يتساءل المراقبون، هنا، في رام الله، إذا كان قرار ترامب وقف تمويل وكالة الغوث، وشن حرب مفتوحة ضد قضية اللاجئين وحقهم في العودة والحياة الكريمة، سوف يشكل سبباً يدعو القيادة الرسمية لإعادة النظر بسياستها، إن في طريقة معارضة «صفقة العصر»، في إطار كلامي لا يرتقي إلى المستوى المطلوب من الاشتباك العملي والميداني، أو في تبنيها ما تبقى من اتفاق أوسلو والتزاماتها نحوه، أو في تلويحها الذي لم يتوقف عن الاستعداد للمقايضة بين حق العودة والتنازل عنه، مقابل الفوز بالدولة المستقلة.
ويضيف المراقبون أن خطوات ترامب، وإلى جانبه نتنياهو، باتت واضحة في توجهها الميداني لإغلاق الطريق على قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، كاملة السيادة وعلى حدود 4 حزيران، وأن الطرفين يحاولان تلفيق صيغة فاسدة، بديلاً للدولة، وبالتالي لم تعد المقايضة «ذات جدوى» في ظل التطورات الجديدة.
ويقول المراقبون أن القيادة الرسمية الفلسطينية قدمت في ملف اللاجئين خطوات تنازلية بعثت من خلالها رسائل إلى الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، عن استعدادها للمساومة على حق العودة إلى الديار والممتلكات لصالح انتقال أعداد من اللاجئين للسكن في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، ونقل الآخرين إلى دول الهجرة في أنحاء من العالم.
كما تحدثت بوضوح عن قبوله إسقاط حق العودة مقابل «حق النظر» إلى الديار والممتلكات، فضلاً عن دعوتها الدول العربية لتجنيس اللاجئين جماعياً، وقبولها المبادرة العربية في بيروت (2002) التي دعت إلى «حل عادل لقضية اللاجئين متفق عليه» مع الجانب الإسرائيلي، ما يمنح إسرائيل حق الفيتو والاعتراض على حق العودة، ويعطيها الحق في أن تكون شريكاً في تقرير مصير اللاجئين الفلسطينيين. فضلاً عن مشاركة وفد رسمي باسم السلطة الفلسطينية في مؤتمر «جنيف ـــ البحر الميت» نهاية العام 2003، وافق الوفد على حل بديل لحق العودة، يدعو إلى توفير «مكان سكن دائم» للاجئين في أنحاء العالم، ما يعني تهجيرهم مرة أخرى الأمر الذي دعا وسائل إعلام غربية وعبرية، للإعلان بوضوح أن الجانب الفلسطيني المفاوض قد تخلى رسمياً وعلناً عن حق العودة، في مقايضة مكشوفة على أمل الحصول بدلاً من ذلك على الدولة الفلسطينية، على حدود 4 حزيران «مع تبادل متفق عليه للأراضي»، الأمر الذي يعطي إسرائيل الحق في ضم المستوطنات إليها.
ويرى المراقبون أن تعطيل عمل وكالة الغوث، عبر قطع التمويل عنها من شأنه أن يحدث اضطرابات في المخيمات الفلسطينية خاصة وأن اللاجئين، يعتمدون على الأونروا في ملفين كبيرين، هما التعليم والصحة، إلى جانب الخدمات الأخرى، كالإيواء والمساعدات الغذائية وغيرها.
وإذا ما تضررت هذه الخدمات، خاصة التعليم والصحة، فإن ردود الفعل في المخيمات سوف تكون صاخبة، وسوف تكون م.ت.ف، هي الجهة التي سيطالب اللاجئون أن تتولى الدفاع عن قضاياهم. وبالتالي سوف تكون م.ت.ف وقيادتها أمام امتحان عسير، إذا لم تتراجع عن سياسات التمسك ببقايا أوسلو، والرهان على «حل ما» من قبل الولايات المتحدة، وإذا لم تتجه وجهة جديدة، نحو تطبيق ما تم الاتفاق عليه وإقراره في المجلس المركزي والمجلس الوطني، وإعادة ترتيب الصف الوطني بإنهاء الانقسام، وإعادة بناء المؤسسة الوطنية على أسس توافقية تشاركية، تستنهض عناصر القوة في الحركة الشعبية وقواها السياسية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف