نتنياهو يُحقق إنجازات سياسية كبيرة، على المستوى العالمي والإقليمي، ويدير دعاية هذه الإنجازات بشكل ذكي، الأمر الذي يدفع الجمهور لإعطائه أعلى نسبة كأفضل شخصية لرئاسة الوزراء من اللاعبين السياسيين حالياً.
سابعاً: الظروف الأمنية والتحديات على كل الجبهات، تدفع باتجاه تركيز الحكومة على عملها، وتردد المستشار القضائي في اتخاذ قرارات بحق رئيس الوزراء.
ثامناً: في حال تفكك الائتلاف الحكومي، لن يضمن أحد عدم عودة الليكود بزعامة نتنياهو للمنافسة على رئاسة الوزراء، حتى في ظل الاتهامات الموجهة له، الأمر الذي سيجعل له قوّة أكبر في حال فوزه مرة أخرى وهو المرجح، ومن الممكن اتجاهه لتصفية حسابات مع الأحزاب الأخرى، والتي قد لا يحصل بعضها على نصف مقاعده الحالية، كحزب "كلّنا" بزعامة وزير المالية كحلون.
وخلص المركز في قراءته، إلى أنّ نتنياهو على الأرجح سيستمر في منصبه حتى نهاية فترة الائتلاف الحالي، وربما خوضه الانتخابات القادمة، إلّا أنّ تسارع ملفات الفساد بحقه، ستجعله أكثر ضعفاً، وأكثر عُرضة للابتزاز من الأحزاب الائتلافية الصغرى، والتي باتت أنجح في تطبيق برامجها الانتخابية، (أكثر من الليكود وهو الحزب الحاكم)، والذي يمتلك 30 مقعداً في الكنيست، حيث بدد نتنياهو قوّة حزبه، في الدفاع عن شخصه، وتصفيته للحسابات الداخلية، وإبعاده شخصيات قوّية، كوزير الجيش السابق موشيه يعلون.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف