عداد الموت ضرب بعنف. قتيل كل نصف ساعة وقتيل آخر وقتيل آخر. اسرائيل كانت مشغولة
بالتحضيرات لعيد الفصح، شبكات التلفزة واصلت بث سخافاتها. ليس من الصعب تخيل ماذا كان سيحدث لو أن
مستوطن طعن. بث مباشر، ستوديوهات مفتوحة. ولكن في غزة واصل الجيش الاسرائيلي الذبح بدون رحمة، بوتيرة
تثير الذعر، اسرائيل تحتفل بعيد الفصح. اذا سجل أي قلق فهو موجه فقط للجنود الذين لم يستطيعوا المشاركة في
ليلة عيد الفصح. حتى المساء كان هناك 15 جثة و758 مصاب، جميعهم بالنار الحية. دبابات وقناصة ضد مدنيين
غير مسلحين. هذه مذبحة، لا توجد كلمة اخرى. الوقفة الفكاهية قدمها المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي. في
المساء أعلن: "تم احباط عملية اطلاق نار. مخربان اقتربا من الجدار واطلقا النار على قواتنا". هذا كان بعد القتيل
الفلسطيني الـ 12 ولم نكن نعرف بعد أي مصاب. جنود يقنصون مئات المدنيين، لكن فلسطينيان تجرءا على الرد
بالنار على من يذبحونهم، اعتبرا مخربين، عملهما هو عمل تخريبي وحكمهما هو الموت. إن انعدام الوعي الشخصي لم
يهبط في أي يوم الى هذا الدرك الأسفل في الجيش الاسرائيلي. الدعم المثير للاشمئزاز قدمته كالعادة وسائل الاعلام:
مع القتيل الـ 15 اعلن اور هيلر أن هذه "الحادثة الاخطر اليوم" كانت محاولة اطلاق النار من قبل فلسطينيين اثنين.
دان مرغليت أدى التحية للجيش الاسرائيلي. واسرائيل مرة اخرى غسلت دماغها وجلست كلها مع شعور
بالإعجاب الشخصي على وجبة ليلة عيد الفصح ورددت "صب جام غضبك على الاغيار" وانفعلت من نشر الأوبئة
(الطاعون والجذام) واهتزت بانفعال من القتل الجماعي للأطفال البكر.
يوم جمعة عيد الفصح للمسيحيين وليلة عيد الفصح لليهود كان اليوم النازف للفلسطينيين في غزة، حتى
جريمة حرب لا يمكن أن نسمي بها ما حدث لأنه لم يكن هناك حرب. الاختبار الذي كان يمكن فيه اختبار الجيش
الاسرائيلي واللامبالاة المرضية للرأي العام هو: ماذا كان سيحدث لو أن متظاهرين يهود – اسرائيليين، مستوطنين،
حريديين أو غيرهم، كانوا يهددون بالصعود على مبنى الكنيست. هل النار الحية المجنونة كهذه من الدبابات والقناصة
كان سيتم تفهمها؟ هل قتل 15 متظاهر يهودي كان سيمر مر الكرام هنا؟ هل لو أن بضع عشرات الفلسطينيين
نجحوا في الدخول الى اسرائيل كان سيبرر المذبحة؟.
قتل فلسطينيين يتم استقباله في اسرائيل بسهولة اكثر من قتل البعوض. لا يوجد في اسرائيل شيء أرخص من
دم الفلسطينيين. حتى لو قتل مئة أو ألف متظاهر، اسرائيل كانت ستؤدي التحية للجيش. هذا هو الجيش الذي
اسرائيل تنبهر من أداء قائده غادي آيزنكوت، الرجل المعتدل والجيد. في مقابلات العيد لم يهتم أحد بسؤاله بالطبع
عن المذبحة المتوقعة، ولا أحد سيسأله الآن. ولكن جيش يتفاخر مسبقا ʪطلاق النار على فلاح في ارضه، ويعرض
فيلم قصير عن اطلاق النار هذا على موقعه من اجل تخويف سكان غزة، إن جيش وضع دبابات ضد مدنيين وتفاخر
بالمئة قناص الذين ينتظرون المتظاهرين، هو جيش فقد تماما عنانه. وكأنه لا توجد وسائل اخرى، وكأنه توجد للجيش
الاسرائيلي صلاحية أو حق في منع المظاهرات داخل القطاع وتهديد سائقي الحافلات ان لا ينقلوا المتظاهرين في
البلاد التي انتهى فيها الاحتلال كما هو معروف منذ زمن.
شباب يائسون يتسللون من غزة مسلحين بوسائل تخريبية مضحكة، يسيرون عشرات الكيلومترات دون المس
باحد، وفقط ينتظرون القاء القبض عليهم من اجل النجاة عن طريق السجن الاسرائيلي من الفقر الغزي – هذا ايضا
لا يحرك ضمير أحد. الاساس هو أن الجيش الاسرائيلي يعرض بتفاخر محزن غنيمته. أبو مازن متهم بالوضع في غزة،
وحماس بالطبع، ومصر والعالم العربي وكل العالم، وفقط ليس اسرائيل. فهي خرجت من غزة وجنودها لا ينفذون في أي
يوم مذبحة.
في المساء تم نشر الاسماء. شاب أنهى صلاته وأطلقت النار عليه، شاب أطلقت النار عليه وهو يقوم بالهرب،
أسماء لا تعني أي أحد، محمد النجار، عمر أبو سمور، احمد عودة، سري عودة، بدر الصباغ، والمقام لا يتسع للاسف
لذكر كل الاسماء.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف