حتى على خلفية الفساد والتعفن القانوني الذي يميز مشروع الاستيطان، تنجح حالة حي بطن الهوى في سلوان في البروز في سوئها. في هذه الحالة نقلت الدولة من خلال القيم العام في وزارة القضاء، حيا كاملا، وفيه نحو 700 نسمة، إلى جمعية عطيرت كوهنيم، دون أن تكلف نفسها عناء تبليغ الفلسطينيين الذين يعيشون فيه.
وللدقة، ففي العام 2002 حرر القيم العام الارض في مركز سلوان وسلمها إلى وقف تاريخي اقيم في 1899. قبل سنة من ذلك، باقرار من القيم العام، عين ثلاثة من نشطاء عطيرت كوهنيم أمناء للوقف. ومنذئذ بذلت الجمعية جهودا جمة لاخلاء العائلات الفلسطينية، وصحيح حتى اليوم أخلي عدد من العائلات وعشرات اخرى تخوض معركة قضائية ضد الاخلاء.
وصل أمس نحو مائة من سكان سلوان إلى المحكمة العليا للبحث في التماس ضد القرار الأصلي لتحرير الارض إلى الوقف. ويعنى الالتماس بمسألة إذا كان الوقف الاصلي كان للارض أم للمباني التي عليها، وهي مبان خربت تماما، باستثناء واحد، حتى الاربعينيات. واعترفت مندوبة الدولة، المحامية نيطع اورن، في ردها على اسئلة القضاة بان مسألة طبيعة الوقف وحقيقة وجود المباني لم تفحص قبل أن تنقل الارض إلى المستوطنين.
ورغم ذلك طلبت اورن من القضاة رد الالتماس لأسباب فنية تتعلق بالتأخر ونقص المعلومات في الالتماس. بكلمات اخرى، تعترف الدولة في المحكمة العليا بانه وقعت عيوب في قرار من المتوقع بسببه أن يخلى 700 شخص من بيوتهم، حيث سكنوا نحو 60 سنة، وفي نفس الوقت تطلب رد الالتماس، لان الفلسطينيين لم يلاحظوا هذا الخطأ في الوقت المناسب.
الاستيطان في بطن الهوى هو الاشكالي من بين اعمال الاستيطان في الاحياء الفلسطينية في القدس. فهو يوجد في قلب قصبة مكتظة، يثقل جدا على حياة السكان ويستهدف منع كل حل سياسي. كل عائلة يهودية هناك تحتاج إلى حراسة بكلفة نحو مليون شيكل في السنة. ولكن يبدو أن هذه الاضرار لا تنحصر في نطاق سلوان. هذه المستوطنة تفسد أيضا المنظومات الجماهيرية في إسرائيل.
ما أن لاحظ القيم العام والنيابة العامة بوقوع اخطاء في قرار التحرير من العام 2002، فإن الامر النزيه الوحد الذي كان يتعين عليهما أن يفعلاه هو الاعلان عن الغائه وتجميد اجراءات الاخلاء ضد العائلات الفلسطينية. بدلا من ذلك قرر الموظفون والنواب العامون مواصلة خوض الصراع من أجل الاخلاء مع مندوبي عطيرت كوهنيم. هذا دليل آخر على مدى افساد الاستيطان للإدارة العامة في إسرائيل. اما الآن فالموضوع هو أمام العليا. وينبغي الأمل في أنه رغم الضغوط التي تمارس على قضاتها، سيوقفون الظلم والافساد.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف