قال يسرائيل هرئيل، مؤسس مجلس المستوطنات ورئيسه الأول وأحد أبرز مفكري وصحافيي الصهيونية – الدينية، إنه كان أول المبادرين لـ"قانون القومية" العنصري والذي يعتبر أن لليهود فقط حق تقرير المصير في فلسطين وألغى مكانة اللغة العربية كلغة رسمية. وأضاف أن فكرة القانون، كقانون أساس ذي صبغة دستورية، نشأت في أعقاب محاولة تشكيل دستور في "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، إذ رأى أنه سيكون "دستورا يساريا".وقال هرئيل في مقابلة أجرتها معه صحيفة "ماكور ريشون"، في نهاية الأسبوع الماضي، إنه "كنت عضوا في المجلس العام الذي رافق مشروع قانون المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، ولم تعجبني الكثير من البنود. وعندها اختمر في قلبي القرار بأن أكتب مشروع قانون آخر. وكان هذا الأساس لتأسيس ’المعهد لإستراتيجية صهيونية’ في بداية العام 2005. وبعد أن وضعنا مسودتنا للدستور، توجهنا إلى لجنة القانون والدستور في الكنيست، التي بحثت مشروع قانون المعهد للديمقراطية، وطالبنا بأن تبحث الصيغة التي بلورناها. وعقدت اللجنة مداولات طوال سنة ونصف السنة، لكن اتضح أنه بسبب معارضة الحريديين، لن يتم سن أي اقتراح".
بعد ذلك كان هناك اقتراح بتحويل صيغة الدستور اليميني إلى مشروع قانون أساس. وأضاف هرئيل أن "صياغة مشروع قانون أساس استغرقت بضعة أشهر. وتوصلت إلى الاستنتاج أن الأجدى هو البدء بالعمل على ذلك مقابل حزب كاديما، الذي ترأسته تسيبي ليفني حينها. وقد اعتبرت أنه إذا عملت تسيبي على هذا، فإن اليمين لا يمكنه أن يعارض طبعا. وفي البداية سارت معنا. وكان ذلك في العام 2009، واتفقنا على أن طاقما مشتركا منا ومن كاديما سيعمل على الصيغة النهائية. وفجأة اختفت تسيبي. واتضح أنهم قالوا لها إنه إذا قادت هذا الأمر فإنها لن تتحول إلى زعيمة اليسار. فارتدعت، لكنها سلمت الأمر لآفي ديختر، الذي كان عضو كنيست عن كاديما".
ولفت هرئيل إلى أن أعضاء كنيست من حزب العمل، بينهم بنيامين بن إليعزر وإيتان كابل، "الذين ليس فقط أيدوا مشروع القانون، بل أرادوا تسجيلهم كمبادرين له. ولو كان بيبي (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو) ذكيا لقفز على هذا، وكان سيصادق على القانون بإجماع كبير جدا. لكن بيبي بالذات وضع عراقيل. وقال إنه ينبغي دراسته أكثر، وجرّ الموضوع بانتظار توقيت مريح له، بحيث يتمكن من استعراضه كمبادر لهذه الخطوة".
بعد ذلك غادر هرئيل رئاسة "المعهد لإستراتيجية صهيونية" وانتهت علاقة هذا المعهد بمشروع "قانون القومية". ويقول هرئيل الآن إنه ليس راضيا من "قانون القومية"، لأنه أصبح الآن "منتوف الريش، وتم إدخال عدة أمور مركزية كانت فيه بصورة إعلانية فقط. ثمة حاجة لصياغات واضحة أكثر، ربما تؤدي في الأمد القصير إلى مواجهة بين قطاعات، لكن في الأمد البعيد، في تقديري، ستوضح صورة الوضع في الدولة وهذا سيؤدي إلى هدوء. ورغم ذلك، فإن مقولة القانون بصيغته الحالية قوية جدا، وواضح أن هذا الأمر المركزي الذي سيستخدمه بيبي في الانتخابات المقبلة".
وبما أن الانتقاد المزعوم الأساسي في السجال الإسرائيلي الداخلي حول القانون هو أنه يخلو من كلمة مساواة لجميع المواطنين في إسرائيل، رأى هرئيل أن هذه الكلمة لا ينبغي أن تكون في "قانون القومية"، لأن "كل استنفاذ القانون هو في البنود القومية". وأضاف بديماغوغية، أنه حتى في "قانون أساس: حرية الإنسان وكرامته" لا تظهر كلمة مساواة.
"الصهيونية – الدينية ستصل للحكم"
أوضح هرئيل أن "مجلس المستوطنات" لم يعد هيئة تمثيلية اليوم، "لأنه نشأت في يهودا والسامرة مدنا ومجالس إقليمية كبيرة ليست بحاجة لمجلس كهذا يمثلهم أمام السلطة. ولم تعد هذه الهيئة قائمة في أعقاب تعاونها مع الحكومة أثناء عملية الانفصال (عن قطاع غزة)... ويوجد في السلطات المحلية في يهودا والسامرة اليوم مئات الموظفين، وهم متعلقون بالكامل بالسلطة من أجل استمرار وجودها. وبسبب تناقض المصالح هذا لم يكن هناك نضالا حقيقيا في غوش قطيف" أي الكتلة الاستيطانية التي تم إخلاؤها من قطاع غزة، في العام 2005.
ولفت هرئيل إلى أمر هام، بقوله إنه "قبل ذلك (أي قبل الإخلاء) كانت هناك تفاهمات بين قيادة المستوطنات وقيادة الجيش. وأنا تواجدت في الميدان، وشاهدت العناق والهماسات بين الجانبين. ومعظم التوتر كان مزيفا... وبالمناسبة، الشلل لم يكن من جانب قادة المستوطنين فقط، وإنما من جانب الحاخامات أيضا. بدا كأنهم جاءوا من أجل دعم الجمهور، لكنهم لفوا ذيلهم عندما اتضح أنه يتعين عليهم البقاء مع الشبان لفترة طويلة. إذ أنه لو بقي الحاخامات مع الشبان، ودعوا الآلاف من تلاميذهم إلى المجيء والبقاء إلى جانبهم، لمنعوا الإخلاء. إذ لا يمكن أن يقف الجيش مقابل 20 ألف شخص يصرون على البقاء".
ورغم أن هرئيل، والصهيونية – الدينية عموما، صورت خطة الانفصال أنها نكسة بالنسبة لها، لكن هرئيل اعتبر أنه "أشعر منذ بضع عشرات السنين أن مستقبل دولة إسرائيل كله ملقى على أكتاف الصهيونية - الدينية. وغياب أي فكر آخر مسألة وقت وحسب. الحريديون سيبقون يهودا بالطبع، لكن ليس لديهم القدرة على حكم دولة؛ والصيغة العلمانية مارقة بكل بساطة. وبرأي هذا هو أساس الكراهية لنا؛ الشعور بالإحباط من أنه لا يمكنهم منافستنا، ونحن ’نسيطر’ تدريجيا على المشروع الصهيوني. ولا أقول هذا باعتزاز أو استعلاء، وإنما بأسف شديد، لأن هذا يعني أن الآخرين غادروا المعركة. ولا يمكن إنكار ذلك".
وأضاف أنه "حتى لو فشل المشروع الاستيطاني بالكامل وتم إخلاء جميع المستوطنات، فإني سأستمر في الاعتقاد أنه كان مجديا، لأن هذا المشروع رفع من شأن الصهيونية – الدينية إلى درجة قيادة الدولة، وهذا بنظري تحول هام لصمود الصهيونية. وأنا ما زلت أعتقد ذلك".
الجدير بالإشارة أن أقوال هرئيل تأتي على خلفية أن الصهيونية – الدينية هو تيار صغير نسبيا، وحتى أنه كان مهمشا داخل الحركة الصهيونية قبل تأسيس إسرائيل، وكان يعتبر جناحا "معتدلا" بعد تأسيسها، بسبب تحالفه مع حزب "مباي" الحاكم ومشاركته في الحكومات، وذلك قياسا بالتيار التنقيحي اليميني لحزب حيروت، الذي أصبح اسمه حزب الليكود، الذي يرأسه نتنياهو. وبرزت الصهيونية – الدينية بقوة في أعقاب حرب العام 1967 واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، وتأسيسهم للحركة الاستيطانية "غوش إيمونيم"، التي بدأت المشروع الاستيطاني.
ورغم أن الصهيونية – الدينية تشكل أقلية في إسرائيل، إلا أن هرئيل اعتبر أنها "ستؤثر بروحها على الآخرين. وستحدث عملية عودة إلى اليهودية، ليس بالمفهوم الديني حصرا وإنما من حيث كونها عنصر هام في الهوية. وهذا يحدث حاليا، من خلال إقامة الكليات العلمانية والنوى الاستيطانية التربوية في المدن".
"على نتنياهو أن يتنحى"
هاجم هرئيل نتنياهو في العديد من مقالاته الأسبوعية في صحيفة "هآرتس". وقال إنه "أعتقد أن على نتنياهو التنحي. وقد كتبت في الماضي أن مصير نتنياهو كمصير (سلفه في رئاسة الحكومة الذي أدين بالفساد ايهود) أولمرت. جميع الفاسدين يجب أن يتنحوا. ولا شك لدي أنه فاسد. وهو يشعر كأنه ملك. ويوجد خطر في أن نشيطي الليكود يسيرون خلفه من دون أن يفحصوا بجدية الشبهات ضده. وهو يحصل على شيك مفتوح ليفعل ما يريد. وهذا وضع خطير جدا بالنسبة لزعيم".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف