أي هدية عيد ميلاد يمكن اعطاؤها لصديقة يسارية؟ جولة في جنوب جبل الخليل. المحطة الاولى كانت قرية قواويس. كل تجريد للمفاهيم يحتاج الى مرساة من التفاصيل والحقائق، ومن غير الصديقة التي هي ايضا محاضرة في الفلسفة (نعم، هي عنات مطر) تعرف تقدير الحقائق، لا سيما تلك التي تقع خارج اهتمام الجمهور. ولماذا يهتم الجمهور الاسرائيلي بقرية اسمها قواويس، التي حاول اسرائيليون في الماضي السيطرة على المباني فيها، ودولته تحظر عليها وعلى عشرات القرى الفلسطينية الاخرى البناء، وتفرض عليها تقليص ومغادرة القرية في تطلع واضح الى أن تتبخر.
حتى التنهد يحتاج الى شيء مرئي: السيارات العسكرية التي ظهرت فورا عندما انحرفنا عن الشارع الذي تم شقه بعناية والذي يؤدي الى البؤرة الاستيطانية غير القانونية متسبيه يئير، وصعدنا الى الارض الصخرية التي تؤدي الى حقل زيتون. أو الجنود في الجيب العسكري الذين حدقوا بنا من فوق التلة عندما تحدثنا مع اثنين من سكان القرية الصغيرة.
هدف الزيارة كان كومة الانقاض – غرفة للأدوات الزراعية بناها شخص على ارضه الخاصة، التي حرصت قوة من الادارة المدنية على هدمها قبل خمسة ايام من ذلك. هذا خلافا للمادة 6ح من مجموعة الأوامر الدائمة للإدارة المدنية في الضفة الغربية، فرع البنى التحتية، الامر رقم 273 الصادر في حزيران 2016، اجراءات اللجنة الفرعية للإشراف. هذا هو نص المادة الذي يتناول احكام البناء غير القانوني: "يجب التأكيد على أنه طالما يتم بحث طلب تصريح تخطيطي وحتى يوم اجراء النقاش في موضوع الطلب، في اللجنة الفرعية للإشراق، فان اجراءات تطبيق الاجراءات التنظيمية (أي هدم البناء) تجمد".
قبل نحو ثلاثة اسابيع من زيارتنا فان سكان البؤرة غير القانونية، التي جزء منها بنيت على اراضي فلسطينية خاصة وجزء على اراضي فلسطينية عامة، شاهدوا بناء على ارض خاصة لأحد سكان قواويس. قاموا باستدعاء الادارة المدنية لتطبيق القانون والنظام. بعد بضعة ايام، في يوم السبت المقدس، أعدت الدولة قوة عسكرية ومفتشين من الادارة لمصادرة ادوات عمل قرب المبنى. في نفس اليوم بالضبط سكان البؤرة غير القانونية في متسبيه يئير هاجموا نشطاء "تعايش" امام اعين الجنود الذين لم يعرفوا كيف يواجهوا العنف الغاضب.
بعد يومين تم تقديم أمر لوقف اعمال البناء. حسب الاجراءات في 26 آب جرى بخصوصه نقاش في الادارة المدنية. اعطيت لصاحب الارض مهلة اسبوع للقيام بما يجب عمله: تقديم طلب لرخصة بناء بعد أن تم البناء. الطلب قدم في 27 آب، والرسوم دفعت، وتم فتح ملف للطلب وأعطي له رقم من الادارة المدنية. المحامي سيد قاسم ايضا ارسل بريد الكتروني في اليوم التالي، 28 آب، الى انجي دهان، مركزة اللجنة الفرعية للإشراف في الادارة المدنية في بيت ايل وابلغها عن تنفيذ الاجراءات المذكورة آنفا، مرفق بالوثائق. ولكن في 2 ايلول قامت قوة من الادارة المدنية بهدم المبنى الصغير.
من الادارة المدنية جاء بواسطة المتحدثة باسم منسق اعمال الحكومة في المناطق، أن "تنفيذ القانون نفذ وفقا للإجراءات، وتقديم طلب لرخصة البناء لا يمنع بالضرورة تنفيذ القانون"، كما ادعي بأن "مركزة اللجنة ليست مسؤولة عن تلقي طلبات الترخيص". ولكن من احداث مشابهة اخرى يعرف المحامون أن هذا بالضبط ما عليهم القيام به: ابلاغ السيدة دهان. في يوم الهدم كان المحامي قاسم بالصدفة في مكاتب الادارة المدنية في بيت ايل. وبناء على طلبه قامت موظفة بفحص الامر في الحاسوب وقالت له إنه لا يوجد امر بهدم المبنى. ولكنه هدم فعليا. من الذي نفد صبره؟ المتحدثة باسم منسق اعمال الحكومة في المناطق لم ترد على طلب "هآرتس" بالرد على الاستنتاج بأن موظفي الادارة المدنية سارعوا الى الهدم رغم الاجراءات، لأن هذا ما يطلبه المستوطنون في المنطقة، الذين يريدون رؤية فضاء خالٍ من الفلسطينيين.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف