اعتبرت السلطة الفلسطينية أن مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون خصم مخصصات الشهداء والأسرى الفلسطينيين من أموال الضرائب الفلسطينية، “بمثابة إعلان حرب على الشعب الفلسطيني ومناضليه وأسراه وشهدائه”.
وقال نبيل أبوردينة المتحدث باسم الرئاسة في بيان “إن الرئاسة تؤكد رفضها القاطع لهذا القرار الخطير، وتعتبره مساسا بأسس العلاقة منذ اتفاق أوسلو وحتى الآن”.
وسنّت إسرائيل قانونا الاثنين يقضي بحجز جزء من عائدات الضرائب الفلسطينية بداعي دفع السلطة رواتب المعتقلين في السجون الإسرائيلية وأسرهم وأسر الشهداء.
ويأتي القرار بعد ساعات من إعلان أستراليا وقف تقديم مساعدات مباشرة للسلطة الفلسطينية، بسبب ما اعتبرته “دعمها لأشخاص مدانين بالعنف”.
ويرى مراقبون أن القرارين يندرجان في سياق تشديد الضغوط على الرئيس محمود عباس، الذي تروّج دوائر إسرائيلية على نطاق واسع بأنه أصبح عائقا رئيسيا أمام تحقيق السلام، في ظل موقفه من القدس ورفضه المسبق لصفقة القرن التي تعدّها الإدارة الأميركية والتي من مرتكزاتها فصل قطاع غزة عن الضفة عبر دعمه اقتصاديا.
وتتسق هذه الإجراءات المتصاعدة ضد السلطة الفلسطينية مع سعي بعض القوى الإقليمية تتصدرها قطر للترويج إلى أن حماس قادرة على أن تكون البديل المناسب.
وكان السفير القطري في غزة قد صرح أن وساطة تجريها بلاده بين حماس وإسرائيل، مرجّحا التوصل إلى اتفاق يقضي بحلّ الأزمة الإنسانية والاقتصادية في القطاع مقابل إبداء حماس مرونة حيال بعض الملفات.
وشكّل تصريح العمادي إحراجا كبيرا لحركة حماس التي لم تصدر أي بيان رسمي بخصوصه حتى مساء الثلاثاء.
وتحاول حماس الانفتاح على جهات كثيرة متعارضة، والاستفادة من وجودها كرقم محوري في المعادلة الفلسطينية، تخطب ودها قوى عديدة، وتبدي استعدادا للحوار معها، وهو ما يفسر مرونتها مع الجميع التي تتسق مع انتهازيتها السياسية المعروفة.
بركات الفرا: ترميم البيت الفلسطيني يقطع الطريق على أي تسوية أميركيةبركات الفرا: ترميم البيت الفلسطيني يقطع الطريق على أي تسوية أميركية
وتدرك دوائر عربية خطورة التحركات التي تقوم بها قطر حيال تمهيد الطريق لعقد صفقة بين إسرائيل وحماس، يخرج بموجبها أبومازن من المشهد السياسي، ويعاد ترتيب الأوراق بما يمنح حماس فرصة لتصدر المشهد بدلا منه.
وفي محاولة للقطع مع الخطط القطرية جددت القاهرة مساعيها لإحياء مسار المصالحة، عبر دعوة حركة حماس إلى القاهرة وعقد مسؤولين مصريين اجتماعا مساء الثلاثاء مع مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح عزام الأحمد. وذكر مصدر قريب من ملف المصالحة لـ”العرب”، أن “هناك مشاورات جارية مع مختلف الفصائل لاستكشاف إمكانية عقد لقاء موحد مع الجميع، أم على فترات منفصلة”، لافتا إلى أن ثمة توجيهات حاسمة من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، “بسرعة إنجاز المصالحة في أقرب وقت ممكن”.
وأمام التحديات الكبيرة بات الرئيس الفلسطيني يظهر مرونة أكبر لإنجاح الجهود المصرية، في إنهاء الانقسام الفلسطيني.
ويعتبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها حماس مدخلا رئيسيا لإنهاء هذا الوضع، وإعادة ترميم البيت الفلسطيني، ويعقب ذلك إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، ويصبح بذلك قطاع غزة تحت مظلة السلطة، وبالتالي إسقاط خطط فصل القطاع.
وجاء انفتاح عباس مؤخرا على رئيس الوزراء السابق سلام فياض في سياق جهود تشكيل الحكومة الجديدة التي من شأنها وفق كثيرين أن تضع حدا للجدل السياسي والإنساني على الساحة الفلسطينية، الذي تستثمره دوائر إقليمية ودولية لصالحها.
وعلمت “العرب”، من مصادر فلسطينية ومصرية، أن سلام فيّاض “لن يمانع في أن يكون رئيسا للحكومة، لكنه يشترط مشاركة الفصائل المؤثرة، وعلى رأسها حماس”.
وقال عبدالعليم محمـد الباحث والمتخصص في الشأن الفلسطيني بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، أن “عودة مسار المصالحة بالتزامن مع ظهور سلام فياض، يعكس وجود ترتيبات جادة بين مصر والسلطة الفلسطينية، وأن يتم ترميم الجدار الداخلي ثم تشكيل حكومة تضم كل الفصائل، وتحظى بدعم وتأييد عربي ودولي حتى تستطيع التصدي للمتاجرة بالأزمة الإنسانية”.
وأضاف لـ”العرب”، من الصعوبة تشكيل حكومة جديدة مع استمرار الانقسام، وهو ما تعمل القاهرة على تداركه، بحيث يكون هناك ظهير سياسي وراء الحكومة المقبلة، لصد مخططات واشنطن التي تأمل أن يستمر الوضع الراهن لتتمكن من تمرير صفقتها”.
وتضمنت شروط حماس للمصالحة مع فتح، تشكيل حكومة جديدة، واستيعاب الموظفين الذين عيّنتهم الحركة في غزة، وعقد اجتماع للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، وهو ما يبدو متناغما الآن مع التحركات المصرية، وعودة سلام فياض للمشهد.
ويرى متابعون أن إتمام المصالحة وتشكيل حكومة جديدة، تضم كل الأطراف، السبيل الوحيد لدحض المخطط الإسرائيلي الأميركي ومحاولة اختصار القضية في محور إنساني يستفيد من الانقسام وفصل غزة عن الضفة.
وتبدو الفرصة مهيأة للاقتراب بجدية من ملف المصالحة، لأن جميع الأطراف تعيش أزمة صعبة، ما يجعلها تنظر إلى إنهاء الانقسام على أنه خيار مناسب للخروج من الدوامة الراهنة لمواجهة التغيرات المتسارعة.
وأكد بركات الفرا، سفير فلسطين بالقاهرة سابقا، لـ”العرب”، أن المشهد الراهن يعكس تطابق وجهتي النظر المصرية والفلسطينية، بأن العودة لمسار المصالحة أصبح خيارا استراتيجيا لمواجهة التحديات، وأن ترميم البيت الفلسطيني يقطع الطريق على أيّ تسوية تسعى لها الإدارة الأميركية، أو محاولات إسرائيل لتكريس الانقسام

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف