لوّح رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أمس الأحد، بتقديم موعد الانتخابات العامة في حال عدم التوصل إلى صيغة مشتركة لقانون التجنيد الجديد، في غضون أسبوعين. وجاء تهديد نتنياهو في أعقاب إصدار المحكمة العليا قرارا يقضي بتمديد سريان قانون التجنيد حتى الثاني من كانون الأول/ديسمبر المقبل، وذلك كي يتمكن الكنيست من تعديل القانون بما يتلاءم مع قرار المحكمة. وصادق الكنيست على صيغة جديدة للقانون بالقراءة الأولى، لكن الأحزاب الحريدية تعارضها.
سن الكنيست في العام 2014 قانون التجنيد للجيش الإسرائيلي الساري المفعول حاليا، في أعقاب إلغاء المحكمة العليا لقانون تجنيد سابق، كان يُعرف باسم "قانون طال". في ذلك العام، صادق الكنيست على التعديل رقم 19 للقانون الذي طرحه حزب "ييش عتيد"، بقيادة يائير لبيد، الذي كان شريكا في الائتلاف الحكومي برئاسة نتنياهو، وذلك بذريعة "المساواة بتحمل العبء". وامتنع نتنياهو، بضغط من لبيد ورئيس حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت" عن ضم الحريديين إلى حكومته هذه.
وتتعلق هذه القوانين والتعديلات عليها بتجنيد الشبان الحريديين، الذي امتنعوا عن التجند للخدمة العسكرية، بسبب دراستهم التوراة والتعاليم الدينية في الييشيفوت (المعاهد الدينية اليهودية)، بموجب بند "توارتهم حرفتهم". ويرفض معظم اليهود العلمانيين هذا البند ويعتبرون أن الحريديين يشكلون عبئا عليهم، بسبب امتناعهم عن الخدمة العسكرية، وأن من شأن تجنيدهم للجيش أن يدفعهم إلى التوجه إلى العمل والإنتاج وليس استمرارهم في الدراسة في الييشيفوت والحصول مقابل "توراتهم حرفتهم" على مخصصات مالية من الخزينة العامة.
لكن الحريديين انضموا إلى الحكومة الجديدة التي شكلها نتنياهو، في العام 2015، والتي لم تشمل حزب "ييش عتيد". وبموبجب الاتفاقيات الائتلافية لهذه الحكومة، تم إدخال التعديل رقم 19 إلى قانون التجنيد، الذي نصّ على تمديد فترة "تكيّف" وتجنيد الحريديين لعدة سنوات، بعد بلوغ الشاب الحريدي سن 18 عاما. كذلك أرجأ إمكانية فرض عقوبات جنائية على طلاب الييشيفوت، الذين يمتنعون عن التجند، حتى العام 2023، وعندها يكون بإمكان وزير الأمن اتخاذ قرار بشأن هؤلاء الشبان الحريديين.
وفي أعقاب التماس قدمه حزب "ييش عتيد" و"الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل"، ألغت المحكمة العليا، في 12 أيلول/سبتمبر الماضي، بأغلبية ثمانية قضاة من أصل تسعة، التعديلات أعلاه، وخاصة التعديل رقم 21، قررت أن القانون يصبح غير ساري المفعول بعد عام، أي في أيلول/سبتمبر المقبل، وأن تكون هذه الفترة بمثابة مهلة للكنيست كي يسن قانونا جديدا.ووفقا للمحكمة العليا والملتمسين، فإن العيب الأساسي في القانون الذي تم إلغاؤه، هو أن القانون يمنح الطالب اليشيفاة إمكانية عدم التجند للخدمة العسكرية ومن دون فرض عقوبات عليه، وذلك خلافا لغيرهم من المرشحين لهذه الخدمة. كذلك اعتبرت المحكمة أن "القانون يميز بين إنسان وآخر، بين دم ودم وبين دماء ودماء"، وأنه "في النتيجة لا توجد ملاءمة كافية بين تسوية التجنيد الجديدة (بالقانون الذي ألغي العام الماضي) وبين الهدف بتقليص انعدام المساواة في تقاسم عبء الخدمة العسكرية".
مشروع القانون الجديد
صاغت وزارة الأمن الإسرائيلية مشروع قانون تجنيد جديد، أقره الكنيست بالقراءة الأولى حتى الآن. ويقضي مشروع القانون بتجنيد أولي لـ3348 حريديا في العام 2018 الحالي، وأن يرتفع هذا العدد بنسبة 8% خلال العامين المقبلين. كما ينص مشروع القانون على تجنيد 648 حريديا آخر إلى "الخدمة الوطنية". وبعد ذلك، ترتفع نسبة المجندين الحريديين بـ6.5% كل عام، ليصل عدد الجنود الحريديين في العام 2023 إلى 5635. ثم ترتفع نسبة التجنيد هذه بـ5% في الأعوام 2024 – 2027، ليصل عدد المجندين الحريديين إلى 6844 كل عام. ويخلو مشروع القانون الجديد من أي ذكر لعقوبات جنائية ضد من لا ينخرط في الخدمة العسكرية.
لكن حزب "ييش عتيد"، الذي يؤيد مشروع القانون الجديد، يعتبر أن القانون يتضمن عقوبات جنائية، لأنه في حال لم توفر الييشيفوت الحصص المطلوبة منها، فإن ذلك سيؤدي إلى فرض عقوبات جنائية على طلاب الييشيفوت استنادا إلى نصوص القانون المتعلقة بتجنيد مجمل مواطني الدولة. وستكون هذه العقوبات على شكل إيقاف تحويل ميزانيات للييشيفوت، مقابل رفع الحوافز للمجندين وزيادة مخصصات وتمويل الدراسة للقب الأول في الجامعات للذين ينهون الخدمة العسكرية الكاملة.
وتعتبر وزارة الأمن الإسرائيلية أن عدم تجنيد 85% من الحريديين المرشحين للخدمة العسكرية، خلال ثلاث سنوات متتالية، سيؤدي إلى إلغاء القانون. كما أوصت اللجنة التي صاغت مشروع القانون بتوسيع العقوبات الإدارية المفروضة على من يمتنع عن التجند والفارين من الخدمة، وفتح مسارات خدمة عسكرية ملائمة للحريديين، وتقودهم إلى الانخراط في سوق العمل بعد تسرحهم. ويتعين على الييشيفوت دفع 95% من طلابها إلى التجند، وعدم الإيفاء بهذا الشرط سيؤدي إلى فرض عقوبات اقتصادية. وخلال السنتين الثالثة والرابعة لتطبيق القانون ستقلص الحكومة مبلغ الدعم لليشيفوت بسبب عدم الإيفاء بشروط القانون. وفي السنتين الخامسة والسادسة لتطبيق القانون سيتم فرض عقوبات بنسبة مضاعفة عن السنيتن السابقتين، وفي السنتين السابعة والسابعة والثامنة ستتضاعف العقوبات ثلاث مرات.
وتوجد خلافات بين الأحزاب الحريدية، وهي "شاس" و"أغودات يسرائيل" و"ديغل هتوراة"، حول قانون التجنيد. ويرى حزبا "شاس" و"ديغل هتوراة" أنه بالإمكان تقبل مشروع القانون المقترح، وإجراء تعديلات طفيفة عليه، بينما يرفض ذلك حزب "أغودات يسرائيل"، الذي يمثل التيار الحسيدي – الحريدي، وذلك بسبب العقوبات التي يفرضها مشروع القانون على الييشيفوت وطلابها في حال عدم تجند 85% من المرشحين للخدمة. ودفعت هذه المعارضة من جانب "أغودات يسرائيل"، الحزبين الحريديين الآخرين إلى الموافقة معه، بهدف وضع "جبهة حريدية موحدة".
يشار إلى أنه توجد فئات داخل المجتمع الحريدي، مثل "الطائفة الأورشاليمية"، التي ترفض التجنيد العسكري لشبانها بصورة مطلقة. ورغم أن القانون الحالي يسمح بتأجيل تجنيد الشبان الحريديم شريطة التوقيع على ذلك في مكتب التجنيد، إلا أن شبان هذه الفئات ترفض التوجه إلى مكتب التحنيد وإرجاء التجنيد، وبذلك يعتبرون فارين من الخدمة العسكرية. كذلك فإن أنصار هذه "الطائفة" ينظمون مظاهرات صاخبة ويشتبكون مع الشرطة الإسرائيلية، بشكل دائم بعد اعتقال أي "فارٍ من الخدمة". ويهاجمون أي شاب حريدي يتجند للجيش ويعود إلى بيته بالزي العسكري.
انتخابات مبكرة
نقلت وسائل إعلام إسرائييلية عن مصادر في مكتب نتنياهو قولها إن التقديرات في الأسابيع الأخيرة تشير إلى أن انتخابات عامة مبكرة ستجري ما بين شباط/فبراير آذار/مارس المقبلين، وبالاستناد إلى تفاهمات بين الأحزاب الشريكة بالائتلاف، وبينها الأحزاب الحريدية. وكانت أحزاب الائتلاف تأمل بتمديد سريان قانون التجنيد الحالي لسبعة أشهر، وحتى بداية الربيع المقبل، وليس لشهرين فقط. وبذلك، تشير التقديرات إلى أن سن قانون التجنيد الجديد سيتم في ولاية الحكومة القادمة.
ويتوقع أنه في حال تقرر تقديم موعد الانتخابات العامة، فإن نتنياهو سيعمل على تنفيذ ذلك من خلال قانون حل الكنيست، خاصة وأنه لا مشكلة في تجنيد 61 عضو كنيست يؤيدون قانونا كهذا. ويرجح أن تحل الكنيست نفسها في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وليس قبل ذلك، من أجل أن يتمكن الائتلاف من سن سلسلة قوانين بعد عودة الكنيست من عطلتها الصيفية في نهاية تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
ولفت محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرطر، اليوم الاثنين، إلى أن مشروع قانون التجنيد الجديد سيكون أحد المواضيع الأولى والملحة في المفاوضات الائتلافية لتشكيل الحكومة المقبلة. "المحكمة العليا لن تسمح بالمماطلة إلى ما لا نهاية. والحريديين لن يجدوا صفقة أفضل من تلك المطروحة أمامهم الآن. هل سيعلن أغودات يسرائيل أنه سيحكم على نفسه العيش في المعارضة طوال ولاية كاملة بسبب ’الحفاظ على مكانة أبناء الييشيفاة’؟ فليتفضلوا لنراهم يفعلون ذلك".
عرب ٤٨

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف