عدد المباني غير القانونية، التي هدمت في السنة الماضية في البلدات البدوية في النقب، هو ضعف العدد في العام 2016، وهو الأعلى منذ بدأت الدولة في توثيق عمليات الهدم في العام 2013. حسب التقرير السنوي لوزارة الامن الداخلي ففي العام 2017 هدم 2220 مبنى مقابل 1158 في السنة الماضية. زيادة أكبر في الارتفاع الحاد سجلت في عدد المباني التي هدمت من قبل اصحابها. حسب شهادات سكان تلك البلدات، الهدم المعرف بـ "شخصي" جاء بسبب الضغط والتهديد من قبل سلطات تطبيق القانون، وخشية أن يطلب منهم دفع تكاليف الهدم للدولة.
تصنف الدولة الهدم صنفين: هدم نفذ من قبل الدولة وهدم نفذ من قبل اصحاب المباني. حسب التقرير السنوي، فان عدد حالات الهدم التي نفذتها الدولة ارتفع من 412 مبنى في 2016 الى 641 مبنى في 2017. عدد حالات الهدم على أيدي السكان ارتفع في هذه الفترة بأكثر من ضعفين، من 746 الى 1579 مبنى. 481 من بين هذه المباني هدم قبل اصدار امر هدم بشأنها، وهو معطى يدل على ردع السكان البدو.
تنظر الشرطة بايجابية للزيادة في عدد حالات الهدم الشخصي، حيث تمنع مواجهات عنيفة مع السكان البدو. هدم البيوت في أم الحيران في كانون الثاني في السنة الماضية، الذي تم خلاله دهس الشرطي ايرز ليفي واطلقت النار على احد سكان القرية، يعقوب أبو القيعان، أدى الى توتر شديد بين السكان البدو والشرطة.
يعزو السكان سبب الهدم الشخصي الى الضغط المتزايد والتهديدات الصريحة من قبل السلطات. خالد الجعار، أحد سكان رهط، قام في العام 2016 ببناء مبنى بدون ترخيص في أرض العائلة، من اجل ابنه الشاب. "لقد أردتُ تزويجه، والقطعة التي اشتراها في رهط لم تكن جاهزة بعد"، قال. وبعد أن شخصت السلطات المبنى بدأت في محاولة اقناع الجعار بهدمه بنفسه. "وضعوا عليّ شرطا، إما أن تهدم هذا المبنى أو سنقوم باستخدام أمر الهدم". حسب اقواله "بعد ذلك جاء شاب من وحدة يوآف (التابعة للشرطة)، وقال لي إنهم في يوم الاربعاء سيأتون للهدم. وقال إنه ليس ملزماً بالمجيء وقول ذلك لي، لكن هو يأتي كصديق لي. وقال إنهم لا يريدون المجيء للهدم وأن تحدث مشاكل. كانوا يأتون شرطيّاً وراء الآخر، ويقولون لي إنني إذا لم أهدم البيت بنفسي فسندفع تكاليف الهدم التي تشمل القوات والمعدات الهندسية". وأضاف الجعار بأنه هدم البيت خوفا على سلامة عائلته. ابنه سامي قتل اثناء مداهمة الشرطة في رهط في كانون الثاني 2015.
"هل أهدم البيت بارادتي؟ أنا الذي اعتاش من قوت يومي؟"، قال، "لقد هدمت البيت لأنني لم ارغب في تضرر أحد من أبناء عائلتي. عندما يسمعون ما يحدث في أم الحيران، في حين أن اييلت شكيد تختار القضاة في المحكمة العليا، وفي حين أن عضو حزبها بتسلئيل سموتريتش جاء من جمعية رغفيم (التي تكافح ضد البناء العربي غير القانوي)، وفي حين أن الشرطي الذي أطلق النار على ابني لم يقدم للمحاكمة، هل حينها سأعتمد على الدولة في الدفاع عني؟".
من التدقيق في معطيات تقرير وزارة الامن الداخلي يتبين أنه في العام 2017 حدثت زيادة في تطبيق القانون بكل المعايير مقابل العام 2016: عدد أيام الهدم زاد من 61 الى 70، أي 516 مخالفة بناء شخصت في 2017 مقابل 402 في 2016، والرقم الاكثر اهمية – 505 مرات خرجت طواقم تطبيق القانون في جولات تشخيص للمباني غير القانونية في السنة الماضية مقابل 303 مرات في 2016. أيضا بالنسبة لأوامر الهدم الجديدة التي تم توزيعها، حدثت زيادة: في 2017 تم اصدار 991 امر هدم مقابل 683 أمر في 2016.
تتعامل الدولة مع تعريف كلمة "مباني" بصورة موسعة، وليس كل المباني المذكورة في التقرير استخدمت كبيوت سكنية. من التقرير يتبين أنه في العام 2017 هدمت 28 خيمة و152 مبنى من الطوب و384 مبنى من الصفيح و40 مبنى من الخشب و91 حقلا و51 حاوية و129 حظيرة و56 مبنى من الحديد و54 مبنى من الباطون و279 جدارا و58 طريقا ترابية و163 مظلة و735 مبنى توجد في التقرير تحت صنف آخر. من وزارة الأمن الداخلي جاء أن معظم المباني التي توجد تحت صنف "آخر" هي مبانٍ هدمت خلال "الاجراءات القانونية"، لذلك لا يوجد بشأنها تفاصيل حول نوع المبنى.
في سلطات تطبيق القانون الحكومية التي توزع أوامر الهدم (سلطة أراضي اسرائيل، الوحدة القطرية لتطبيق القانون والدورة الخضراء) يوجد 21 – 23 مفتشا. من اجل المقارنة، في كل فرع البناء في اسرائيل يوجد 28 مفتشا، هذا حسب معطيات ادارة الامان في وزارة العمل والرفاه.
أم الحيران، حالة اختبار
بعد سنوات من النضال الصلب لسكان القرية الذين لم يوافقوا على هدم منازلهم في تشرين الثاني 2016، نجحت الدولة في وضع بصمتها وفي اقناع احد سكان أم الحيران، احمد أبو القيعان، وهو مسن (74 سنة) بهدم منازل ابناء عائلته. في الاسبوع الذي سبق الهدم قال أبو القيعان إن ممثلي الشرطة جاءوا الى بيته ثلاث مرات، وحاولوا اقناعه بهدم بيوت ابناء عائلته والانتقال الى قرية حوره، حيث تم عرض مكان للسكن بدون أجر من قبل سلطة تطوير وإسكان البدو في النقب، المكلفة بالمفاوضات. "السيف كان على الرقبة"، هذا ما قاله له ممثلو الشرطة قبل الهدم حسب اقواله، "لقد ضغطوا عليّ لأوقع، لم يكن لي أي خيار آخر". أول من أمس قال أبو القيعان للصحيفة إن رجال الشرطة الذين جاءوا الى بيته طرحوا ايضا التهديد بفرض التكلفة المالية عليه اذا قامت الدولة بهدم البيوت. "اليوم أنا اعيش هنا في حوره، وليس بالامكان العودة الى الوراء".
حسب أقوال حايه ناح، المديرة العامة لرابطة منتدى التعايش في النقب، فان سياسة التهديد والضغط على السكان تنجح. "التخويف ينجح"، قالت ناح، "التهديد بالمطالبات أدى الى أن 22 في المئة قاموا بالهدم قبل تسلم أمر الهدم. يكفي أن يمر مفتش أو شرطي ويقول "اذا لم تهدم فنحن سنأتي ونهدم ونفرض عليك غرامة"، هذا يكفي".
سلطة أراضي إسرائيل، التي تعتبر احدى جهات تطبيق القانون، لا تخفي هذه السياسة. في البيان الصحافي في ايلول 2015 المقتبس في تقرير منتدى التعايش قال مدير قطاع الجنوب في لواء الحفاظ على الارض، ايلان يشورم "المفتشون يوضحون للغازين بأنهم يعملون ضد القانون، واذا لم يقوموا بالاخلاء فانهم سيتعرضون للدعاوى والغرامات مقابل اخلائهم. نحن نشهد على أن تطبيق القانون ناجع".
ولكن التقرير يؤكد على أنه رغم الاستخدام الواسع لهذا التكتيك، إلا أنه في معظم الحالات الدولة لا تقاضي السكان. حسب طلب حرية المعلومات، الذي تمت الاستجابة له في ايلول 2015 من سلطة اراضي اسرائيل، فانه حتى ذلك الحين تم تقديم اربع دعاوى تطالب بفرض تكاليف الهدم على السكان. وفقط 2 منهما تتعلق بالسكان البدو في النقب: هدم مسجد في رهط واخلاء وهدم قرية العراقيب. وجاء من الشرطة رداً على ذلك "البناء غير القانوني هو عمل يتم خلافا للقانون ويشكل مخالفة جنائية. تطبيق القانون في اسرائيل يتم من خلال ادارة التنسيق وتطبيق القانون ووحدة تطبيق القانون في وزارة المالية. يجب علينا التوضيح بأن شرطة اسرائيل ليست طرفاً في هذه الاجراءات والقرارات لهدم المباني غير القانونية في اسرائيل. وظيفة الشرطة هي المرافقة وتأمين عملية الهدم بقوة اوامر الهدم الصادرة عن المحكمة على أيدي سلطات تطبيق القانون".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف