بقلم: جدعون ليفي
هآرتس 20/9/2018
حتى نهاية كل الأجيال، لن تستطيع دولة إسرائيل والشعب اليهودي تعويض الشعب الفلسطيني عن كل ما فعلوه بحقهم. لا على الأضرار المادية ولا على الأضرار المعنوية، ولا على الأضرار الجسدية ولا الأضرار النفسية، ولا الأملاك والأراضي التي سلبت والحرية والكرامة التي سحقت. ليس على القتل والثكل ولا على الجرحى والمعاقين الذين تحطم عالمهم وليس بالإمكان إصلاحه، ولا على مئات الآلاف الذين تم تعذيبهم وحبسهم دون ذنب، ولا على الأجيال التي منعت من فرصة معقولة لحياة طبيعية.
ليس هناك وقت مناسب أكثر من يوم الغفران للتفكير بذلك. إسرائيل لم يخطر ببالها في أي يوم بالطبع البدء بعملية اعتراف بالمسؤولية، وتعويض وإصلاح الظلم. اليوم ليس هناك ما نأمله من محتل وضع نفسه كضحية، ويتهم كل العالم، باستثناء نفسه، بكل المظالم التي يرتكبها. ولكن حتى هذا لا يكفيه.
بين الفينة والأخرى يتم تحطيم رقم قياسي آخر: الدولة، ومنظمات أو أفراد في إسرائيل وفي العالم اليهودي، يقدمون دعاوى ضد الفلسطينيين على الأضرار التي لحقت بهم نتيجة العمليات الإرهابية.
هكذا مثلا«خط العدل»، وهي منظمة تعتبر نفسها «منظمة حقوق إنسان يهودية»، تقيم الدنيا في البلاد والخارج بسبب تقديمها دعاوى ضد الفلسطينيين، أفراد ومؤسسات، باسم الضحايا اليهود. هذا العمل النذل الذي تقف خلفه فرضية أن الضحية هي المجرم، وأن الدم اليهودي هو الدم الأحمر، ولذلك هو فقط الذي يستحق التعويض، وتحظى من حين لآخر بنجاحات معظمها في مجال الدعاية.
في حين أن دولة إسرائيل تمتنع عن تقديم أي تعويض عن الدمار والقتل المنهجي الذي زرعته في أراضي فلسطين منذ 1948 وحتى الآن، هناك من يطالبون بوقاحة بتعويضات من الفلسطينيين. قطاع غزة تم تدميره على أيدي إسرائيل المرة تلو الأخرى بطرق مخيفة، لكن إسرائيل لم تقدم في أي يوم يدًا سخية من أجل المساعدة في إعادة إعماره. الجيش قتل خلال سنوات كثيرة أشخاصًا، وكثير منهم أبرياء، ومن بينهم نساء وشيوخ وأطفال، والفلسطينيون يطلب منهم التعويض.
في إطار جنون الأنظمة هذا، ثمة بيوت كانت تعود لليهود قبل 1948 تتم إعادتها بواسطة الجهاز القضائي الإسرائيلي إلى أصحابها الأصليين. من خلال نزع ملكية أولئك الذين يعيشون فيها منذ عشرات السنين. في الوقت الذي لم يتم فيه إعادة الأملاك الفلسطينية التي سلبت أو تركت منذ عام 1948 إلى أصحابها الشرعيين في سلوان والشيخ جراح وأماكن أخرى فإن أعلام إسرائيل تتزايد ومعها مئات من الفلسطينيين الذين يطردون من بيوتهم بصورة مخجلة، بأمر من المحاكم المؤتمنة على مبادئ العدل والمساواة. وإذا أراد أحد معرفة إلى أي درجة تلك المحاكم الإسرائيلية مصابة بالتعفن الأخلاقي، وإلى أي درجة هي بعيدة حقًا عن مبادئ المساواة والعدل، فهنا يكمن الدليل.
وهذا أيضًا لا يكفي، وهذا الأسبوع تم تحطيم الرقم القياسي؛ قاضي المحكمة اللوائية في القدس، موشيه دروري، قال إن اليهودي الذي تضرر من عملية إرهابية يستحق تعويضًا ماليًا لكونه يهوديًا، دون إثبات الضرر، وذلك استنادًا إلى قانون القومية الذي ينص على أن الدولة تحرص على سلامة اليهود. الدائرة أغلقت والأمر انتهى.
يدور الحديث الآن عن قانون عنصري حقيقي، حسب تفسيرات المحكمة لقانون القومية. منذ الآن هناك في إسرائيل نواين من الدم، يهودي وغير يهودي، حسب كتاب قوانين الدولة. ثمن هذه الدماء مختلف؛ فالدم اليهودي أغلى من الذهب ويجب الحفاظ عليه من كل سوء، والدم غير اليهودي رخيص جدًا ويمكن سفكه مثل المياه.
لواقع الذي وجد حتى الآن بالقوة فقط ومع معايير وأنظمة عقاب مختلفة لليهود وغير اليهود، هو قانون المحاكم.
سبعون سنة من القومية المتطرفة والعنصرية تحظى الآن بالدعم القانوني الذي تستحقه. قانون القومية الذي قالوا إنه تصريحي فقط، يحظى بالتفسير الصحيح للقاضي دروري، لتطبيق معناه الحقيقي؛ قانون أساس: تفوق الدم اليهودي. ومنذ الآن ثمة قانون عنصري في إسرائيل.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف