العديد من الباحثين في الجيش والمجتمع يقولون: «لقد تغير الوضع». وهم يقصدون أن أسطورة «داود وجالوت» انقلبت رأساً على عقب: نحن، الذين كنا دائماً نشعر بأننا أقلية أمام أغلبية، وأننا نتماثل جداً مع داود وحجر المقلاع، تحولنا كما يبدو إلى جالوت، ولكي نوازن المعادلة، داود هو بالذات الفلسطيني الذي يحاول إحراجنا بالوسائل ذات التكنولوجيا المتدنية Low-Tech.

عند تحليل «إرهاب الطائرات الورقية» في قطاع غزة، يبدو أن هذه المعادلة الجديدة قائمة. بعد كل شيء، ما الذي يحدث حقا أمام أعيننا؟ جيش قوي كبير ومتطور تقنياً يتمتع بقدرات خيالية ومبتكرة ضد «الإرهاب» الفردي الذي يستخدم السكاكين وقنابل المولوتوف والعبوات الجانبية والطائرات الورقية الآن.

إذاً، ما هي المشكلة بالضبط؟ حسنا، عند بناء قوة ضد الصواريخ المضادة للدبابات، القدرات الجوية المتهربة ومنظومة الغواصات السرية، فإننا نستعد لسيناريوهات كبيرة، وعندها نفشل أحيانا في معالجة الأشياء الصغيرة.

يجب عدم الاستهتار بأهمية هذه التهديدات الصغيرة – لقد عايشنا الكثير من الحوادث المثيرة، من قبل قنابل المولوتوف التي أحرقت الناس والمقاتلين حتى الموت، ويجب أن نوفر ردا سريعا وحاسما.

ماذا يجب أن يكون الجواب على هذا التهديد الغريب؟

في هذا السياق، من المهم أن نقول إن الطائرة الورقية ليست المشكلة، ولن يكون من الصواب التركيز عليها.

المشكلة هي من يرسلها إلى الجو ويوجهها نحو الحقول الزراعية - كل هؤلاء الذين يطلقون الطائرات الورقية يجب أن يدخلوا في الفوهة والهدف.

من الواضح أن الرد من خلال الإغلاق السريع للدائرة بين المراقبة وقوة الرماية، والتي هي أساس استخدام القوة في الأمن الروتيني، يعتبر الرد الرئيس. ليس هناك حاجة إلى حل تكنولوجي هنا، كل شيء في أيدي قائد الفرقة الذي يقوم بمهمته من خلال تفعيل المبادرة وقليل من الإبداع.

ما قد يثير القلق هو أن هذا لم يتم بشكل صحيح حتى الآن، وهنا يجب على المرء أن يتساءل لماذا لا يتم تفعيل هذا الرد التقني - التكتيكي؟ هل نواجه مشكلة المبادرة من قبل المقاتلين الصغار، أو أن الاعتماد الكبير على التكنولوجيا الفائقة جعل رجال الأمن يبحثون عن الحل في مكان آخر.

قبل بضع سنوات كتب اللواء غرشون هكوهين مقالاً بعنوان «أين اختفت الشقاوة في الجيش الإسرائيلي؟» في هذا المقال، ادعى الجنرال أن الجيش الإسرائيلي أصبح معقداً للغاية، وأن إبداع الجنود الميدانيين البسطاء، الذين جاؤوا من مكان جريء، وإن كان أحيانا «شقيا»، أصبح مفقوداً اليوم.

التعقيدات التي يدعيها العقيد كوهين تنبع من أن القوات لربما اعتادت البحث عن حلول في الأنظمة المتقدمة، في الأنظمة الرقمية وفي التجميع الجوي للطائرات غير المأهولة، في حين أن الحل البسيط والصحيح في أيديهم، وكل ما هو مطلوب هو التصرف.

لن يتم حل «إرهاب» الطائرات الورقية بوساطة سلاح الجو، ولا بوساطة وحدة 8200. هذه المشكلة هي خبز حملة البنادق، الذين لديهم أدوات تفوق بكثير ما هو مطلوب للتعامل مع هذا «التحدي». المشكلة هي أنه على الجانب الآخر هناك عدد غير قليل من «الأشقياء»، الذين يفتقرون إلى أدوات متطورة ونقص مستمر في الموارد والوسائل. هؤلاء يقودهم «جوعهم» إلى حلول خلاقة، وينجحون في إحراج الجيش الإسرائيلي بأفعال صغيرة مزعجة، نوع من اللدغات.

«إرهاب الطائرات الورقية» لن يغير مصير المعركة حول قطاع غزة. هذا ليس «مقلاع داود». هذه معركة مستمرة، خلقت مع مرور الوقت، وضعاً أزال فيه الجيش الإسرائيلي الوصف المرجعي الرهيب للغزو عن جدول الأعمال، بما في ذلك التعامل مع الجيوش النظامية في المنطقة. لا يوجد، حاليا، جيش في المنطقة يهدد دولة إسرائيل، ولكنّ هناك عدداً غير قليل من «الأشقياء» مع كثير من المحفزات، الذين يتطلعون فقط إلى إيذائنا وتقويض الروح القتالية والإيمان بعدالة الطريق.

لو لم أكن أعيش هنا، لكنت سأضحك على هؤلاء الأشقياء. لكن الوضع لا يسمح لنا بأن نكون متعجرفين - لقد تسبب لنا هؤلاء الأشقياء بمغادرة لبنان وغزة ونحن نجر ذيلنا بين ساقينا، ويحاول هؤلاء الأشقياء الآن تغيير اتجاه المعركة.

لقد علمني هذا الماضي أنه في الحالات التي لم تبادر فيها القوى في الميدان ولم تبدع، وجدت نفسها تتعرض للهجوم ومحرجة.

يجب ألا نسمح بحدوث هذا مرة أخرى، في هذه المسألة. المعركة في أيدي قادة الفرق والكتائب، وينبغي أن يكونوا «أشقياء».

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف