يصعب علينا أن نشير إلى الموعد الذي بدأ فيه الجيش الإسرائيلي يدير سياسة كدية تجاه الحكومة.
فقد حصل هذا منذ إقامة الدولة، لكن يبدو أنه لم يسبق أن كانت فجوة كبيرة مثلما هي هذه الأيام، في مداولات الكابنت الأخيرة تجاه غزة.
العبث: محفل هيئة الأركان، الذي هو منفذ لسياسة حكومية ظلامية، والذي تتلطخ يداه بالدماء، يمثل في الصراع تجاه الحكومة المجتمع الإسرائيلي سوى العقل، وهو عنصر مهم في صراع هذا المجتمع في سبيل هويته كديمقراطية إنسانية.
يتلخص هذا العبث في النقطة التي يضطر فيها الجيش الإسرائيلي إلى أن يقرر بين رفض الأمر والحرب الشاملة داخل المجتمع الإسرائيلي وبين دوس الفلسطينيين، والقرار واضح: الفلسطينيون يدفعون ثمن الصراع على الديمقراطية الإسرائيلية، والجيش الإسرائيلي يطيع أوامر حاخامي «المناطق» من خلال ممثليهم في الكنيست، والذين دونهم نتنياهو ليس رئيس وزراء وليبرمان ليس وزير دفاع.
في حدود اللعب الديمقراطي – السياسي، يفعل آيزنكوت افضل ما يستطيع كي يصدهم، ففي الأسبوع الأخير لم يرد الجيش الإسرائيلي على إلقاء العبوات الناسفة، الطائرات الورقية، والبالونات، وضابط كبير جدا في قيادة الجنوب قال إن الجيش الإسرائيلي هو مع التسوية.
وفي جلسة الكابنت الأخيرة، حيث بحث «الوضع في القطاع»، بحث في الخلفية موضوع آخر، وهو الوضع في إسرائيل.
والسؤال الذي حام في الهواء ولم يلق جوابا له كان كم يمكن للمجتمع الإسرائيلي أن يدعم الوحشية التي تمارس ضد مواطني قطاع غزة؟ وعلى هذا السؤال يفترض أن يجيب عموم مواطني اسرائيل، ولكن لسماع الآهات التي تصدر من كل صوب، فاني واثق أنه يجب أن نسألهم.
وزراء الكابنت، الذين يفترض بهم أن يقرروا ما العمل بحق الجحيم بغزة، اجتمعوا في بداية الأسبوع في مكان ما هناك في القبو، حيث يفترض أن يجلسوا حين تسقط الصواريخ على دولة اسرائيل.
وهناك اقترح الجيش الاسرائيلي سلسلة من التسهيلات، وروى تساحي هنغبي ما اقترحه، كمبعوث نتنياهو، إلى محفل الدول والهيئات المانحة للفلسطينيين في بروكسل: اسرائيل مستعدة لتشجع نشاطا انسانيا في القطاع شريطة أن يدفعوا هم: منشأة لتحلية المياه، ربط لخط توتر جديد، مد أنبوب غاز طبيعي من اسرائيل إلى غزة، منشأة مياه عادمة، موقع جمع القمامة، تطوير المنطقة الصناعية ايرز. واو! يا لهم من رحيمين أبناء رحيمين أولئك اليهود. يوجد فقط شرط واحد آخر: أن تجرد «حماس» من السلاح.
كل واحد من هذه المشاريع هو قصة سنوات بحيث كان واضحا أن الحديث يدور، كالمعتاد، عن مناورة. في الكابنت، بالمناسبة، لم يكن هناك بحث حقيقي. بينيت قال: «في الجانب الآخر يوجد عدو وحشي ينتظر بوادر البراءة والهدايا المجانية من جانبنا.
لا ينبغي لنا أن نقدم هدايا بالمجان». وبذلك أنهى البحث. لقد كان الموضوع المعركة على الجمهور الانتخابي اليميني. وكانت الذريعة طلب عائلة غولدن «إعادة الأبناء إلى الديار»، أما المقصود فكان منع نتنياهو من دعم الجيش الإسرائيلي.
في زيارته لدى ميركيل قال نتنياهو: «تفحص اسرائيل كيف تمنع انهيارا إنسانيا في القطاع، ولعلها هي الوحيدة التي تعمل في هذا الموضوع. وقد بحث معها (ردا على طلبها، فموضوعه كان إيران) في «خطة لتحسين المعابر».
في جلسة الكابنت حافظ نتنياهو على حق الصمت. فلماذا يدخل بين الجيش وبين حاخامي «المناطق» وممثليهم؟ فليلعب الممثلون أمامه. في الكابنت وفي القطاع أيضا. من على جانبي الجدار.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف