طلب نتنياهو السير إلى الأمام. مستحيل. هذا ميسي، يا سيدي. لا يمكن التنكر للحقيقة المرة. والحقيقة هي انه لاعب مذهل، عبقري في كرة القدم، سريع، قصير، متواضع وكذا جبان. لأسفي. جبان مثل باقي لاعبي منتخب الأرجنتين الذين ذعروا من الاحتجاج الجماهيري، تأثروا بمجموعات ضغط مؤيدة للفلسطينيين، تؤيد المقاطعة، وتدعو إلى معاقبة إسرائيل على الاحتلال، وعلى استمرار البناء في المستوطنات، آمنوا بأن "الإرهابيين" و"المخربين" سيمسون حقا بهم وبأبناء عائلاتهم إذا ما جاؤوا فقط للعب في إسرائيل، في القدس.
كل من يستسلم للتهديدات هو بائس وجبان. لأسفي، ميسي أيضا. فالظلم الذي أحاقوه بمئات آلاف المؤيدين في إسرائيل، الألم وخيبة الأمل من محبي كرة القدم والأطفال، ولا سيما – في النهاية أعطوا توقيعهم النهائي على الخلط البشع بين الرياضة والسياسة.
لقد كانت هذه مباراة ودية، ولكن ليس هكذا يتصرف الأصدقاء الودودون. لو كان منتخب الأرجنتين شجاعا لكان يمكنه أن يقول مسبقا ما الذي هو مستعد له وما الذي هو غير مستعد له.
لنفترض أن الحديث يدور عن نقل المباراة من حيفا إلى القدس، كان يمكنهم أن يقولوا إن هذا ليس مناسبا لهم.
أما العمل تحت منظومة الضغوط، فهذا سلوك جبان، متدن ودنيء، وبالأساس هذا تشجيع لكل المقاطعين ولكل العنيفين.
هذا لا يقلل من المسؤولية الإسرائيلية عن هذه الهزيمة السياسية. فأمام جبن أميركا الجنوبية هناك الغرور والاعتداد الإسرائيلي بالنفس، اللذان هما الأصل الذي أدى إلى تفجير المباراة.
على رأس الوقحين وزيرة الرياضة والثقافة ميري ريغف. وزيرة نشطة، مفعمة بالطاقة، شعبية وآسرة. وقد أجريت معها المقابلات في صوت الجيش، وقدمت القول "سنرى من يضغط على من..." إذ تناولت رفض ميسي المزعوم لمصافحة السياسيين. وبشعبية مقصودة تحدت الطليعي الأفضل في العالم وأوضحت له بأنها هنا هي التي تقرر القواعد. هذه هي الروح التي قادتها لأن تنقل، بثمن 3 ملايين شيقل، المباراة إلى استاد تيدي. وبكلتا يديها جعلت المباراة حدثا سياسيا، جزءا من احتفالات السبعين بل علم يميني صرف آخر.
على موجات الغرور كانت ريغف شريكة في التبجحات التي تقول إن كل هذه المباراة هي ضربة لحركة المقاطعة على إسرائيل.
لقد كانت الرسالة بسيطة: رفعنا القدس على رأس فرحتنا وثمة لهذا آثار. كل من يريد أن يجعل العاصمة انتصارا سياسيا – يمينيا أمام هزيمة فلسطينية، يجب أن يتوقع ردود فعل مضادة.
نتنياهو تلقى ردا مشابها من رئيس فرنسا ماكرون الذي قال إن فتح السفارة الأميركية في القدس أدى إلى الموت فقط.
لقد تحولت المباراة مع الأرجنتين من رياضة إلى أحبولة سياسية نتنة. هذا الأسبوع دفعنا بالنقدي السياسي ثمن الفظاظة والوقاحة، الغرور والانتفاخ والإحساس الزائف بالقوة. واستغل الفلسطينيون أخطاءنا كي يجروا لنا تعذيبا سياسيا: لديهم مؤيدون أكثر ودول أكثر هم ضد المستوطنات ومع فلسطين.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف