موقعان استيطانيان جديدان اقيما حقا في الاسبوعين الاخيرين في الضفة الغربية، يضمان فيهما كل الصفات المطلوبة لنظام كولونيالي – استيطاني ناجح: تخطيط بعيد المدى، عمل حسب نموذج ثابت، قدرة ارتجال ومرونة، عنف، تشابك في العمل بين المؤسسة والمبادرين الخاصين من خلال الحفاظ على شكل من اشكال التناقض، شعور بالتفوق، والترجيح بين الشرعية وعدم الشرعية. بسبب عدم وجود مكان لم نقم بتصنيف أي معلومة حسب الميزة المطلوبة لنجاح المشروع الكولونيالي. هذا دور القراء وعليهم القيام بذلك بأنفسهم.
في شرق الخليل اقيم قبل أقل من اسبوعين بؤرة استيطانية. قرب مستوطنة “بني حيفر”. صحيح حتى هذا الاسبوع الماضي كانت تضم خيمة وحظيرة اغنام وكرفان للسكن موضوع على شاحنة قديمة وعدد من الاشخاص التي غرست. من قام بربطهم بشبكة الكهرباء والمياه لم يهتم بوضع بنية تحتية للمجاري. انبوب يضمن أن تتدفق مياه مخلفات الساكنين في الكرفان الى الاراضي الزراعية الفلسطينية في قرية بني نعيم. الارض التي عليها اقيمت البؤرة الاستيطانية الجديدة والمستوطنة المجاورة تعود للقرية الفلسطينية. المنطقة اعلن عنها في 1982 كاراضي دولة – وهذه ممارسة اسرائيلية معروفة. والتي بغطاء قانون تقوم باسكان مواطنين اسرائيليين على اراضي فلسطينية خاصة خارج حدود الدولة خلافا للقانون الدولي. البؤرة بنيت بمحاذاة الخط الحدودي بين المنطقة التي اعلن عنها اراضي دولة وبين اراضي فلسطينية لم ينجح التكتيك البغيض في سلبها.
لقد علمت “هآرتس” أن المباني تعتبر غير قانونية وأقيمت بدون ترخيص، لكنها جزء من خطة هيكلية سارية المفعول للمستوطنة. احدى الجهات المطلعة قالت للصحيفة إن سلطة تطبيق القانون هي قبل كل شيء للسلطة المحلية التي تم في حدودها البناء غير القانوني (المجلس الاقليمي جبل الخليل). باختصار، انسوا تطبيق القانون، انسوا منع التلويث. فلسطينيون اصحاب الاراضي وسكان بني نعيم بدأوا يتظاهرون امام الموقع الجديد. في يوم السبت قبل اسبوع انضم اليهم نشطاء “تعايش”. الخوف الحقيقي هو أن وجود الموقع سيوسع كثيرا الدائرة الارضية الممنوع وصول الفلسطينيين اليها، الى ابعد مما اعلن عنه كاراضي دولة. الجنود طلبوا أن يغادر المحتجون الفلسطينيون والاسرائيليون المكان، وقالوا إن الامر يتعلق بمنطقة عسكرية مغلقة، ولكن خلافا للقانون، لم يظهروا أي أمر موقع، وحاولوا منع الموجودين من التصوير، واعتقلوا بشكل عبثي 17 فلسطيني، تم اطلاق سراحهم بعد ست ساعات تقريبا.
المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي قال للصحيفة إنه “في المكان تطور احتكاك بين المجموعة وبين المستوطنين الذين يعيشون هناك. القوات الاسرائيلية قفزت الى الموقع واعلنت عن المنطقة منطقة عسكرية مغلقة لمنع مواصلة الاحتكاك والحفاظ على الامن والنظام العام في المكان. المنطقة اغلقت مدة 24 ساعة. عندما رفض عدد من اعضاء المجموعة مغادرة الموقع وخرقوا أمس اغلاق المنطقة تم اعتقالهم، وبعد ذلك تم نقلهم لأن تقوم قوات الامن بالتعامل معهم. الحادث انتهى بدون اصابات، قرار الاعلان عن المنطقة منطقة عسكرية مغلقة اتخذ وفقا للظروف وتقدير الوضع العملياتي”.
الموقع الثاني، الذي اقيم في الاسبوع الماضي على اراضي قرية الطيبة في شرق رام الله، هو الابن الشرعي لعدد من عمليات عنيفة لاسرائيليين يهود ضد الفلسطينيين. جمعية “يوجد قانون” وثقت اربع حالات عنف لاسرائيليين في نفس المنطقة منذ بداية العام: هجوم عنيف لاسرائيليين يهود اصيب فيه باصابة شديدة ولد وامه في خيمة بدوية في جنوب مستوطنة رمونيم. اطلاق نار اسرائيلي – يهودي على راعي في منطقة العوجة أدى الى اصابته وبتر قدمه. رش كتابات وثقب حوالي اطارات عشرين سيارة في قرية رمون. دخول قطيع اغنام للمستوطنين الى حقل مفلوح في قرية دير جرير. تم تقديم شكاوى للشرطة بخصوص الهجمات الثلاثة الاولى، لكن لم تقدم شكوى على الحادثة الاخيرة، رغم ان هذا النوع من العنف هو الشائع اكثر.
يوجد للرعاة الاسرائيليين اليهود الذين يتجولون بين مستوطنة رمونيم ومستوطنة كوخاف هشاحر عادة نقل قطعانهم عبر حقول مزروعة للفلسطينيين. وجود الحاخام اريك اشرمان في المكان، من “توراة العدل”، ابعدهم بضع مرات عن الحقول المزروعة، لكن تسبب هناك ضرر يقدر بآلاف الشواقل. والآن قبل نحو عشرة ايام ظهرت خيمة وحظيرة قرب رمونيم على ارض خاصة في قرية الطيبة تبعد نحو100 متر عن الارض التي اعلنت اراضي دولة.
وجاء عن الادارة المدنية: “اقامة المباني في المناطق التي تمت الاشارة اليها معروفة لجهات تطبيق القانون في الادارة المدنية. عمليات تطبيق القانون سيتم تنفيذها وفقا لصلاحيات السلطات التي ينص عليها القانون، ووفقا للاعتبارات العملياتية وسلم الاولويات.
نشيط اليسار غاي هرشفيلد قال إن بناة الموقع بنوه عمدا على اراضي فلسطينية، التي حتى الادارة المدنية تعتبرها اراضي خاصة، من اجل أن يستطيعوا مساومتها كي تسمح لهم بالانتقال مئة متر نحو الشرق الى الاراضي التي تم سلبها “بشكل قانوني”. في كل موقع وفي كل مستوطنة يرقصون رقصة تانغو العنف والتخطيط، الارتجال والمنطق القانوني. الهدف واحد وهو مواصلة تقليص وتقسيم الفضاء الفلسطيني. النجاح مضمون. اذا كان الامر هكذا فلماذا مواصلة محاولة وضع عصي في الدولاب. كما يفعل المحتجون الفلسطينيون والنشطاء الاسرائيليين الذين تم ذكرهم. والذين لم يتم ذكرهم هذه المرة ايضا؟ الاجابة فيما بعد.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف